كيف يعيد التفكير التصميمي تشكيل الرعاية الصحية حول الإنسان؟ نشرة التشريعات في أسبوع البريدية - العدد #112 |
| 8 ديسمبر 2025 • بواسطة عبدالعزيز ال رفده • #العدد 112 • عرض في المتصفح |
|
حين تتجاوز الرعاية الصحية جدران المستشفى لتبدأ من فهم رحلة المريض وصوته
|
|
|
|
| *** |
|
ميزانية 2025 م قطاع الصحة يتصدر الإنفاق بـ259 مليار ريال لدعم البنية التحتية وتوطين الإمدادات الطبية |
|
اعتمد مجلس الوزراء برئاسة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ميزانية المملكة لعام 2026، وجاء قطاع الصحة في مقدمة أولويات الإنفاق الحكومي، بمخصصات بلغت 259 مليار ريال، في استمرار لتعزيز جودة الخدمات الصحية ودعم مستهدفات التحول الوطني. |
|
وتركز الميزانية الجديدة على رفع كفاءة منظومة الرعاية الصحية عبر الاستثمار في البنية التحتية للمستشفيات، وتوسيع القدرة الاستيعابية، وتطوير منظومة الإمدادات الدوائية. وتشمل المشاريع المعتمدة إنشاء مستشفيات جديدة وتحسين جاهزية المنشآت القائمة لضمان وصول الخدمات للمواطنين بجودة أعلى وأسرع. |
|
وتبرز الميزانية دعمًا واضحًا لملف توطين الصناعة الدوائية والمستلزمات الطبية، حيث تستهدف الحكومة الوصول إلى نسبة محتوى محلي تتجاوز 87% في الإمدادات، مما يعزز الأمن الدوائي ويقلل الاعتماد على الخارج، ويدعم في الوقت نفسه نمو القطاع الصحي غير النفطي. |
|
كما تسهم هذه المخصصات في توفير فرص تدريب ووظائف نوعية للكوادر الصحية والصيدلانية، بالتوازي مع تحسين كفاءة سلاسل الإمداد، وتطوير قدرات التخطيط والحوكمة داخل القطاعات المرتبطة بالدواء. |
|
وبهذا التوجه، تؤكد المملكة التزامها بتحسين جودة الرعاية الصحية ورفع جاهزية القطاع الدوائي ليصبح أكثر قدرة على الاستجابة، وأكثر استدامة ضمن رؤية 2030. |
"الغذاء والدواء" تعتمد علاجًا جديدًا للأطفال المصابين بفرط كوليسترول الدم العائلي المتماثل، في خطوة تُعد الأولى عالميًا |
|
أعلنت الهيئة العامة للغذاء والدواء اعتماد استخدام مستحضر "لوجكستا" (لوميتابيد) لعلاج الأطفال من عمر 5 سنوات فأكثر المصابين بفرط كوليسترول الدم العائلي المتماثل، لتكون المملكة أول جهة رقابية في العالم توافق على هذا الاستخدام، في إنجاز يعكس ريادة السعودية في دعم الابتكار وتوفير علاجات متقدمة للحالات النادرة. |
|
ويعمل "لوجكستا" عبر تثبيط البروتين المسؤول عن إنتاج الدهون ونقلها إلى مجرى الدم، مما يسهم بفاعلية في خفض مستويات الكوليسترول والدهون الثلاثية. ويُستخدم الدواء كعلاج مساعد للنظام الغذائي منخفض الدهون، وللأدوية الخافضة للدهون، ويمكن دمجه مع إجراء فصل البروتينات الدهنية منخفضة الكثافة عند الحاجة. |
|
وجاء اعتماد الاستخدام للأطفال بعد تقييم علمي شامل، حيث أظهرت الدراسات السريرية انخفاضًا يتجاوز 50% في مستويات LDL-C بعد 24 أسبوعًا من العلاج، إلى جانب تحسن في مؤشرات الدهون الكلية، ما يقلّل من مخاطر المضاعفات القلبية المرتبطة بهذا الاضطراب الوراثي. |
|
وأبرزت الهيئة أن الأعراض الجانبية الأكثر شيوعًا تشمل اضطرابات الجهاز الهضمي وارتفاع إنزيمات الكبد وزيادة الدهون بالكبد، مؤكدة أهمية المتابعة الدورية لوظائف الكبد خلال فترة العلاج. |
|
ويأتي هذا الاعتماد ضمن جهود الهيئة لرفع جودة الرعاية الصحية وتوفير خيارات علاجية آمنة وفعّالة، دعمًا لمستهدفات تحول القطاع الصحي ضمن رؤية المملكة العربية السعودية 2030 م |
| *** |
|
أبحاث علمية منشورة 💡 |
|
| *** |
|
|
بالعودة إلى مقاعد الدراسة في كلية الصيدلة، كُنّا نهتم كثيرًا بمعرفة الطبيعة الوظيفية للجسم من دهونٍ ونشوياتٍ وبروتينات، ثم فهم مستقبلات الجسم والأشكال الكيميائية للأدوية، ومعرفة مستقبلاتها والأمراض التي تعالجها. وكُنّا نولي اهتمامًا كبيرًا بدمج علم الدواء بالعلاجيّات، وهكذا تم تأسيسنا من الجانب النظري على نحوٍ جيّد. |
|
ولكن حين خضنا تجربة أرض الميدان في التعامل مع المريض مباشرة أو ذويه، أو حتى مع الزملاء الفنيين والصيادلة، أدركنا أن هناك علومًا خفية لم نُحط بها في المجمل. وأعني بذلك الاستماع والتعاطف الحقيقي مع ظروف الأشخاص من مرضى وغيرهم، وتحديد مشكلاتهم، وابتكار حلول عملية تنسجم مع ما يعانون منه، ثم اختبارها وتقديمها كخدمةٍ فعّالة لهم. |
|
التعقيد الذي نعيشه في القطاع الصحي فيه ما يمكن ملاحظته ورصده، غير أن بعضه يظل خافيًا على المسؤولين والموظفين، لأنه ببساطة لم ينبع من فهمٍ حقيقي لاحتياجات الإنسان ورغباته في المقام الأول. |
|
مؤخرًا كنت قد حصلت على دورتين رقميتين عبر موقع Udemy؛ الأولى عن التفكير التصميمي، والثانية مكملة لها عن التفكير الإبداعي. ومن خلالهما فهمت تمامًا أهميتهما في المنظمات عامة، وفي القطاع الصحي خاصة، كما أدركت سبب انهيار العديد من المبادرات والمشاريع على الرغم من نواياها الطيبة. |
|
ولأننا لم نكن نملك لغة تصف التجربة الإنسانية داخل النظام الصحي، كان العالم بحاجة إلى منهج يعيد الإنسان إلى مركز المعادلة. |
كيف نشأ التفكير التصميمي؟ |
|
بعد الحرب العالمية الثانية، تغيّر نمط النهج التصميمي في معالجة المشكلات، وكانت البذرة الأولى في ضرورة الجمع بين رغبات الإنسان من جهة، ونظام حل المشكلات من جهة أخرى. |
|
ففي العام 1970م، دخل مفهوم التفكير التصميمي (Design Thinking) إلى المجالات العلمية والمعرفية التي تنتهج فن مراقبة السلوك وبناء النماذج الأولية المبسّطة قبل اختبارها. |
|
بينما لاحقا وفي العام 1990م، كان لشركة IDEO الفضل في إتاحة نهج التفكير التصميمي ونشره في القطاعات غير الصناعية مثل التعليم والصحة. ومنه نشأت العديد من الأفكار والنظريات والتطبيقات المتسارعة في هذا المجال. |
|
فلو نريد تعريف التفكير التصميمي يمكننا الإستعانة بتعريف جامعة ستانفورد: |
|
"بأنه نهج متكرر يهدف للتركيز نحو الحاجات الإنسانية في المقام الأول من أجل حلها بطريقة إبداعية، حيث تتضمن فهم المستخدمين وتحدي الافتراضات وإعادة تعريف المشكلات بإنشاء حلول مبتكرة عبر أساليب النمذجة واختبارها في أرض الميدان" |
|
ولكن السؤال هنا متى أدركت الصحة العالمية أن فهم تجربة المريض ليس رفاهية، بل ضرورة قصوى؟ |
لماذا يُعد التفكير التصميمي نهجًا لا بدّ منه في الصحة؟ |
|
في دراسة منهجية مشتركة (Systematic Review) بين عدة جامعات في الولايات المتحدة الأمريكية عام 2018م بعنوان التفكير التصميمي في الرعاية الصحية، والمنشورة في مجلة الوقاية من الأمراض CDC، شملت 24 دراسة استخدمت نهج التفكير التصميمي، وُجدت نسب أعلى من الرضى والفعالية وقابلية الاستخدام مقارنة بالطرق التقليدية. |
|
ويعود السبب إلى الخصائص التي تتميز بها منهجية التفكير التصميمي، القائمة على التركيز على احتياجات المستخدم، واستخدام أساليب النمذجة، والاعتماد على التغذية الراجعة للتحسين المستمر. |
|
ولكن، هل هناك دليل رقمي واضح يثبت أثر التفكير التصميمي بالأرقام لا بالانطباعات؟ |
كيف كان شكل التفكير التصميمي مع العلاجات الكيماوية؟ |
|
خلال البحث، تم جمع البيانات عبر الخطوة الأولى من التفكير التصميمي: التعاطف، وذلك من خلال تتبّع رحلة المريض منذ حجز الموعد حتى وصوله إلى المستشفى وجلوسه ثم تلقي الجرعة الدورية. |
|
وخلال هذه المرحلة، تبيّن وجود مشكلة رئيسة تتمثل في أن نسبة كبيرة من المرضى ينتظرون طويلًا، بما يتجاوز ساعة كاملة قبل تلقي العلاج الكيماوي. |
|
وعليه، تم عقد جلسات للعصف الذهني للتغلب على هذه المشكلة والإجابة على سؤال: «كيف يمكن تحضير جرعات المرضى قبل موعد وصولهم؟». وبناءً على ذلك، تكوّن النموذج الأولي ثم خضع للاختبار. |
|
كانت النتيجة كالتالي: |
|
قبل تطبيق التفكير التصميمي، كان المريض ينتظر في المتوسط 83 دقيقة لبدء العلاج، وبعد التطبيق أصبح الوقت 45 دقيقة، بانخفاضٍ يبلغ 45%. |
|
أما التحضيرات الدوائية الكيماوية، فكانت قبل التجربة 908 تحضيرات، وبعد التفكير التصميمي أصبحت 2340 تحضيرة مسبقة خلال ساعة واحدة فقط. |
|
وإذا كان هذا التحول ممكنًا في نظام معقد كعلاج السرطان، فكيف يمكن أن يتجسد داخل مشروع التحول الصحي السعودي؟ |
لماذا التركيز على المرضى هو النموذج المستقبلي في الرعاية الصحية؟ |
|
إن نموذج الرعاية الصحية في المملكة العربية السعودية يتحرك بديناميكية متسارعة نحو تحقيق مفهوم الصحة الحكيمة، التي تُركز على القيمة والمتمحورة في أساسها حول المريض، مع ضمان الشفافية والاستدامة. |
|
ومن أبرز ما يجري العمل عليه تحت مظلة التجمعات الصحية: نموذج الرعاية الجديد، والتمويل القائم على القيمة من مجلس الضمان الصحي، واتخاذ القرارات بناءً على آراء المرضى وتجاربهم باعتبارها المعيار الحقيقي للجودة. |
|
فالدواء سيبقى نصف المعادلة فقط، ما لم نُعِد تصميم الرحلة التي تمنح العلاج قيمته الحقيقية، فإذا كان الهدف الوطني هو تحسين القيمة، فهل يمكن تحقيق قيمة فعلية في أرض الميدان دون فهم تجربة المريض، ودون تصميم مسارٍ يليق بحالته المرضية؟ |
|
ومن هنا يدور في مخيلتي العديد من الأسئلة التي أوجهها للممارسين من الصيادلة وصنّاع القرار في القطاع الدوائي: |
|
إذا كان مستقبل الرعاية الصحية في السعودية ينتقل من التركيز على مفهوم الخدمة إلى التركيز على القيمة الفعلية، ومن العمل حول الدواء إلى العمل حول الإنسان، فهل نحن مستعدون لإعادة تصميم النظام قبل إعادة تشغيله؟ وأين يجب أن يبدأ هذا التغيير: في التعليم؟ أم القيادة؟ أم أرض الميدان حيث يكون الألم الحقيقي؟ |
|
يسعدني مشاركة رأيك عبر الرد على هذه النشرة أو في موقع لينكدين LinkedIn |
ما هي الخلاصـــــــــــــــــــــــــــــــــة؟ |
|
طوال سنوات دراستي في الصيدلة تعلّمنا الجسد كمعادلة كيميائية من مستقبلات، وبروتينات، وتفاعلات دوائية، لكن ما لم نتعلمه هو الجزء الأكثر حساسية في المنظومة الصحية وهو الإنسان نفسه. أدركت ذلك فقط عندما انتقلت إلى أرض الميدان، واحتككت بالمريض وذويه وزملائي الممارسين، فاكتشفت فجوة لا يسدّها الدواء وحده، بل الفهم العميق لتجربة المريض وما يمرّ به. |
|
تعلّمي للتفكير التصميمي قادني لفهم أن كثيرًا من المبادرات تنهار لأنها تبدأ بالحَل قبل الفَهْم. هذا المنهج أعاد تعريف المشكلة من داخل السياق الإنساني، لا من التقارير والافتراضات. وأبرز ما يؤكّد أثره دراسة سنغافورة، التي خفّضت وقت انتظار العلاج الكيماوي من 83 دقيقة إلى 45 دقيقة، ورفعت التحضيرات المسبقة من 908 إلى 2340 خلال ساعة واحدة فقط. |
|
اليوم في المملكة العربية السعودية، تتجه منظومتنا الصحية نحو مفهوم الصحة الحكيمة، حيث القيمة تُقاس برحلة المريض لا بعدد الأسرّة. وهذا التحول لا يمكن أن يتحقق دون إعادة تصميم التجربة كاملة. |
|
أؤمن اليوم أن الدواء نصف المعادلة فقطK أما النصف الآخر فهو تصميم مسار علاجي يليق بالإنسان الذي نخدمه. والسؤال الذي يبقى: هل نحن مستعدون لإعادة تصميم النظام قبل إعادة تشغيله؟ |
| *** |
|
|
ممتن لوصولك لهذا السطر من النشرة والتي أتمنى أنها عادت إليك بالنفع، ففيها أنقل للقارئ تجربتي في دراسة الماجستير التنفيذي في التشريعات الدوائية بجامعة الملك سعود منذ العام 2023 م ( Executive Master of Drug Regulatory Affairs in KSU) بشكل نصف أسبوعي في صباح يوم الإثنين ☀️ بالإضافة لنقل الخبرات والمقالات والمقابلات التي قد أعمل عليها خلال هذه الرحلة، وهي لا تُعبرّ إلا عن وجهة نظر ناقلها، راغبا بذلك توثيق الرحلة مع الآخرين ومشاركتهم طريق التعلم في أحد أعرق جامعات المملكة العربية السعودية. |
|
ناقل هذه التجربة هو أنا عبدالعزيز آل رفده تجدني في منصة linkedin،أو منصة Twitter (X) صيدلي بمدينة الملك سعود الطبية وكاتب ابداعي لعديد من المقالات والنشرات البريدية منذ العام 2018م وحتى هذا اليوم. |
|
إن كنت مهتما عن السبب وراء رغبتي في توثيق ونقل هذه التجربة فأود إخبارك بأني قد أفردت لها نشرة سابقة من أعداد التشريعات في أسبوع البريدية والتي كانت بعنوان ( ما هو السبب الذي يجعلني أكتب نشرة التشريعات في أسبوع البريدية؟) وفي نشرة أخرى كذلك كتبت عددا لاقى رواجا كبيرا بين القراء بعنوان (لماذا أنصحك بدراسة الماجستير التنفيذي في التشريعات الدوائية، واستكمال رحلتك المهنية عن طريقها؟). |
|
لإيماني بإثراء المحتوى العربي بشكل عام والصيدلاني بشخص خاص بدأت هذه الرحلة، وقد وصلتني عن نشرة التشريعات في أسبوع الكثير من كلمات المديح والتشجيع سواء من أعضاء هيئة التدريس، أو زملاء الدفعة الدراسية، أو ممن ينتسبون في السلك الصيدلاني بكافة قطاعاته، سعيد بأن سلسلة النشرات البريدية قد نالت استحسانهم، وبإذن الله بأن القادم منها أجمل بهاءْ وحُلّة. 🙏🏼 |
| *** |
|
|
استعد لرحلة مثيرة مع هذين الكتابين اللذين سيغيّران نظرتك حول عالم التشريعات الدوائية |
| احصل على نسختك الإلكترونية من كتابّي التشريعات الدوائية عبر الرابط الآن |
| *** |
|
| *** |
نشرات مرجعية مهمة من أرشيف نشرة التشريعات في أسبوع البريدية 📌 |
|
| *** |
|
إن كان هناك أسئلة تتعلق بكل ما ورد أعلاه أو اقتراحات للتطوير من النشرة بإضافة أفكار لها لا تتردد في مراسلتي عبر البريد الإلكتروني للنشرة من خلال هذا العنوان [email protected] |



التعليقات