المعنى- العدد #62 |
| 18 ديسمبر 2025 • بواسطة عهد • #العدد 62 • عرض في المتصفح |
|
عن البحث في طيّات المعاني!
|
|
|
|
«يا مرحبا يا معنّي خط الأقلام، مثايلٍ شوقتني في معانيها» - محمد بن راشد آل مكتوم |
|
هذه المثائل التي تعطي لبيوت القصيد معناها، هذه المعاني الذي نبحث عنها باستماته! |
الإنسان بين المعنى والواقع |
|
يطري علي قصيدة «المليحة في الخمار الأسود» والتي نبعت من شكوى تاجرٍ عن عزوف سيدات المدينة عن شراء الخمار الأسود لتفضيلهن ارتداء الألوان الأخرى. عندها، نسج شاعر بذكاء قصيدةً حولّت الأسود إلى لونٍ ملكي، ببضع كلماتٍ فحسب.. فقال: |
|
قل للمليحة في الخمار الأسود.. ماذا فـعــلت بناســـك متعــبد |
|
قد كان شــــمر للصــــلاة ثيابـه.. حتى خطرت له بباب المسجد |
|
ردي عليـــه صــلاته وقـــيامـــه.. لا تقتليه بــحـق ديــن مـحـــــمـد |
|
هي الكلمات، تنسج من العادي قصصًا محملةً بالمعاني، هذه المعاني التي تضفي القيمة الحسّية -قبل المادية-. ليس الخمار وحده، بل حتى التيجان التي ارتداها الملوك على مر العصر، الماركات التي يرتديها الناس بحفاوة، قصص الأبطال التي تكسب ملايين القلوب وغيرها الكثير.. لم تكن القصة يومًا لذاتها، بل كانت للمعنى الخفي الذي تحمله، والرسالة العميقة التي توصلها. |
|
دخلت قبل عدة أيام لمقهى أجده دائمًا مزحوم، وفي حين انتظاري لطلبي (كوب قهوة وسط بـ 26 ريال) كنت استكشف البضائع على الرف، لاتفاجئ بشمعةٍ عطرية صغيرة بـ 400+ ريال، كوب قهوة بـ 700+ وغيرها من المنتجات التي صعقتني بسعرها.. لاكتشف لاحقًا أنه في الأصل مقهى مشهور للغاية لعلامة أزياءٍ معروفة، وأن الحقيقة في سعر المنتجاتليس لذاتها بل لعلامتها، وليست لعلامتها حتى ولكن للشعور الراقي المرتبط بها.. لكن هل يسوى الشعور هذا المبلغ؟ |
|
في مثل هذه الحالات، لا تستحي العلامات وهي تحدد الأسعار، فتعوّل على اسمها وشخصيتها لوحدها. وفي كتابة المحتوى مثلًا، يحرّص العملاء أن نكتب محتوى جاذب دومًا، والكاتب الذكي هو من ينسج الشعور قبل الكلمة، لأن أغلب العمليات التجارية تقوم على مشاعر العميل. هذا مثلًا عندما ترى حملات قائمة على «توعية المستهلك»، لتوعي «أنك صدق مو محتاج هذه الآلة، وأنتِ مو محتاجة فعلًا هذا المكياج» .. ولكن المسألة مجددًا مسألة شــــعــــــور ومـــعـــــنـــــى. |
|
يذكرني هذا الموضوع بأحد نشراتي السابقة، شاعرية الجمادات التي تسائلت فيها «لمَ تبدو الجمادات بهذه الشاعرية؟!» |
|
«يظن الإنسان أن قواهُ محدود، ولا نعلم أن كل ما يلمسه الإنسان تدبُّ فيه الحياة بشكلٍ أو آخر، لأن الإنسان ببساطة .. كتلة مشاعر! والمشاعر هذه كترياقٍ سحري أو لمسة سحرية تجعل للجمادات وقعٌ وأثر وروح!.» |
-البحث- |
|
البحث عن المعنى هو شعار الإنسان الواعي، التفتيش في طيّات الأمور عن المعاني الجليلة، والرؤية خلفها، والرسالة منها، شعارٌ يجعل للأمور مغزى وأثر، وتحفظ من الانجراف مع القطيع، أو الوقوع في دوامات الوهم والكذب. ومن زاويةٍ أخرى، هو وسيلة للتمعّن فيما حولنا، والنظر لما تحت السطور. وهذا مدخل يثير نشرةً أخرى، دِربيل، الذي كنت أناقش فيها الزوايا الخفية في أنفسنا ومرونتنا في التعاطي معها. |
|
«كل اللحظات وكل العادات، لها منابع من القلب والعقل، نختارها ونميلُ نحوها لأنها تلمس شيئًا خفيًا في دواخلنا.. لكن السؤال هو: هل نحن بهذا التسامح تجاه حيواتنا؟ بمعنى.. عندما يحدث لنا موقف ما هل نطلق الحكم مباشرة أم نتروى ونتمهل لنرى الزوايا الخفية؟» |
|
ختامًا، البحث عن المعنى تساؤل وجودي ألّف عليه الناس الكتب، وهذه العدد المتواضع لا يسعى لإيجاد الإجابة ولكن لنسلط الضوء على جزءٍ صغيرٍ منه. |
|
في جيبك رأي تدلو به؟ شاركني بالتعليق على النشرة أو الرد على الإيميل. |
|
كاتبتكم المعهودة الصامدة أمام هواجيس الشتاء: عهد🌷 |
|
*إذا اعجبتك هذه النشرة أطّلع على أخواتها السابقات (: |
سعيد؟- العدد #59 - نشرة نَجوى عهد | هدهد
-تساؤل وجودي-
gohodhod.com
|
تـلاقِـي - العدد #46 - نشرة نَجوى عهد | هدهد
هل نحن وحدنا؟
gohodhod.com
|



التعليقات