خمسة حلول للعودة للكتابة بعد انقطاع طويل🌱✨نشرة مرجع التدوين البريدية - العدد #20

عام 2017م أخبرني شخص يكتب في مجال الكتابة الإبداعية بحكمه الذي أصّل الإحباط في نفسي، أخبرني إن لم أستقيظ كل صباح وأمسك القلم تلقائيا للكتابة باسترسال وبدافع مُلح بداخلي، فهذا يعني أني لست بكاتبة، وأن الكتابة بالنسبة لي، ماهي إلا مجرد وسيلة عابرة أو هواية مؤقتة لتحقيق بعض الاستمتاع ولا يمكنني أن أصل بها إلى أي مكان! 

وقتها صدّقت ما قاله هذا الكاتب، ولكني اكتشفت فداحة الخطأ الذي ارتكبته فيما بعد، حينما شهدت دافعي في الكتابة يحتضر بعد الاقتناع بفكرة "الشغف الذي لا ينضب"، كنت وقتها لا ينقصني أن يزداد الطين بلة، فمع انشغالي بشؤون الدراسة، كان لدي عذر مبرر للانقطاع عن الكتابة: وهو أني لست بكاتبة لأني لا أستيقظ كل صباح مع وجود صوت داخلي يلح علي بأن أكتب! 

بالمناسبة هذا الصوت هو كذبة، فلا وجود له في الواقع، هذا مايقوله جميع الكتاب المخضرمين دون استثناء!

وعلى ذكر موضوع الانقطاع عن الكتابة، خصوصاً لفترات طويلة، تبدو العودة لها أمرا مستحيلاً لمن جربها، ولكن هذا الصوت الذي يتكرر في دواخل كل منقطع، ماهو إلا منادٍ للعودة لها، ومن تجربة واقعية يمكنني أن ألخص بعض الأمور التي ساعدتني في العودة لنشر كتاباتي بعد سنين من الانقطاع.

١. تخلص من الأحكام الناقدة: 

العودة تحتاج إلى تشجيع أكثر من الانتقاد، في تلك اللحظة أحوج ما يكون له الكاتب هو أن يعيد توازنه وشعوره بالثقة في قدرته على الكتابة من جديد، أي انتقاد من أي نوع يجب تخطيه، يمكنك إلغاء خاصية التعليق في المنصة التي تكتب فيها، المهم في هذه المرحلة أن نبدأ فقط، أن نمتلك الشجاعة ونضع كل الانتقادات البناءة وغير البناءة في رف الانتظار.

٢. جدد دافعك للكتابة:

كان دافعي السابق للكتابة يتماشى مع مرحلتي العمرية، تتغير نظرت الإنسان للأمور، وتصير المعطيات والدوافع مختلفة، الكتابة أحد هذه  المهارات التي تتغير وتنمو معنا، كل مرحلة عمرية بها اهتمامات خاصة واحتياجات مختلفة، فإذا كنت تكتب في مراهقتك بدافع الاستمتاع والحماس، قد تكتب في شبابك بدافع التفريغ والاستبصار، ثم قد تكتب بدافع نشر العلم وإثراء المجتمع.

الذي يحدث عندما ننقطع عن الكتابة، ونحاول العودة إلى إليها مرة أخرى؟ أننا نستخدم نفس الدافع ونعتقد أننا سنحرز تقدماً في الكتابة كما فعلنا من قبل، لذلك نفشل في الاستمرار فيها مرة أخرى، لذا نصيحتي إذا توقفت عن الكتابة منذ خمس أو عشر سنوات، فلا تحاول العودة إليها بنفس الدافع..بل حاول أن تجدده.

٣.اجعل الكتابة نشاطاً سهلاً: 

عندما تزداد المشاغل والمسؤوليات، فأنت لن تكتب كما كنت متفرغاً، لذا اجعل الكتابة نشاطاً سهلاً قدر الإمكان، اختر عوامل مساعدة حولك كالزمان والمكان الصحيحين، استخدم ابسط وأسهل أدوات الكتابة، أي ورقة وقلم تفي بالغرض، لا يجب ان تكون الورقة جزء من دفتر منظّم ومرتّب وملوّن!. واكتب بتأنّ، لا تتوقع من نفسك الأفضل في البداية، ربما يتكرر هذا الكلام كثيراً كلما تحدثنا عن الكتابة، ولكن حاجتنا لتذكر هذه النقطة بالذات يمكن أن يجعل عملية الكتابة أمراً قريباً للنفس، تصبح الكتابة مطوّعة لظروفنا مع الوقت، تصبح صديق، عادة، وهواية.

٤. اقرأ كثيراً:

هذه النصيحة مبتذلة، كلنا يعرفها ودائماً ما يُنصح بها، لكنها للأسف ليست عصاً سحرية، قد تنتظم في القراءة لفترة، ولكن لا يمكن أن نجزم بقدرتك على العودة للكتابة، النصيحة هنا أن نستخدم القراءة كمحفّز للكتابة، الخبر السار أن من خلال القراءة قد تجد دافعك الجديد للكتابة، من خلال التجول في عقول الكُتّاب وملاحظة أحوالهم، قد يلهمك أحدهم أو تشعر بمشابهته لقصتك، لفكرتك أو منطقك.

٥. اعرض كتابتك على مجتمع جديد: 

الأشخاص الجدد مساحة أكثر أماناً ممن نعرفهم في الواقع أو معرفة مسبقة، هذه النقطة بالذات مهمة، إذا كنت تشعر بعدم الارتياح للظهور بكتابتك بعد هذه الفترة الطويلة من الانقطاع عن المجتمع الكتابي الذي اعتدته، فأنصحك أن تغيره، هنالك أسباب كثيرة لفعل ذلك، أهمها هو أنك ستبدأ من الصفر؛ والشعور بعدم وجود من يحكم عليك سلفاً بسبب انقطاعك قد يجعلك تتشجع أكثر للاستمرار في الكتابة من جديد، استخدام معرّف جديد والتواصل مع مجتمعات الكتابة والنظر الى ردود أفعالهم هي طريقة مشروعة وقد تشعل الحماس بداخلك. إذا لم تحصل على خيار مشابه فتذكر النصيحة الأولى كل مرة تكتب فيها.

إذا بدأت من هذه النصائح ونجحت بها يمكنك الانتقال إلى المرحلة التالية، مرحلة الاستعداد للتألق والإبداع والوصول لغايتك من الكتابة، ويمكنك الاطلاع على أعدادنا السابقة، تحدثنا فيها عن الكثير من هموم الكتّاب والوسائل المعينة على الكتابة، لن تندم على قراءتها.

نتمنى لكل منقطع عودة حميدة للكتابة، وأخبرنا عن تجربة الانقطاع عنها سواء كانت لك أو لشخص تعرفه أو قرأت عن تجربته.

كتابة وإعداد: إيمان السقاف

إشراف عام: أحمد قربان

🗃️ لقراءة الأعداد السابقة من النشرة:

📩 للإعلانات:

[email protected]