شراهة البحث عن المعلومة🤑|نشرة أصباح وأمسية البريدية - العدد #20

في العام قبل الماضي صادفتني بعض الأسئلة من قبيل: هل يجب أنتقي المعلومات التي يخزنها عقلي؟ هل يجب أن أتحرى عن جودتها قبل تنفيذها؟ هل الاستعداد بمعلومات كافية قبل الدخول في تجربة تتوفر فيها المعلومات أمر مهم؟ 

وفي ذلك الوقت كانت الإجابة عن جميع هذه التساؤلات -قطعاً- ستكون "نعم"،و بالفعل اخترت العام الماضي عدة ورشات من مصادر موثوقة في مجالات مختلفة وأحدث الأمر فارقاً ممتداً إلى فوائد ومعلومات مرتبطة بموضوعها وربما يتعداها أيضاً، غنية جداً ومثرية إلى حد الإلهام!

بعدها راق لي الأمر كثيراً! ومع الوقت اكتشفت أن جودة المعلومة وطريقة استيعابها وتطبيقها ترفع هرمون الدوبامين لديّ، أحب الاستكشاف كثيراً، التطوير والتحسين المستمر أمر ذو قيمة في حياتي، ويصعب عليّ العيش بدون ذلك، وهذا ما يختزل مفهوميّ السعي والعمل عندي..

وبالعودة إلى الوراء قليلاً، فقد بدأت في اكتساب مهارة البحث عن المعلومة في المرحلة الجامعية، البحث العلمي عندما كنا نكلف بحلقات علمية، كان الخروج ببحث متميز في محتواه وحصاد الدرجات كمكآفأة يشعرني بالسعادة والإنجاز، ويدفعني لتقديم المزيد.. 

والآن بعد أن صرت أتحمل عدة مسؤوليات في آن واحد، لايزال شعوري بالإنجاز عند اكتساب معلومة مثرية في العلاقات أو العمل يدفعني للشعور بالسعادة ويحفزني للبحث عنها.

أدركت أني شرهة في البحث واكتساب هذه المعلومات، وفكرت بيني وبين نفسي: هل يمكن أن أكون مصابة بالإدمان المعرفي؟ 

وبعد مدة من الزمن ، وعدة وقفات مع نفسي  اكتشفت أني مصابة بـ"نهم البحث عن المعلومة" بالفعل! هنا نعود قليلاً لربط هذا بالثقافة الاستهلاكية، التي لا تقتصر على استهلاك الأغراض والمشتريات المادية فقط، بل التي تمتد إلى شراهة البحث عن المعلومة الجيدة! ولتشخيص حالتي وجدت أني نزلت من عام 2023م بعدة كتب ناقصة، بعض الدورات غير المكتملة، وتبويبات كثيرة في متصفحي، كل ذلك بحثاً عن بعض المعلومات الفريدة المميزة التي ترفع من هرمون الدوبامين لدي فقط لمجرد اكتسابي العلم بها!

ففي جميع مجالات الحياة، العلاقات، التربية والعمل، كان لتلك المعلومات الفريدة إضافات نوعية في طريقة تفكيري اتجاهها والعمل على تطويرها أو تصنيف أهدافي على أساسها، وبعد قراءتي واطلاعي على مفهوم الميناليزم العام الماضي ، كان لذلك الكثير من التأثير عليّ، واستوعبت أني لا أطبق كل تلك المعلومات! فقررت التقليل من شراء المعلومات التي أجمعها على شكل كورسات أو كتب، أو تلك التي تبهرني كمنهجية أو فكرة قابلة للتطبيق ولكنها تحظى بالإعجاب والانبهار دون الاجتهاد في تطبيقها على نحو قد يضيف فرقاً في حياتي رغم سهولة التطبيق أحياناً.

أضرار إدمان الشراهة المعرفية: 

١.المزيد والمزيد من الإحباط:

وتيرة اكتساب المعلومة مهمة في أي تجربة نخوضها، هل يمكن أن تتخيل أن لديك مُرشد أو مدرب لا يتأنى في إرشادك، تخيل لو أنه يغرقك بنصائحه دفعة واحدة دون أن تطبق ما يقوله لك خطوة بخطوة! هذه الوتيرة السريعة في ضخ كمية المعلومات أو الحلول لمشكلة تعاني منها ضخاً متتالياً دسماً يحتاج إلى مراحل لاستيعابه كما يحتاج لطاقة في كل مرحلة.

إن ما تفعله الشراهة في اكتساب المعلومات والتعلم السريع لا يتيح لك الاستفادة منها، يقف الأمر عند شعورك بالانبهار وإشباع الفضول دون التنفيذ، وهذا قد يسبب لك الإحباط، وربما فجأة تشعر بفتور وعدم رغبة في المضي قدماً!

٢.تضييع الوقت على حساب الأولويات الأكثر أهمية:

تضييع منظومة القيم، والشعور بالإجهاد وعدة إحباطات متتالية يمكن أن يكون ضاراً بالصحة الذهنية، كما أن مسؤولياتك المهمة قد تصبح على الهامش دون أن تشعر وهذا الأمر بالذات ما أحاول تلافيه قدر الإمكان حتى لا تعم الفوضى أو أفقد السيطرة على الأمور.

٣. قتل المعلومات المهمة عن طريق تخزينها:

أو ما أطلقت عليه بـ "السمنة المعرفية" وهي عدم القدرة على تحويل المعلومة إلى واقع، فتتحول الإضافية منها إلى دهون مكتنزة ومعرقلة، كلما نظرتُ إليها شعرت برغبة في التوقف عن العمل الذي يتوجب عليّ الاركيز فيه بين يدي لأنشغل بتطبيقها، وهكذا "أتنطط" دون أن أحقق هدفاً واضحاً مكتملاً!

مؤشرات الإصابة بنهم البحث عن المعلومة: 

١. لا يوجد وقت للتطبيق، ولكن يوجد وقت للاطلاع على المزيد.

٢. توقع الحصول على نتيجة فورية أو حدوث تغيير للأحسن بمجرد القراءة.

٣. تغيير قائمة الأهداف في أوقات قصيرة.

٤. تصبح المعلومات المهمة مملة جداً ولا تبعث الحماس بعد فترة وجيزة.

كي تستفيد من كل معلومة: 

١. أعطها وقتها في التنفيذ، عندما يصادفك محتوى قد يساعدك في بعض أمورك، أنصحك ألا تستعجل في شرائه قبل أن تنهي الذي قبله.

٢. لا تعتبرها قرآناً منزلاً وحلاً مصيرياً، خفض سقف توقعات بعد التطبيق، فقد لا تكون النتائج كما كنت تظن أو ترغب، لذا كن صبوراً وواقعياً ومرناً، المرونة وإضافة وجهة نظرك الخاصة وقناعاتك يمكن أن يجعلك تتجاوز عقباتك وفقاً لظروفك الخاصة.

٣. لا تؤمن بسحر المعلومات ولا تعلق آمالك عليها في تحويل المشاكل إلى حلول أو حياة مثالية، حتى لو استشرت افضل المختصين وحصلت منهم على أفضل الإجابات، أحياناً لا يستطيع الخبير إفادتنا وتصبح المعلومة الجديدة الموافقة لأحدث الأبحاث من دون نفع أو فائدة! أحياناً نستفيد من تلك المعلومات في أوقات لاحقة، عندما نصادف مشاكل مختلفة، ولكن أذهاننا تكون متأهبة لتجربة الحل ومستعدة له بمعلومة سابقة.

في الأعداد القادمة سأتحدث عن بعض تلك الأمور التي احتاجت مني صبراً كبيراً لتنفيذها بعد أن كانت معلومات فريدة ومميزة، لكنها أحدثت فرقاً ونتائج ملموسة في حياتي.

وسؤالي لك في النهاية، هل مررت بحالة مشابهة لحالتي؟ هل صادف أن شعرت بشراهتك في جمع المعلومات الصحيحة والدقيقة التي يمكن أن تنقذك أو تثريك في جانب من جوانب حياتك؟ ما أثر ذلك ومردوده عليك؟ وكيف تخلصت/استفدت منه؟ 

            • على الهامش 📄•

🔹هذا الوجه السمح غيّر نظرة العالم، لا يمكنني نسيان عبارته الشهيرة عن "روح الروح".

🔹سمعت البارحة عن مصطلح "العرب الكيوت"، مع ذلك لازلت عاجزة عن تفسير تصديق البعض لهذه "الكياتة" الوحشية، هل هذا هو ما يسمى بالنفاق؟

🔹مرجع التدوين يستقبل ترشيحاتكم لأفضل التدوينات العربية😍 في مسابقته لعام 2023 كل اللي عليك إنك تدخل الرابط وتقوم بتعبئة الاستمارة لترشيح مدونة مفضلة عندك🌟، في بالي حتى الآن مدونتين بمجهودات كبيرة وتأثيرات أعمق، يوم الأحد القادم آخر موعد للتقديم واستقبال الترشيحات👀👏🏻

           تدويناتي الأخيرة📑

هذه المرة كتبت تدوينتين في شهر واحد😌، لقد بذلت جهداً كبيراً لاستقطاع بعض الوقت😬، أعطوني رأيكم فيها، كل نقد أو ملاحظة لها اعتبارها عندي🌱✨

🔹الاستقالة بين الاحتراق الوظيفي والعودة إلى الحياة.

🔹ملخص شهر ديسمبر 📝.

🗃️ لقراءة الأعداد السابقة من النشرة:

✨ للتواصل والإعلان:

[email protected]