نشرة غيمة البريدية - «انهيار بعد شوطٍ طويل!» |
22 أكتوبر 2025 • بواسطة هيا سليمان • #العدد 23 • عرض في المتصفح |
" أعيد بناء نفسي من الداخل؛ فأنا الغريب، وأنا المسافر، وأنا العائد، وأنا المستمر مع نفسي حتى النهاية"
|
|
تبدو النهاية المتوجة بالنجاح لدربٍ ما، رائعة، مذهلة… ويتخيلها صاحبها حتى حدوثها فلا يستوعبها ولا يصدقها من كثرة ما تخيّل هذه اللحظة واستبعدها من طريقه الشاق ومن تعب المسير. |
فيحدث الانهيار! |
هذا ماحدث بعد شوط طويل قطعته، وأثناء سيري فيه كانت الحياة كلها تسير وأنا معها رغم ازدحام الأيام بمهام روتينيه إلا أنني لم أكن حاضرة فيها ذلك الحضور… كنتُ هناك في الورق |
أهرب… نعم! |
كان العمل هبة في كونه هربًا من أشياء كانت صعبة عليّ لم أجد لها إجابة ولم أجد لها تفسيرًا |
فهربت، طويلًا |
هربت، كثيرًا |
في كل يوم جديد عن إجابات كانت أسهل مما توقعت، وأهرب من أفكار تضج في رأسي، مواقف تعيد نفسها على وضع التكرار، وأسئلة عديدة... |
كانت لحظة نهاية هذا المشوار الطويل ويومها، لذيذًا، عجيبًا، في تلك اللحظات ستظهر أسماء جديدة على هاتفك تبارك لك |
وأسماء قديمة شاركتك ذات يوم مرحلة ما، الأكثر عجبًا أنك ستُقلِّب وتُفتِّش… عن أسماء شاركتك بداية الرحلة وظننتها أول الحضور، ولن تجد… |
وأسماء ستزورك بشكل بارد وباهت، عكس حرارة أول الطريق حين كانت أيديهم تشد عليك وتحاول تشجيعك… وأسماء كنت تتوقع أصحابها أكثر من يبارك، وأكثر من يشيد لن تجدها فأصحابها غادروا الدنيا… لجنات النعيم يا رب |
وسط كل ذلك لم أجد أهم من يستوعب هذه اللحظة وهي (أنا)، كنت أحاول إبصار كل زاوية، كل التقاطة مما أشعرني بالفخر... لكنّى شعرت بأن الكثير منها تساقط أثناء الرحلة... في هربها آنذاك |
أستوعبُ أكثر بعد محادثة ما، قلتُ فيها: (شغفي ممسوح فيه البلاط! وكنت اعرف وقتها بس اني سحبته غصب يكمل معي لين اخلص!) |
لكن السؤال: مالذي تبادر لذهن صاحبة هذه الجملة وهي تكتبها…؟ |
- الأيام التي كانت متعبة فيها ومرهقة تحتاج راحة بسيطة، لكنها استيقظت تسحب نفسها إجبارًا |
- الأيام التي قابلت فيها شخصًا يريد أن يُثبت حضوره ودوره (غير الفعّال) بكلماتٍ أثبتت جهله (لكنها جرحت جوهرًا في نفسها)، وسببت لها تزعزعًا حتى يومنا هذا. |
مابين هرب، وإجبار، ومحاولة استيعاب، وكلمات بقيت مخبأة، وأيام لم يُكتب فيها ولم تُوثَّق حرفًا، وتفسيرات متنوعة؛ بين مايسمى "حبسة كاتب أو Art block"، وبين مايسمى "احتراق وظيفي" وأجزم أن هناك احتراق بجوانب حياتية أخرى… |
يحدث الانهيار باستيعاب كل هذا جملة واحدة، بضيق يزاحم صدرك ويبكيك في ليلة ما |
(إنَّ ما تهرب منه، سيجدك في يوم ما!) |
ستستيقظ بعدها صباحًا بصداع يمنعك النوم والراحة، لكن ما إن تخرج ستقابلك نسمة الصباح، التي خبأت لك رسالة: (كنتِ في يوم ما وأنتِ تعملين، تخبرين نفسك أنها ستجيء الأيام التي تستريحين فيها، وتستمتعين بهذه النسمة الباردة صباحًا… فكيف نسيتِ؟) |
بعدها تستوعب دواعي الانهيار، كان بعد شوط طويل وأشياء كثيرة أغفلناها… هنا وقفة الاستيعاب |
وقفة وعي، أن عليك أن ترحم نفسك وسط المسير وفي الرحلة وترفق بها…. اعطها وقتها! |
لا تهرب! واجه! فسّر…. واعطِ نفسك إجابة لكل سؤال وحرره من صندوقه المُخبأ في أقصى قلبك وذكرياتك! انفض عنه غباره ولا تقيد جناحيه! |
لتستمتع بالرحلة، قبل لذة الوصول☀️! |
*** |
لقراءة العدد السابق: «اغتيال الهوايات🎣» |
* ملاحظة: ماكان مقصودًا بالانهيار في النشرة؛ هي تلك اللحظات الموجعة من إدراك فقدان أشياء كثيرة، مع ضبابية القادم.. مع البحث عن الذات ومحاولة استيعاب الأيام، مع ضيق مجهول يُسبب بكائيات لا تُعد... أو أيامٍ رمادية دون طعم. فهو انهيار داخلي...سيأتي بعده البناء الجديد، والإشراق الجميل.. دمتم بخير☁️! |
ماذا سيكون نتاج هذا استيعاب هذا الهرب؟ وما الحل الذي أمسكت طرف خيطه؟ انتظرني في العدد القادم يوم ٨، نوفمبر، الساعة: ٨:٠٦ص، فقد تحمل غيمة الإجابة، وتجدها في سماء بريدك -بإذن الله-☁️ |
*** |
"وَكِّل أمرك للكريم ويسمح أمـرك .. كل ما دكَّت علـى بالك روابـع |
وافرد همومك على سجـاة صـدرك .. لا تضيقها وحلم الله واسع |
واعرف أسباب الردى وأدرك .. واحسب حسابك من الليلة وطالع |
وزمّ روحك بين جنحانك و وكرك .. كان ماعندك على النوماس مانع |
لا تطاول في قصير الشبر شبرك.. ولا تنازل عن شيمك ولا تتراجع |
ولا تسمع باهتين الذوق شعرك.. وأنت شعرك من عروق البرق راضع" |
- مساعد الرشيدي -رحمه الله- |
|
|
التعليقات