دليلي - العدد #63

25 ديسمبر 2025 بواسطة عهد #العدد 63 عرض في المتصفح
تحالف العصر: القلب والعقل!

«أنا قلبي دليلي قالي حتحبي.. دايمًا يحكيلي وباصدق قلبي»

هذه ماجدة الرومي تصدق قلبها، ولكن من صوتها العذب، ونبرتها الهائمة، وعيونها اللامعة أستطيع القول أنها أصلًا ليست في موضع خيار، والقلب الذي يحكي لها.. هايم ومنتهي!

بين القلب والعقل

في ترجيحات القرارات والاختيار دومًا ما ننبذ القلب نبذة المخطئ الغاوي، فالعقل يبني على أسس صحيحة وواقعية، دون تغويش عن الحاضر أو تجميل، بينما القلب ينجرف خلف اهوائه، والهوى من صنع الشيطان الغاوي الجاهل. وأنا من طرفي، أكره كل رأيٍ متطرف، وتجاهل توجيهات القلب أو الانجراف بشدة معها من صور التطرف والتعصب الممقوتة. يقول المتنبي مثلًا «ذو العَقلِ يَشقى في النَعيمِ بِعَقلِهِ.. وَأَخو الجَهالَةِ في الشَقاوَةِ يَنعَمُ» ولكن هل الشقاء ضريبة العقّال رغم عقلانيتهم؟! ربما تناقضمها -أي القلب والعقل- امتحان، ولكن قد يكون تحالفٌ قوي لم نصل بعد لربع قوته وعمق فائدته.

في آخر الدراسات اللافتة والعجيبة، توصلت مؤسسة كارولينسكا الطبية وجامعة كولومبيا (هنا) إلى وجود ما يسمى بـ «العقل الصغير في القلب». وهي شبكة عصبية داخلية مستقلة في القلب تتحكّم في النبضات مثلما يتحكّم العقل في التنفس. هذا ما يفتح الباب أمام فرضياتٍ مختلفة ومتنوعة أمام النظام العصبي في القلب الذي قد يوفر حلولًا لمعالجة أمراض القلب المختلفة. ومن جهةٍ فلسفيةٍ أدبية -جهتي أنا وماجدة الرومي- هذا الاكتشاف يفتح الباب إلى التمعن أكثر في حقيقة «منطقية» قرارات القلب، ومدى رسانة الحدس الذي يقترب وينفر، يشعر ويستشعر. 

قائمة المطلوبين في العالم: القلب المسكين!

قائمة المطلوبين في العالم: القلب المسكين!

قلب المؤمن دليله

وصفي للرأي المنحاز لنبذ القلب بما حوى لم يأتي من فراغ. من منظوري المتواضع، الإيمان مثلًا يجري ويستقر في القلب، وكثيرًا من الأمور تفوق فهمنا وعقولنا ولكننا بصادق الإيمان نتوقف عن منطَقَتها -من منطقية- ومحاولة تفسيرها، ونصدقها فحسب بكل خلايانا. الإيمان الذي يقتضي التصديق لأننا نلمس ونستشعر صدقه وعذوبته.. أليست القلوب شواهد؟

ما يهيض نشرة اليوم ليس الإيمان وعذوبته وإن كان دومًا نهرنا المنهمر علمًا ومعرفة، ولكنها تلك القرارات الصغيرة اليومية التي لا تحكم العالم وغيره ولكنها تؤثر في نمط معيشتنا. تلك القرارات التي تلامس علاقاتنا ومدى قربها وبعدها، فبعضها وإن طالت لايزال يشعر القلب في كنفها بالاغتراب، وبعضها وإن قصرت تحوي القلب في جنباتها وتضمه.. ومهما كان العقل ذكيًا وخارقًا إلا أن القلب الفيصل. هذا ما يدحض ذاك التعصب تجاه القلب، هذا السيد -أو السيدة فالقلب أرق من أن يُذكّر- الذي يألف ويقترب قبل أن يفسر العقل بتعقيداته أو ينفر ويشمئز.

«إذا شككت في مودة إنسان فاسأل قلبك عنه، سلوا القلوب عن المودات فإنها شواهد لا تقبل الرشا»

علي بن أبي طالب رضي الله عنه

فالقلوب وإن لم تكن بتلك المنطقية إلا أنها بـــوصـــــلــــــة تقودنا -شئنا أم أبينا-. كم من ناجحين وصلوا غاياتهم لأنهم آمنوا في صميمهم أنها نصيبهم ومقدرة لهم رغم الواقع المرير وفرضياته القاطعة، وكم من علاقاتٍ نفرت منها القلوب وأثبت الزمان خداعها.. والقائمة تــــطــــــول. يقول الشاعر العباسي صالح عبدالقدوس «لا أسألُ الناسَ عمّا في ضمائرهم.. ما في ضميري لهم من ذاك يكفيني». 

ختامًا، «إن الأرواح جنود مجندة» والفصل في ألفتها أو تنافرها ليس على عاتق العقل وحده، وإنما للقلب دلالة ومعرفة حتى وإن لم تُفسّر!

لقلبك رأي آخر؟ شاركني بالتعليق على النشرة أو الرد على الإيميل.

كاتبتكم المعهودة بين قلبها وعقلها: عهد🌷 

*إذا اعجبتك هذه النشرة أطّلع على أخواتها السابقات (:

الـروح - العدد #52 - نشرة نَجوى عهد | هدهد

لـنفسك الرقيقة 3>
gohodhod.com

متنفس🌬️ - العدد #40 - نشرة نَجوى عهد | هدهد

أربعون نشرة والقادم أعبر3>
gohodhod.com
م. طارق الموصللي1 أعجبهم العدد
مشاركة
نشرة نَجوى عهد

نشرة نَجوى عهد

نشرة خميسية تضم تأملاتي الذاتية والكونية وحتى التهكمية!

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من نشرة نَجوى عهد