لماذا هدر الأدوية مشكلة عالمية وليست محلية؟ وهل ثمة حلول لها؟ نشرة التشريعات في أسبوع البريدية - العدد #107

29 سبتمبر 2025 بواسطة عبدالعزيز ال رفده #العدد 107 عرض في المتصفح
هدر الأدوية بين الواقع العالمي والتجربة السعودية

روسيا تقترب من أول تجربة سريرية للقاح mRNA مضاد للسرطان

أعلن ألكسندر غينزبورغ، مدير مركز "غاماليا" الوطني لبحوث الأوبئة والأحياء الدقيقة في موسكو، أن العلماء الروس باتوا على استعداد لبدء علاج مجموعة من مرضى السرطان بلقاح تجريبي يعتمد على تقنية mRNA خلال ستة أسابيع فقط.

جاء التصريح في جلسة نقاش بعنوان “تاريخ الريادة الروسية في العلوم والتكنولوجيا الطبية”، حيث أوضح غينزبورغ أن الفريق البحثي أنهى اختيار المرضى المستهدفين وحدد بياناتهم الجينية الفردية بدقة، ما يمهد للانتقال إلى مرحلة العلاج الفعلي قريباً.

اللقاح الجديد صُمم لعلاج مرضى سرطان الجلد (الميلانوما)، ويعتمد على مستضدات مبتكرة مخصصة لكل حالة. الفكرة الجوهرية أن كل مريض يتلقى لقاحًا شخصيًا يُبنى على خصائصه الجينية، بدلاً من الاعتماد على صيغة دوائية موحدة.

يلعب الذكاء الاصطناعي دوراً محورياً في تطوير هذا النهج، إذ يتولى تحليل مؤشرات الورم ورسم “خريطة” علاجية دقيقة، قبل أن يبدأ المتخصصون بتحضير اللقاح في غضون أسبوع واحد فقط.

شركة "إيلي ليلي Eli Lilly" تستثمر 6.5 مليار دولار لبناء مصنع ضخم في تكساس لإنتاج أدوية السمنة

أعلنت شركة إيلي ليلي Eli Lilly الأمريكية عن استثمار قياسي بقيمة 6.5 مليار دولار لبناء منشأة تصنيع جديدة في مدينة هيوستن بولاية تكساس، لتعزيز طاقتها الإنتاجية في مجال الأدوية الجزيئية الصغيرة، وعلى رأسها حبوب السمنة التجريبية أورفورجليبرون Orforglipron .

ويأتي هذا المشروع ضمن خطة استثمارية أوسع أعلنتها الشركة في وقت سابق من العام، تشمل ضخ ما لا يقل عن 27 مليار دولار لبناء أربعة مصانع جديدة في الولايات المتحدة خلال خمس سنوات، إضافة إلى 23 مليار دولار تم استثمارها منذ عام 2020. ولم تُعلن الشركة بعد عن مواقع المصانع الثلاثة الأخرى، المقرر الكشف عنها قبل نهاية العام.

وأكد الرئيس التنفيذي، ديفيد ريكس، أن منشأة هيوستن ستُتيح إنتاج أورفورجليبرون على نطاق واسع، مما قد يوفر خيارًا علاجياً محوريًا لملايين المرضى الذين يفضلون الأقراص على الحقن في معالجة السمنة والسكري من النوع الثاني.

كما سيُخصص المصنع لإنتاج أدوية جزيئية صغيرة في مجالات القلب والأيض والأورام والمناعة والأعصاب، بفضل ميزتها في سهولة التناول وانخفاض تكلفة الإنتاج مقارنة بالعلاجات القابلة للحقن.

***

أبحاث علمية منشورة 💡

  1. حجم وخصائص الأحداث السلبية للأدوية في المملكة العربية السعودية: مراجعة منهجية.
  2. فعالية وسلامة ريسانكيزوماب Risankizumab في الصدفية: تحليل شامل من سجل الصدفية في المملكة العربية السعودية (PSORSA).
  3. الصرع المقاوم للأدوية Drug-resistant epilepsy في المملكة العربية السعودية: الانتشار والعوامل التنبؤية ونتائج العلاج.
***

لا زلت أتذكر صدماتي المتتالية منذ التحاقي في مجال المستشفيات منذ العام 2018 م وذلك عند رؤيتي لكميات الأدوية المهدرة اليومية والتي لا يمكن إعادة استخدامها بأي شكل من الأشكال، أو تلك الكميات المتراكمة من الأدوية الرجيعة التي هي بحاجة لعدد من الموظفين الذين يتوجب عليهم فرزها واحدة تلو الأخرى، وهو موقف متكرر ترى فيه عديد الأشخاص يتذمرون تجاهه، دون وجود حلول عملية تخفف هذا الكم الهائل من الأدوية أو تزيله تماما.

فكيف يكون هناك هدر أو مرتجعات للأدوية مع أن هناك الكثير من الصيادلة الذين يستيقظون كل صباح في التدقيق على الأدوية المتوفرة، والجرعات الصحيحة، ومعرفة البدائل المحتملة للأدوية المنقطعة، ثم إعدادها في صبيحة كل يوم؟ لتجد في نهاية اليوم كومة متراكمة من الأدوية التي أخذت الكثير من الجهد، وكأن كل ما قمت به ليس سوى مضيعة للوقت استهلكت من طاقتك الجسدية والذهنية، ولم يستفد منها المريض في نهاية المطاف أيا يكن السبب لهدرها أو إرجاعها!

هذا المعاناة المتكررة جعلتني أفكر كثيرا حول الأمر، من المستحيل ألا يكون هناك ثمة حلول تجاهه، ومن الواقعي أن يكون في أرض الميدان عديد التحديات، ولكن أؤمن تماما بأنه ومع تظافر الجهود حتى ولو كان هناك نقصا يعاني منه الكادر الطبي الصحي من الصيادلة والفنيين.

بل أعلم تماما بأن مثل هذه القضية ليست شيئا نعانيه فقط في قطاعنا الصحي بالمملكة العربية السعودية إنما هو شأن عالمي أيضا باختلاف الزمان والمكان، لذا آثرت تسليط الضوء في هذه النشرة عن هذا الموضوع، ولكي تكون البداية واضحة مع معاناة الهدر الدوائي والمرتجع منها ، فكيف نعرّف “هدر الأدوية Drug waste” بشكل مرجعي؟ 

ما هو تعريف الهدر الدوائي Drug waste؟

تعرف الأدوية المهدرة بأنها الأدوية التي لا يمكن إعادتها أو إعادة استخدامها، وهي تشمل الأدوية منتهية الصلاحية، أو التالفة damaged، أو التي لم تعد هناك حاجة إليها، أو غير الصالحة للاستخدام المخصص لها.
بمعنى آخر أكثر تبسيطا النظام الصحي البريطاني (NHS) يعرّف “الأدوية المهدرة Drug waste” بأنها كل دواء صُرف أو جُهّز ولم يُستخدم لسبب ما سواء كان ذلك إيقاف العلاج، أو تحسن الحالة، أو تعديل الجرعة، أو حتى وفاة المريض.

التعريف من موقع النظام الصحي البريطاني NHS

هذا التعريف من المرجعية العالمية للنظام الصحي البريطاني يبقي لدينا بعض الأسئلة في البال هل هذا مجرد وصف أكاديمي؟ أم أن هناك أرقامًا ضخمة تؤكد أن الهدر واقع عالمي ملموس؟

ما هو حجم الهدر العالمي للأدوية؟ 

في دراسة أجريت في بريطانيا بالتعاون ما بين جامعتي بريطانيا ويورك في العام 2010 م تطرقت فيه عن نطاق الأدوية المهدرة وأسبابها، وتكاليفها بعنوان (Evaluation of the Scale, Causes and Costs of Waste Medicines) وهي دراسة كبيرة وشاملة ذكرت بأن حجم الأدوية المهدرة في الرعاية الأولية وصيدليات المجتمع Primary & community care قد بلغت 300 مليون باوند بريطاني (أي ما يقارب مليار وخمس مئة مليون ريال سعودي بقيمة اليوم). 

هذا الرقم الضخم المفقود كهدر من ميزانيات دولة مثل بريطانيا كان بالإمكان أن يتم استثماره في قطاعات أخرى مثل الصحة والتعليم والبنية التحتية والتقنية أو حتى الأعمال الاغاثية الإنسانية للشعوب المنكوبة، ولكن في حقيقة الأمر لم يستفد منه المستخدم النهائي "المريض" إما لتحسن حالته، أو تغيير خطته العلاجية بسبب ظهور الأعراض الجانبية، أو بتكرار الصرف الذي لم يراعى فيه لاحقا تعديل الطريقة العلاجية، أو ربما حصول الوفاة بحد ذاته. 

هذا الرقم من دولة متقدمة في الرعاية الطبية مثل بريطانيا حتى ولو كان قديما منذ العام 2010 م ووجود العديد من التقلبات العالمية مثل فايروس كورونا أو توفر الأدوية عالية التكلفة لعلاج الأمراض المزمنة لاحقا بعد هذا التاريخ، أو خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لا يزال يعد رقما مرجعيا لأن التكهنات قبل صدور مثل هذا التقرير كان يشير إلى أن حجم الأدوية المهدرة في بريطانيا يتراوح ما بين 100 مليون - 800 مليون باوند سنويا، ولكن جاء هذا التقرير ليضع صورة واضحة لصناع القرار من أجل الوعي بهذه المشكلة وتدارك الأمر بوضع حلول لها. 

فقد ِأشار التقرير نفسه بأن نصف هذا الهدر لا يمكن منعه (لأسباب طبية بحتة)، لكن النصف الآخر قابل بالفعل للتقليل عبر السياسات التي يمكن التدخل عن طريقها لتقليل هذا الهدر المهول في صناعة الأدوية واستخدامها، ويأتي سؤال آخر هنا إذا كان هذا في نظام صحي متقدم، فكيف تبدو الصورة عندنا محليًا؟

ما هي حجم الأدوية المهدرة أو المرتجعة لدينا محليا؟ 

من يعمل في قطاع المستشفيات ذات السعة السريرية الضخمة، يدرك تماما حجم العمل اليومي والكثيف الذي يقوم به من يعمل في وحدة المحاليل الوريدية، لذا هذه الجهود الكبيرة قد يقابلها العديد من الاحباطات اليومية حينما ترى وبشكل يومي أن هناك جهدا ماديا وجسديا قد أهدر أمام عينيك حينما ترى كمية كبيرة من الأدوية الراجعة إلى صيدلية المحاليل الوريدية دون أن ينتفع بها.

ففي دراسة أجريت بمدينة الملك عبدالعزيز الطبية بالرياض "مستشفى الحرس" في العام 2017 م تم فيها تقييم الأسباب والآثار الاقتصادية للأدوية المرتجعة للمحايل الوريدية IV medication في مستشفى مرجعي ومهم في المملكة العربية السعودية وقد حمل البحث عنوان (Evaluation of the causes and cost impact of returned intravenous medications at a tertiary care hospital in Riyadh, Saudi Arabia) وهي دراسة رصدية مقطعية Cross-sectinal observational study استمرت لمدة شهر واحد. 

أظهرت النتائج أن إجمالي الأدوية المرتجعة بلغ 2,061 تحضيرًا ، كان منها حوالي 1,434 تحضيرًا (70%) غير قابل لإعادة الاستخدام وبالتالي مهدورًا Wasted، وقد بلغت القيمة المالية للأدوية المرتجعة حوالي 100 ألف ريال خلال شهر واحد فقط، في حين أن قيمة الأدوية المهدورة فعليًا (غير القابلة لإعادة الاستخدام) بلغت نحو 52 ألف ريال (أي ما يعادل 51.7% من إجمالي القيمة).

أما عن الأسباب الأكثر شيوعًا وراء عودة هذه الأدوية، فقد جاء في طليعتها إيقاف العلاج نفسه D/C medication بنسبة 45%، تلاه صرف كمية إضافية غير لازمة بنسبة 19%، كما ظهرت أسباب أخرى مثل وفاة المريض أو تغيير الجرعة أو تعليق الدواء.

وبالنسبة للأدوية الأكثر إرجاعًا Returned، فقد تصدّر Potassium chloride القائمة، تلاه دواء Vancomycin ثم Metronidazole، إضافة إلى Tazocin (piperacillin/tazobactam)، أما قيمة الهدر المالي الأكبر فقد ارتبطت بالمضادات الحيوية تحديدًا دون بقية فئات الأدوية الأخرى.

فعند الرجوع لبيانات هذه الدراسة لوحظ بأن أغلب الأدوية المرتجعة هي من أقسام العناية المركزة بمدينة الملك عبدالعزيز الطبية في ذلك الوقت، ولكن الآن وحينما عرفنا حجم المشكلة محليًا، فهل يكفي مجرد النظر لهذه الأرقام والنسب احصائيا؟ أم نحتاج إلى حلول عملية؟

ما هو مبدأ باريتو الذي يتم اللجوء إليه كحل لمثل هذه المشاكل المتعلقة بالأدوية؟ 

خلال بحثي عن حلول لهذا الموضوع في التعامل مع الأدوية المهدرة والرجعية لفت انتباهي البحث المنشور في العام 2024 م الذي كان يركز على الحد من هدر المخزون الدوائي وغير الدوائي بمدينة الملك عبدالعزيز الطبية "مستشفى الحرس" باستخدام طريقة ABC-VEN ضمن الاستراتيجية تتعلق بالهدر الصفري للمنتجات الدوائية وغير الدوائية على مدار 7 سنوات، وقد كان عنوان البحث (Reducing Pharmaceutical and Non-Pharmaceutical Inventory Waste in Tertiary Hospital: Impact of ABC-VEN Analysis in a Zero-Waste Strategy Over 7 Years). 

الفكرة الأساسية من هذه البحث تشبه مبدأ باريتو وهو الاقتصادي الإيطالية الذي ابتكر هذه النظرية التي صاغها في ستينات القرن الماضي، فقد لاحظ بأن 80% من الأراضي الإيطالية تعود ملكيتها إلى 20% من الطبقة ذات الطبقة الغنية التي تعيش في إيطاليا، توسعت هذه النظرية لتشمل الصناعات بمختلف أشكالها، والموارد البشرية، وطرق التعلم، حتى باتت واحدة من أكثر النظريات التي يلجأ لها صناع القرار في رؤية الآثار الحقيقة التي تمثل 20% والتركز عليها بدلا من أي شيء آخر مما يعني السرعة في الإنجاز ورؤية نتائج ملموسة وحقيقة في فترة زمنية أقل. 

ففي نتائج الدراسة وبعد تصنيف المنتجات لثلاث فئات أساسية (الأكثر تكلفة، ومتوسط التكلفة، ومنخفض التكلفة) وبناء على أثرها السريري على المريض والتركيز على الأدوية الأكثر تكلفة والتي تمثل 10-20% تم تحديد المجموعات الدوائية الأعلى سعرا وهي الفئة التي كانت مع أدوية (Anti-neoplastic, Endocrine, Emergency drug, Anti-infction) وعند الرجوع لبيانات سبع سنوات منذ العام 2015 م وحتى العام 2021 م من أجل الوصول لتحقيق فكرة الأدوية المهدرة الصفرية انخفض حجم الإنفاق الكلي لمشتريات المنتجات الدوائية التي مثلت 89% في الدراسة البحثية من 0.9% نزولا إلى 0.21% أي بمعنى 15 مليون ريال سعودي من أصل 7 مليارات ريال سعودي. 

تعد هذه الدراسة النوعية التي تركز على تقليل كميات الهدر باستخدام أسلوب تصنيفات الأدوية أحد الطرق التي بالإمكان عن طريقها تقليل الهدر الذي يحدث يوميا في المستشفيات المرجعية في المملكة العربية السعودية بفكرة بسيطة في مبدأها تدعو للتفكير بالمنتجات الدوائية في حركة المخزون الدوائي ذات التكلفة الكبرى والتي تمثل 20% فقط، فبتصنيفها على هذا النحو بالإمكان تركيز الجهود والخروج بنتائج ملموسة وواضحة في فترة زمنية أقل.

ربما قد يبدو الأمر أكثر تعقيدا مع تطبيق فكرة ABC-VEN Zero strategy waste لكنها تفتح بابًا للتساؤل هل يمكن أن يكون الحل أبسط وأكثر مباشرة في التنفيذ؟ 

ماذا لو بالإمكان تحضرين دفعتين من أدوية المحاليل الوريدية وعدم الاكتفاء بواحدة؟ 

في أغلب المستشفيات المرجعية طريقة التحضير واحدة في حجم المستشفيات التي تبلغ أكثر من 1000 سرير، وذلك بالعمل على تجهيزها على دفعة واحدة تبدأ من الساعة 7:30 صباحا وتسلم جميع الجرعات الساعة 12:30 صباحا، بعدها تكون دائرة غير منتهية من الأدوية التي لا تسلم أو التي هي بحاجة لكميات إضافية للمريض لا تكفيه من البداية.

خلال هذا الوقت الحيوي في اليوم يجري الأطباء جولاتهم اليومية في المستشفى Rounds وقد تعدل الجرعات بالانخفاض أو الزيادة أو الذهاب للأدوية البديلة، أو ربما قد تتحسن حالة المريض بشكل واضح يستدعي خروجه من المشفى وجملة الأسباب هنا كثيرة ومتعددة. 

في دراسة أجريت بمدينة الملك فهد الطبية في العام 2019 م كان الهدف منها تقييم وتطبيق الاستراتيجيات لخفض أعداد الأدوية الوريدية المرتجعة والتي كان عنوانها (Evaluation and implementation of strategies to reduce the intravenous admixture returns) من شهر سبتمبر حتى شهر ديسمبر من العام 2019 م، قاست الدراسة 3 أنواع من طرق خفض الأدوية المرتجعة في صيدلية العناية المركزة ICU Satellite pharmacy والتي تحتوي على 500 سرير، الأولى كانت الاعتماد على الطريقة التقليدية الأساسية في إعداد دفعة واحدة فقط من الأدوية، بينما في الطريقة الثانية يكون هناك تواصل ما بين الصيدلي السريري وصيدلية العناية المركزة بعد الجولات الصباحية حيث تقوم فكرتها على تأخير التحضيرات حتى أقرب وقت لإعطائها للمريض للتأكد من أن الجرعة بالفعل سوف يأخذها المريض من العدم، بهذه الطريقة انخفضت نسبة الأدوية المرتجعة بنسبة 13.84%. 

أما الطريقة الثالثة التي أظهرت فكرة أكثر نجاعة فهي باستخدام تحضيرات تقوم على فكرة إعداد دفعتين من الأدوية Two Batches الأولى تبدأ كالمعتاد من الساعة 7:30 صباحا حتى 2 ظهرا، بينما الدفعة أخرى تم تحضيرها لاحقا للجرعات المسائية من الساعة 2 ظهرا حتى الساعة 5:30 عصرا ، باستخدام هذه الطريقة تم تجنب العديد من الحالات التي قد تتغير فيها الخطة العلاجية من أجل تفادي الهدر وقد بلغت نتيجة انخفاض المرتجعات الدوائية نسبة وصلت إلى 42.48%. 

وقد أوضحت الدراسة بأنه وعند الالتزام بهذا النهج في تحضير دفعتين من الأدوية وعدم الاكتفاء بواحدة سوف يتم ذلك تقليل الهدر سنويا بمبالغ تصل إلى 42 ألف ريال بسعة 500 سرير لأقسام العناية المركزة بمدينة الملك فهد الطبية، ومن  هنا نأتي على السؤال الأهم إذا أثبتت هذه التجربة أن الحلول ممكنة، فما الذي يمنع من تعميمها وتبنيها كسياسة وطنية؟

ما هي الرسالة من هذه النشرة؟ 

مثل هذه الأفكار هي مثيرة للاهتمام لكن يجب أن نعي بأن هناك معوقات أساسية تتمثل بنقصان القوى العاملة من الصيادلة والفنين في القطاع الصحي الدوائي، لذا واحدة من طرق تفادي مثل هذه المشكلة الكبيرة هي وجود قوى عاملة بشرية ومؤهلة من أجل المساهمة في تقليل الهدر، وتدريبها بشكل مثالي من أجل ممارسة مثل هذه الخطط الاستراتيجية في تقليل نسب هدر الأدوية في قطاع المستشفيات. 

والأهم من ذلك من وجهة نظري هو وعي الممارس الصحي الملزم في معرفة توجه قطاع الرعاية الصحية نحو الكفاءة المالية بأفضل ممارسات الجودة الممكنة، وأن المنتجات الدوائية بحد ذاتها منتجات مكلفة تقتص جزء لا يستهان به من ميزانيات الدولة،  فالهدر الدوائي ليس مجرد قضية تشغيلية؛ بل هو في حقيقة الأمر نزيف اقتصادي، وإشكال تشريعي، وأثر بيئي تعاني منه منظمات عالمية  ومحلية كبرى.

التعريفات موجودة، والأرقام واضحة، والدراسات المحلية والعالمية تؤكد حجم المشكلة، كذلك الحلول مجرَّبة، وبعضها بسيط التنفيذ، وربما هناك العديد من المبادرات التي وجدت حلولا بالفعل ولكنها بقت حبيسة الظل لأن أحدا لم يتحدث عنها للآخرين، يبقى السؤال موجّهًا لصناع القرار والصيادلة الممارسين: هل سنبقى نتعامل مع الأدوية المهدرة كأمر مسلّم به، أم نعيد صياغة سياساتنا لتقليل الهدر وحماية الموارد والمرضى معًا؟ 

ما هي الخلاصـــــــــــــــــــــــة؟ 

منذ التحاقي بقطاع المستشفيات في عام 2018م وأنا أرى بأم عيني مشهدًا يتكرر يوميًا كميات من الأدوية المحضرة بعناية، تُستهلك فيها ساعات من الجهد، ثم تُعاد في نهاية اليوم إلى الصيدلية، بلا فائدة تذكر، وفي حقيقة الأمر هو مشهد يثير الغضب والإحباط معًا، ويطرح سؤالًا ملحًّا: كيف يمكن أن نهدر موارد دوائية بهذا الحجم، ونحن نعرف قيمتها وأثرها المباشر على حياة المرضى؟

الهدر الدوائي ليس شأنًا محليًا فقط، ففي بريطانيا أثبت تقرير رسمي عام 2010 أن قيمة الأدوية المهدرة بلغت 300 مليون باوند سنويًا، نصفها يمكن منعه بسياسات أكثر دقة، بينما في الواقع المحلي أثبتت الدراسات أن المستشفيات السعودية تعاني التحدي ذاته؛ ففي مدينة الملك عبدالعزيز الطبية بالرياض بلغت قيمة الأدوية الوريدية المرتجعة خلال شهر واحد فقط 100 ألف ريال، 52% منها غير قابل للاستعمال.

الحلول موجودة، بعضها بسيط وعملي مثل التحضير على دفعتين بدلًا من واحدة، وهو ما أثبت نجاحه في مدينة الملك فهد الطبية حيث خفّض نسبة المرتجعات بنسبة 42%، لكن التحدي الحقيقي يكمن في وعي الممارسين، وتوفير القوى البشرية، وتبني سياسات وطنية تعالج جذور المشكلة.

شاركني تجربتك إن كنت في قطاع المستشفيات أو سبق لك العمل فيها، هل قام المستشفى الذي تعمل به بطريقة عمل محكمة تعاملت فيها مع الأدوية الرجعية بطريقة مثالية؟ 

***

ممتن لوصولك لهذا السطر من النشرة والتي أتمنى أنها عادت إليك بالنفع، ففيها أنقل للقارئ تجربتي في دراسة الماجستير التنفيذي في التشريعات الدوائية بجامعة الملك سعود منذ العام 2023 م ( ‏Executive Master of Drug Regulatory Affairs in KSU) بشكل نصف أسبوعي في صباح يوم الإثنين ☀️ بالإضافة لنقل الخبرات والمقالات والمقابلات التي قد أعمل عليها خلال هذه الرحلة، وهي لا تُعبرّ إلا عن وجهة نظر ناقلها، راغبا بذلك توثيق الرحلة مع الآخرين ومشاركتهم طريق التعلم في أحد أعرق جامعات المملكة العربية السعودية.

ناقل هذه التجربة هو أنا عبدالعزيز آل رفده تجدني في منصة linkedin،أو منصة Twitter (X)  صيدلي بمدينة الملك سعود الطبية وكاتب ابداعي لعديد من المقالات والنشرات البريدية منذ العام 2018م وحتى هذا اليوم.

إن كنت مهتما عن السبب وراء رغبتي في توثيق ونقل هذه التجربة فأود إخبارك بأني قد أفردت لها نشرة سابقة من أعداد التشريعات في أسبوع البريدية والتي كانت بعنوان ( ما هو السبب الذي يجعلني أكتب نشرة التشريعات في أسبوع البريدية؟) وفي نشرة أخرى كذلك كتبت عددا لاقى رواجا كبيرا بين القراء بعنوان (لماذا أنصحك بدراسة الماجستير التنفيذي في التشريعات الدوائية، واستكمال رحلتك المهنية عن طريقها؟)

لإيماني بإثراء المحتوى العربي بشكل عام والصيدلاني بشخص خاص بدأت هذه الرحلة، وقد وصلتني عن نشرة التشريعات في أسبوع الكثير من كلمات المديح والتشجيع سواء من أعضاء هيئة التدريس، أو زملاء الدفعة الدراسية، أو ممن ينتسبون في السلك الصيدلاني بكافة قطاعاته، سعيد بأن سلسلة النشرات البريدية قد نالت استحسانهم، وبإذن الله بأن القادم منها أجمل بهاءْ وحُلّة. 🙏🏼

***

استعد لرحلة مثيرة مع هذين الكتابين اللذين سيغيّران نظرتك حول عالم التشريعات الدوائية

احصل على نسختك الإلكترونية من كتابّي التشريعات الدوائية عبر الرابط الآن

🔵 جلسة استشارية مخصصة لبناء علامتك المهنية 🔵 

بعد أكثر من 95+ عددًا من نشرة "التشريعات في أسبوع" البريدية ، ووصولنا إلى أكثر من 60,000 قارئ على LinkedIn، و30,000 رسالة بريدية خلال عامين، أقدّم لك الآن جلسة استشارية مخصصة لتحويل خبرتك إلى علامة مهنية مؤثرة وموثوقة، عبر LinkedIn أو نشرتك البريدية.

🧭 ما ستحصل عليه خلال الجلسة؟

🔹 مراجعة شاملة لحسابك أو نشرتك

🔹 خطة تطبيقية لبناء حضور مهني يعبّر عنك

🔹 استراتيجيات محتوى تجذب الفرص وتدعم استدامتك الرقمية

🔹 متابعة شخصية لمدة 4 أسابيع لضمان التنفيذ والتحسين

💼 سواء كنت باحثًا عن فرص وظيفية، أو تخطط لتقديم محتوى نوعي يعكس خبرتك، هذه الجلسة مصممة خصيصًا لك.

🕐 المدة: 60 دقيقة + متابعة لمدة 4 أسابيع

💰 السعر: 399 ريالا

🔗 احجز مقعدك الآن وابدأ رحلتك نحو تأثير رقمي حقيقي
***

 عبدالعزيز آل رفده، هاجر العنزي

***

نشرات مرجعية مهمة من أرشيف نشرة التشريعات في أسبوع البريدية 📌 

***

إن كان هناك أسئلة تتعلق بكل ما ورد أعلاه  أو اقتراحات للتطوير من النشرة بإضافة أفكار لها لا تتردد في مراسلتي عبر البريد الإلكتروني للنشرة من خلال هذا العنوان  [email protected] 

مشاركة
نشرة التشريعات في أسبوع البريدية

نشرة التشريعات في أسبوع البريدية

هنا أنقل لك تجربتي في دراسة الماجستير التنفيذي في التشريعات الدوائية بجامعة الملك سعود 2023 م، وهي لا تعبر إلا عن وجهة نظر ناقلها، أرغب فيها بتوثيق الرحلة مع الآخرين ومشاركتهم طريق التعلم في أحد أعرق جامعات المملكة العربية السعودية، اشترك الآن لمتابعة الأعداد فور صدورها صباح كل يوم اثنين 📤

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من نشرة التشريعات في أسبوع البريدية