الهالوين- العدد #55

30 أكتوبر 2025 بواسطة عهد #العدد 55 عرض في المتصفح
فريق فُلّة ولا باربي؟

أحببت باربي وملابسها وشعرها الأشقر الطويل، لكنني كنت دومًا ميّالة لفُلّة، فهل كان السبب أنني لمست تشابهًا بيننا؟ فهي ارتدت جلال الصلاة مثل الذي اشترته لي أمي!

تخصيص

شاهدت مرة فيديو لدمى مختلفة وفق العرقيات المتنوعة في امريكا، وأثار دهشتي واعجابي. أحببت هذا الاهتمام، لاسيما في قلوب الطفلات اللاتي يتشوقن للعب وإيجاد الشبه. فمهما بدا الأمر بسيطًا، إلا أنه هذه التفاصيل لافتة وفارقة. 

في التسويق يوجد مفهوم «تجربة المستخدم» حيث يقتضي أن الموضوع لا يقتصر على البيع والشراء، ولكنها تجربة متكاملة تأخذ بيد الشاري إلى النهاية، عبر اهتمامٍ بكل التفاصيل لجذبه، بل حتى وتوطيد العلاقة بكسب ثقته ليعاود الشراء. وكلما خُصصت هذه التجربة زاد رسوخ هذه العلامة التجارية. فالأمر في الدمى مثلًا ليس في توفير خياراتٍ متعددة فحسب، ولكنه يُضمّن رسائل خفية مفادها «نعرفك، ونفهمك». 

هذه التفاصيل ولو بدت غير مهمة للبعض إلا أنها تفرض أسلوبًا في نمط جودة الحياة، لتعززها وتثريها. 

يدخل هذا الحديث في كتابة المحتوى من أوسع أبوابه والاستراتيجيات الفطينة التي تقرأ السوق والمستخدم حق قراءة.

يطري علي في هذا السياق قصة النسوية التي استاءت من الخطابات التحيزية ضد النساء في اعلانات غسيل الصحون وكأن التنظيف «فرض» عليهن دون غيرهن. فقررت أن تراسل شركة التنظيف المعنية في ايميل مفاده «لماذا كل خطابات التنظيف موجهة للنساء بينما يوجد رجال يعيشون في المنازل ويستخدمون الأطباق؟!». رجّح البعض أن القصة خيالية رغم أنها لاقت انتشارًا واسعًا لتناولها موضوع الأدوار الجندرية الحامي. ولكنها في المقابل أصبحت كمنبهٍ لبعض الشركات التي غيرت بالفعل في رسائلها، فاستخدمت أساليب عامة ووظفت العنصر الرجالي في إعلاناتها. 

وهذا ما يثير نقطة رائعة وفي غاية الأهمية.. فما هي؟

تُعد فُلّة أحد أفضل الأمثلة على توطين المحتوى والمنتجات.. من عيون باربي الزرقاء إلى عيني فُلّة البنية 3>

تُعد فُلّة أحد أفضل الأمثلة على توطين المحتوى والمنتجات.. من عيون باربي الزرقاء إلى عيني فُلّة البنية 3>

القوة الناعمة

في عصور اليونان القديمة قبل ما يقارب 2000 عام، ظهرت لأول مرة السجادة الحمراء في مسرحية الشاعر اسخيليوس، حيث يصور المشهد استقبال الملكة لزوجها المحارب بعد حرب طراودة، وافتراشها للسجادة الحمراء في ترحيبٍ حار، وفي رد فعلٍ غير متوقعة؛ قابلها الملك بالرفض محتجًا أن للسجادة هيبة لا تليق سوى بالآلهة. مع مرور الوقت أصبحت تستخدم السجادة الحمراء في البروتوكولات الرسمية للمناسبات في رمزية للتقدير والاحتفاء. كان الأمر ساري في كل البقاع، حتى غيرت السعودية هذا الرمز العالمي بلمسةٍ أنيقة وذكية، وحولت اللون الأحمر إلى البنفسجي تيمنًا بزهرة الخزامى، ومنقّشة بالسدو في اطرافها بصفته عنصرًا ثقافيًا من تاريخ المملكة العريق. ليكون السؤال، لماذا؟ 

القوة الناعمة تتجلى في كونها أداة نجاح تُمكّن من الترسيخ والنمو والازدهار، والثقافة بحد ذاتها أقوى استراتيجياتها. فكيف اكسب ثقة العالم واقنعهم بما لدي بينما لا توجد لدي هُوية متينة ورؤية واضحة لمشاركتها؟ هذا ما يجعل كل تفصيلة مهمة، بدءًا بتطوير البروتوكولات المعنية، والظهور المحلي والعالمي، وهذا الظهور بالتحديد هو ما يثير نشرة اليوم. 

عن التفاصيل نتحدث

عن التفاصيل نتحدث

الثقافة بصفتها سلاحًا ناعمًا، تقتضي بابرازها في كافة المجالات والمحافل، وكلما كانت هذه الثقافة بأصلها متينة؛ تماهت بسلاسة وجمالية في كل القطاعات. ولكن ماذا يحدث اذا لم توفّق الميديا في توظيفها؟!

قبل عدة أيام دخلت للتطبيق المفضل لدي لأطلب عدة نواقص، وتفاجأت في الصفحة الرئيسية بشعارات الهالوين وهي ترحب بي، وكل قسم في الصفحة يعكس أدق تفاصيله. تعجبت لدرجة أنني عدت أتأكد من الموقع لأرى ما إذا كنت في الرياض أو في قلب بروكلين! 

رأيت العديد من الذي يحتفلون به وكلها أمور شخصية تعود لقناعاتهم، لكن أن تحتفل فيه شركة بهذا الظهور اللافت دون أي مراعاة وتخصيص لثقافة المستخدم، أن يتواجد خلفه فريق بأكمله ولم يقل أحدهم «وش دخل الهالوين في بقعة بالكاد تهتم لوجوده؟» كان أمرًا عجيبًا. 

اللافت أنني بالعادة من الأشخاص الذين لا يلقون بال، ولكن أثيرت حفيظتي لأول مرة، وصار الموضوع عندي أشبه بـ الحميّة .. فإن كنت متمكن في الوصول للعميل فما الصعب أن تنسجم في عاداته وتسخر مواردك بما يعزز ثقافته وعلاقتك بك؟

أظن -وبعض الظن أثم- أن مثل هذه التعديات كانت لتسامحنا الدائم تجاه هذه التفاصيل، ولكن التفاصيل هي ما تصنع الصورة الكبرى. والقوة الناعمة تستطيع الانفتاح على العالم بثقة ولكن لا تعني الانصهار في عاداته دون عاداتنا. ربما -وهي ربما شخصية- لو كنا أكثر حزم مع كل من يطرح ما يتعارض ما ثقافتنا ومعتقداتنا لما رقصت عناكب الهالوين في جوالي وجوالك.

تتفق معي في الموضوع؟ شاركني رأيك بالتعليق على النشرة أو الرد على الإيميل.

كاتبتكم المعهودة التي يصادف يوم ميلادها يوم الهالوين من سخرية القدر: عهد🌷

*إذا اعجبتك هذه النشرة أطّلع على أخواتها السابقات (:

جرمٌ صغير- العدد #45 - نشرة نَجوى عهد | هدهد

جوزيف vs يوسف
gohodhod.com

صِقَاره- العدد #31 - نشرة نَجوى عهد | هدهد

خميس سعيد تثيره هواجيسي(:
gohodhod.com
مشاركة
نشرة نَجوى عهد

نشرة نَجوى عهد

نشرة خميسية تضم تأملاتي الذاتية والكونية وحتى التهكمية!

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من نشرة نَجوى عهد