قوقعة الكاتب🐚 الكتابة وأنواع العزلة🏝️نشرة مرجع التدوين البريدية - العدد #16

في مقالته بعنوان "العزلة الدائمة والكتابة"  كتب آدم هاسلت :"إحدى مفارقات الكتابة؛ هي أنه من أجل إيصال شيء ما إلى الآخرين، ينتهي بك الأمر إلى قضاء قدر كبير من الوقت بمفردك"

هذه العزلة التي يتحتم علينا أن نخوضها بعض المرات، قد تتحول إلى قوقعة يصعب على الكاتب أن يخرج منها، وأحياناً يصعب عليه أن يدخلها من الأساس.

وقد قيل مسبقاً أن الكتابة هي ابنة العزلة، حيث أن اعتزالنا بأنفسنا وقت الكتابة، تجميع الأفكار، معالجتها، والتركيز عليها تعتبر أفعال فردانية وسمات رئيسية من سمات أي كاتب، لكن العزلة لها أشكال قد يمارسها الكاتب بطرق مختلفة ومتباينة دون أن يعرّفها على أنها عزلة، وقد تكون هذه الممارسات أمر يعينه على جمع شتاته والكتابة بطريقة سهلة وأخف على نفسه، أو العكس!..

في العدد السابق تحدثنا عن روتين وطقوس الكتابة، واليوم نذكر أشكالاً مختلفة من قواقع الكتابة، التي فيها من العزلة ما تتأثر بها كتاباتنا بشكل أو بآخر.

قوقعة الاستمتاع والاستلهام:

شدني ما كتبته كريستال كام وهي تبتكر عزلة مختلفة بمنظور مختلف، وعبرت عنه بـAesthetic Isolation أي العزلة الجمالية، جعلني الأمر أتسائل؛ هل التقوقع على الكتابة مع الانفصال عن المحيط يمكن أن يكون بهذا الجمال والمتعة دون أن نشعر!؟ 

تدور فكرة كريستال على اعتزال الكاتب لمحيطه بشكل واعٍ بغرض الاستمتاع بمصادر ملهمة تعينه في كتابته، مثل مشاهدة الأفلام أو الاستماع إلى موسيقى معينة قبل البدء بالكتابة الإبداعية! وهذه القوقعة جميلة ومحفزة وتتيح لك الاستمتاع والسعادة دون تعطيل تدفقك الإبداعي.

لذا في كل مرة تشعر فيها برغبتك في إكمال قصة أو مقال، لذا في كل مرة تشعر فيها برغبتك في إكمال قصة أو مقال، تذكر أن تأخذ جرعة من العزلة الجميلة التي تمارس فيها بعض الهوايات لاستلهام بعض الأفكار وللتخلص من الأفكار البعيدة عن موضوعك الرئيسي.

قوقعة الوحدة مقابل الانفتاح على المجتمع:

ارتبطت الوحدة بالوحشة، وكثيراً ما ترتبط بالانغماس في الوحدة بما يترتب عليه ميل لتجنب المناسبات الاجتماعية والاختلاط بالناس عموماً، لكن قوقعة الوحدة هذه يمكن أن ينتج عنها نقص أو ضعف في الكتابة العاطفية "التقمص العاطفي" أقل من المتوقع، والخروج من هذه القوقعة، يمكن أن يثري ملامح وسلوكيات شخصياتك في رواية تكتبها، أو قصة تعجز عن صناعة حبكتها.

في كل فترة تمر عليّ دون مناسبات اجتماعية، أشعر ببعض الانفصال عن الخصائص الاجتماعية لكتاباتي، وبعض الاختلاط بالناس يمكن أن يخرجنا من هذه القوقعة.

قوقعة الخلوة والتركيز:

في مقالته "لماذا الكتابة في عزلة أمر جيد بالنسبة لك؟" طرح فرانك ماكينلي سؤالاً ملفتاً: ماذا لو ذهبت واختبأت لتكتب؟
شعرت بقدرتي الكاملة على السيطرة على أفكاري وإيقاظها مع شعور الهدوء والخلوة الذي تخيلته عقب سؤاله "ماذا لو ذهبت واختبأت؟" أن أكتب دون أن أقُاطع، أن أنعم بالتركيز في عالم مليء بالمشتتات في عزلة عن أصوات العالم حولي، وهذه القوقعة بالذات تعد قوقعة باعثة للشغف بالنسبة لي، لأني أقدر على الإبداع فيها دون قيود ودون أن أستمع لأصوات تنتقدني، فيها مزيج ملفت من الحرية والانطلاق..

ويقصد أن تجلس على مكتبك وتقطع -عمداً- كل اتصالاتك بالعالم الخارجي؛ منصات التواصل الاجتماعي، البريد الإلكتروني، لا توجد إشعارات من أي نوع، ويشمل ذلك إخبار الجميع بعدم مقاطعتك ساعة كتابتك.

هذا يعني ألا تترك الباب مفتوحًا أمام النقد أثناء قيامك بالإبداع، فقط عليك أن تفتح الحنفية وتتركها تتدفق.

أنت تمنح صوتك الحرية لتقول ما تشاء، وعندما تنتهي افتح الباب وانطلق! 

في الختام، العزلة تمر بنا جميعاً، نحتاجها أحياناً، وأحياناً علينا إيجاد طريقة للخلاص منها، كبشر قبل أن نكون كُتاب، أخبرنا عن قواقعك التي تجعلك منفصل عن العالم، وكيف تستفيد منها أو تعالجها؟

كتابة وإعداد: إيمان السقاف

إشراف عام: أحمد قربان

🗃️ لقراءة الأعداد السابقة من النشرة:

📩 للإعلانات:

[email protected]