الـبـسـالـة - العدد #44

3 يوليو 2025 بواسطة عهد #العدد 44 عرض في المتصفح
الفرح لونه أزرق💙

ما غير روح التحدي في عروقي تفوح.. قوة صمودي على جور الزمن خارقة

هذا وأنا عزتي دايم قبالي تلوح.. لين أصبحت في حياتي ميزة فارقة

أرفض شعور الندم وأرفض طمان السفوح.. لو كان فيه الحياة غصونها وارقة

مادام فيني نفس يذري وفيني طموح.. باب وراه اعتزازي طارقه طارقه

رغم امتداد التعب عيا يموت الطموح.. والشمس بكره ورغم أنف الدجى شارقة

- الشاعر مساعد الرشيدي -رحمه الله-

الطموحات المستديرة

يا لها من أسابيعٍ شيّقة يعيشها مشجعي الكورة! في خضم أحداث كأس العالم للأندية حيث تتنافس نخبة أندية العالم حول كرة مستديرة للفوز بالكأس الذهبي والأكيد السمعة والناموس التي ستزلزل الأصداء بغرور الفائز وتذل حسد المنافسين. كرة القدم على وجه الخصوص لا تستدعي فهمك العميق لمعرفة الركنيات وضربات الجزاء وقوانين التسلسل وتكنيكات المدربين، حتى تستطيع تمعن النظر وتتجاوز المهارات البدنية والذهنية لترى حقيقة التنافس الذي يشتعل في الصدور، فهي ليست «لعيبة يلاحقون كورة» بل تحديات كمثل التحديات التي خاضها البشر منذ فجر الحياة، من الأقوى؟ الأفضل؟ الأمهر؟ وحتى من الأغنى بيننا؟ كم صرف النادي مليارًا في تعاقداته؟ وحتى مذاهب مختلفة كما لو أنها خيارات موتٍ وحياة! مذهب ميسي أو رونالدو؟ فريق سامي الجابر أو ماجد عبدالله؟ إلا أن ما يعشقه -وأعشقه- الجماهير ليست المناكفات والنزاعات وحتى الهجاءات في المنافس، ولكن السيناريوهات المجنونة التي يضمها المستطيل الأخضر، كما لو أنه مشهدٌ مقتطع من الحياة يضج بكل الاحتمالات والأحداث، يحبس الكلمات، ويهطل الدموع، بين الحماس والغضب، الفرح والحزن، والترقب والرهان، الكسب والخسارة.. أليست المباريات تمثيلية حيّة لحياة الناس؟  

عندما تنطق الصور الصامتة! 

عندما تنطق الصور الصامتة! 

وعلى قدر ما يحاول كل مسؤول في حياة رياضة كرة القدم على تمثيل الحيادية إلا أنها ولو أنكروا ساحةً لفرض القوة، تخرج عن سياقاتها في الصحف واللقاءات، لن يقولوا الأنجيلز مثلًا نحن من أسسناها ونحن الأفضل، لكن ستتصدر صحفهم بالعناوين العريضة تفوح غرورًا، وسيتراشق الصحفيون بسهام الكلام الفاضح للنوايا بـ «أينكم؟ وأيننا؟». ولكنها لعبة تعشق المستحيلات، تتغذى على أماني الجماهير ودعواتهم، لتعلمهم في كل مباراة أن الحياة ميدانٌ من الفرص أمام من يقتنصها. 

لم تثار هذه النشرة جراء فوز الهلال السعودي الساحق والمشرف على مانشستر سيتي الأنجليزي، بل أثيرت منذ فوز المنتخب السعودي على الأرجنتين في نوفمبر ٢٠٢٢. تلك المباراة التي اثقلتها السخريات، وعرقلتها الفوارق المزعومة، من يقابل سالم الدوسري ورفقاؤه؟ ميسي أسطورة العالم وفريقه، كانت الأحكام قد قطعت، وقرر قضاة اللعبة الفائز قبل الخوض فيها. لكن يالها من تمثيلية حياتية تثبت مجددًا أن البسالة كاسبة لا محالة أمام التعنت، وأن التاريخ وحدة لا يصمد أمام خطاطي المستقبل؛ لتكون تلك المباراة مسرحًا واعظًا للعالم يثبت التكافؤ أمام المستديرة، وتفوز السعودية بأمالها وطموحها ودعواتها أمام غرور الأرجنتين وغطرسته. 

وتستكمل هذه القيم الحياتية حتى لقاء الهلال ومانشستر سيتي، ليفوز الهلال في «ملحمة كروية» لم يحسبها مانشتر سيتي، ليكون أول فريق سعودي وآسيوي يفوز على نادي أوروبي. فأي شجاعة تحلّى بها الزعيم ليقدم درسًا بالمجان؟

أن تلعب بالروح والإمكانات لا الافتراضات والتوقعات

أن تلعب بالروح والإمكانات لا الافتراضات والتوقعات

الــتــحــدي

«ما غير روح التحدي في عروقي تفوح.. قوة صمودي على جور الزمن خارقة.» أي بيتٍ هذا يا الرشيدي؟ يختصر معلقاتٍ في العزيمة والإقدام! 

الحياة بعيدًا عن سياق الكرة اليوم تضج وتعج بالتحدي، الإنسان أمام حياته كالمحارب في ميدان المبارزة، يقف أمام امتحانات القدر تتوالى بلا كلل. يُمتحن الإنسان في نفسه، في بيته، عمله، طموحاته، لكن ما الذي يجعله يكسب أمام متاهات الحياة سوى الامتثال أمامها ببسالة؟ ألم يقل المتنبي «لولا المشقة ساد الناس كلهم.. الجود يفقر والإقدام قتال»، ولسخرية الحياة منهجيةٌ أخرى، فكلما زادت تلك الشجاعة زادت مقاديرها، يقول أحمد بن دبيان «لو منت بكفو ماجتك الكلايف.. القوي  دايم  صواديفه  قوية.» فـلو -وأعوذ بالله من كلمة لو- لم تكن على مقدارٍ من القوة لما كلفك الله بما لا تقوى، إدراكٌ يوسع أفق الرؤية التي لا يبرح الشيطان في تصغيرها.

والتحدي على قدر معرفتنا له إلا أنها كلمة مغبشة في قواميس الغلابة، أولئك الذين يعيشون دور الضحايا، ولا يبرحون عن النواح واللطم والتشكيك، بل حتى ونفث تلك الضعافة على حيوات الآخرين، فعندما يتشجع أحدهم لتولي مسؤولياته ستجد ظلًا خلفه يشكك به، فكيف للعقول السقيمة تصديق حقيقة وجود الجسارة؟

تقول آشلي إليزابيث عن عيش دور الضحية «لا بأس بأن نشعر في الرغبة بالبحث عن التعاطف والمشقة بمشاعرنا بين اللحين والآخر، ولكن الاستسلام لتلك الرغبة بصورة دائمة هو ما يوقعنا في فخ دور الضحية.» الجميع يحظى بنصيبه من مقسوم الأقدار القاسية، لكنها شعرةٌ رقيقة تكمن بين تحديها وتولي المسؤولية، أو الوقوع في فخ الشيطان الجازع ودور الضحية. 

ختامًا، كلما زادت جرعة الدروب قسوتها بانت المعادن الأصيلة عن غيرها، وتظل الشجاعة والطموح خيار الأقوياء امام الصعاب التي إما يتولاها أو تتولاه. وعلى البال دائمًا أبيات المتنبي الجزلة: 

عَلى قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتي العَزائِمُ.. وَتَأتي عَلى قَدرِ الكِرامِ المَكارِمُ

وَتَعظُمُ في عَينِ الصَغيرِ صِغارُها.. وَتَصغُرُ في عَينِ العَظيمِ العَظائِمُ

للاطلاع على بقية القصيدة الرائعة هنا 

كاتبتكم الطموحة رغم أنف الدجى: عهد🌷

*إذا أعجبتك هذه النشرة أطّلع على أخواتها السابقات(:

صِقَاره- العدد #31 - نشرة نَجوى عهد | هدهد

خميس سعيد تثيره هواجيسي(:
gohodhod.com

يقين الـ🕊️ - العدد #43 - نشرة نَجوى عهد | هدهد

عامكم سعيد 3>
gohodhod.com
مشاركة
نشرة نَجوى عهد

نشرة نَجوى عهد

نَجوى عهد، نشرة بريدية اسبوعية اشارككم فيها افكاري وتأملاتي وحتى هواجيسي التي ملّت حبس مذكراتي. جسرًا بيننا تغرّد فيه افكاري بحرية!

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من نشرة نَجوى عهد