هل أنت كاتب سائب؟ أم صاحب مشروع؟

1 أكتوبر 2025 بواسطة عبدالله بن عمر #العدد 7 عرض في المتصفح
أثناء غيابي المديد عن مراسلتك كل أربعاء، جرت مياه كثيرة تحت الجسر (كما يقول الإنغليز)، وأنا محدثك اليوم عن الإضافة التي أضفتها لعملي التدريبي؛ فانفتح لي معها باب من أبواب التوفيق والفتح.. تفضل

دلني الصديق العزيز عمر فلاته على طريقةٍ لطيفة من طرائق التدريب، تسمى "التحدي المصغّر" "Tiny challenge"، وفكرته أن يقدّم المدرّب تدريباً فردياً مكثفاً في خمس جلسات متوالية.. أعجبتني الفكرة، وقررت أن أقدمها هدية لعدد محدود من الكتّاب، وكان الهدف من هذا التدريب: أن أعمل مع الكاتب على تشخيص وضعه الكتابي، والتعرف على العقبات التي تقف بينه وبين أهدافه الكتابية، ثم التعرّف الدقيق على قارئه المثالي، ثم التخطيط لمشروعه الكتابي لعام كامل.

وكما يبدو صلاح الثمرة وهي على الشجرة قبل أن تنضج؛ كانت النتائج مبشرة منذ الجلسة الأولى، قدّمت هذه الخدمة الطوعية لبضعة نفر، من بلدان مختلفة، ومشارب وأهواء متباينة، وكانت النتيجة جميلة مبهجة في كل مرة.

فرحتُ جداً بما جرى، وعددته فتحاً من الله مبيناً، ثم فكّرت: كيف أستثمر هذه التجربة الناجحة؟ وهداني الله بعد طول تفكير إلى أن أجعل هذه التجربة فاتحةً لبرنامج رحلة الكتابة. كلّما التحق بالبرنامج متعلم جديد؛ جلستُ معه هذه الجلسات المكثفة، التي تساعده على ضبط البوصلة الكتابية، واستكشاف الآفاق البعيدة، والشروع في مشروعه الكتابي منذ اللحظات الأولى.

والحق أن هذا من أجمل العطايا الربانية التي سعدتُ بها في الأيام الأخيرة.. فها أنا أساعد الكاتب على أن ينتقل من إنسانٍ يكتب وحسب، إلى كاتبٍ صاحب مشروع كتابي، واضح المعالم، له قارئ محدد، معروف جيداً لدى الكاتب، لهذا المشروع الكتابي ثلاثة أهداف مفيدة للقارئ المثالي:

١. تخفيف الآلام.

٢. وتقريب الأحلام.

٣. وتبديد الأوهام.

وفي مقابل هذه المكاسب الثلاثة للقارئ: ينال الكاتب ثلاثة مكاسب:

١. تنظيم معرفته.

٢. وتزكية علمه.

٣. وترسيخ سلطته العلمية.

ولكل واحدة من النقاط السالفة حديثٌ طويل، آمل أن أفرد له حديثاً مطولاً في قناتي اليوتيوبية بعون الله.

بين الكاتب السائب والكاتب صاحب المشروع:

هناك كاتب سائب، وهناك كاتب صاحب مشروع.. 

الكتابة بالنسبة للكاتب السائب هواية، وهي بالنسبة لصاحب المشروع: التزام.. 

والكاتب السائب، يكتب كلما عنّ له أن يكتب، تنفيساً عن نفسه، أو تعبيراً عفوياً عن فكرة أو عاطفة، والسلام. أما الكاتب صاحب المشروع فيكتب كتابة مؤطرةً مقيدةً، لقارئ مخصوص، بأهداف مخصوصة، وفق خطة مرسومة، أو وفق توجه واضح وحاسم.

والكاتب صاحب المشروع خير من الكاتب السائب، وفي كلٍّ خير.. وصاحب المشروع خيرٌ لأن نصوصه تأتي ضمن سياق من التمركز، وتخلق حالاً من التراكم، الذي يضيف قوة إلى النصوص، ويجعل آخرها يتبع سبيل أولها.

وبهذا يتحقق لصاحب المشروع تأثير عميق، لأن النصوص التي يكتبها تكتسب قوتها من وحدة موضوعها، وتكتسب معناها من وحدة قارئها، وتشعل بتراكمها حماسةً وثقةً لا تحققهما النصوص المتناثرة.
ويتحقق لصاحب المشروع كذلك: نموٌّ مستمر، في معرفته، وفي قاعدة قرائه، وفي مضمون معرفته وتجاربه، وفي موارده المالية إن قرر إضافة المكون المالي إلى مشروعه.
ويتحقق للكاتب صاحب المشروع.. تحوّلٌ شخصي، يجعله ملهماً لقارئيه، ومرجعاً في مجاله، فالمحتوى ليس الملك، بل المحتوى هو الحاجب، أما الملِك فهو التموضع، الذي يعطي صاحبه سلطة معرفية يراها الأعمى، ويسمعها من به صمم!

فإن أبيتَ أن تكون كاتباً صاحب مشروع.. ولكنك ظللت تكتب، فأنت على خير كذلك، لكنّ هذا الخير فيه دَخَنٌ، من ضياع بعض الجهد، وغياب الهوية الكتابية الفاقعة، والتعرض لانطفاء الحافز تجاه الكتابة حين يغيب عنك تراكم المنجزات الكتابية.

ولا يولد المشروع الكتابي صدفةً، إنما يولَدُ من قرار واعٍ بأن تكف عن بعثرة النصوص، وتتخذ لنصوصك وأفكارك خيطاً ينظمها، وقارئاً محدداً يهضمها، وتضع لها خطةً شخصيةً.. 

وهذا تحوّلٌ كفيلٌ بأن يصنع لك أثراً ضخماً في دنيا الناس، وانتصاراً على أذى الشتات، وعوامل الحيرة، وما النصر إلا من عند الله، وما توفيقنا إلا بالله!

أرجو أن أكون قد دللتك على شيء حسن، والحق أني أشعر بأن هناك كثيراً مما أريد قوله لك عن هذا المشروع، فانتظر مني تلخيصاً لهذه الفكرة في كتاب رقمي صغير أقدمه لك قريباً إن شاء الله.

تمرين الأسبوع متصل بموضوع الغلاف.. فدونك الخطوات الآتية التي قد تغيّر حياتك!

أجب عن هذه الأسئلة الآتية:

١. ما القضية أو الفكرة التي تشعر أنها الأهمّ في كتابتك؟

٢. لمن تكتب على وجه الدقة؟ صف قارئك المثالي: عمره، اهتماماته، ما يحتاجه منك.

٣. ما الألم الذي ستخففه عن قارئك المثالي؟

٤. ما الأوهام (القناعات والمعتقدات الخاطئة) التي تحول بينه وبين حياةٍ طيبة؟

٥. ما الأحلام التي يسعى لتحقيقها وتستطيع تقريبه منها؟

هذه أسئلة تكفي لتضعك على بداية طريق مشروعك الكتابي.

توصية الأسبوع هي منصة كتابة، التي تسدّ ثغرةً هائلةً يعرفها كل من عانى التعامل مع مصاعب التدوين التقنية.. 

على قائمة الأخبار في هذا الأسبوع خبر واحد، هو إطلاق برنامج رحلة الكتابة، اطلع على تفاصيله من هنا إن شئت.

شكراً لأنك بلغت هذا السطر، وأراك الأربعاء القادم على خير بإذن الله.

صبا الزيودكتابات خجولة2 أعجبهم العدد
مشاركة
نشرة عبدالله بن عمر البريدية

نشرة عبدالله بن عمر البريدية

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من نشرة عبدالله بن عمر البريدية