هذا ما تخسره منذ دهر لأنك لم تقو عضلات قلمك

11 يونيو 2025 بواسطة عبدالله بن عمر #العدد 2 عرض في المتصفح
السلام عليكم..
كيف الحال؟ أرجو أن تكونوا بخير..أعود بعد انقطاع فرضته الظروف فرضاً، لا أعاد الله الانقطاع، وأسأله سبحانه الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد..أشعر اليوم بالحماس وأنا أخاطب قراءً التحقوا بهذه النشرة من جديد، لأنهم حرصوا على قراءتها، ورغبوا في استمرار مطالعتها، وأنا مدين لهم بأن أكتب كلاماً مثرياً ومضيفاً.حياكم وبياكم

أنت تقرأ هذه النشرة لأنك مهتم بالكتابة، هذا هو التصور المنطقي الوحيد، أليس كذلك؟

بناء على هذا الافتراض أكتب لك هذه الرسالة، وكل الرسائل الآتية، ولذا أحمل قدراً كبيراً من الثقة حين أقول لك: إنك تخسر كثيراً من الأشياء لأنك لم تقوّ عضلاتك الكتابية إلى الدرجة الكافية.

أريدك أن تسأل نفسك:

  1. كم فكرةً رائعة مدهشة.. حلّقت في السماء ثم حطّت على رأسك، فلم تعطها حقها.. إما لأنك أهملتها ولم تكتبها، أو لأنك كتبتها ولم تحسن كتابتها.. إهمالاً، أو غفلةً، أو قصوراً في قدرتك الكتابية؟
  2. كم نصيحةً، فكرةً، إلماحةً، دارت في رأسك، واكتنزها صدرك، وكان بوسعها أن تغيّر وجهة نظر إنسان واحد، أو تفتح باب الأمل أمام قارئ واحد، أو تضيف معرفة إلى قارئ واحد، أو عشرة، أو مئة، أو ألف، أو ألوف من الناس.. لكنك لم تكتبها أصلاً، أو كتبتها كتابة ضعيفةً، إهمالاً، أو غفلةً، أو قصوراً في قدرتك الكتابية؟
  3. أنت مختص في شأن ما.. بالتأكيد! كم معلومةً، وحقيقةً، وقاعدةً معرفية، وتجربةً مفيدةً، لم تكتبها.. لا لغرض زيادة معرفتك بها، ولا لغرض إفادة غيرك بها، ولا لغرض بناء سلطة معرفية لك في عالم الناس الذي يتسيده المحتوى، إهمالاً، أو غفلةً، أو قصوراً في قدرتك الكتابية؟

لا أريد أن أطيل ولا أشقق الأسئلة، فليس شأن هذه الرسالة أن تثير في نفسك مزيداً من الأسى! لكن القصد هو التذكير بأن بين يديك ثروة ضائعة، وفرصة مهدرة، وأبواباً مفتوحة لم تلجها بعد.. وكتاباً لم تأخذه بقوة..

أنت تعلم بالتأكيد أن المعرفة سلاح، وأن الكتابة قوة، وأن بوسعك استخدام القلم لتنظّم معرفتك، وتعلّم غيرك، وتملأ رصيدك من الحسنات في الآخرة، ومن النقود في الدنيا.

وأنت تحب بالتأكيد أن تترك أثراً طيباً في دنيا الناس من بعدك، وأن تكون مفتاحاً للخير، وأن تعلّم الناس علماً يُنتفع به.. وأنت تعلم بالتأكيد أن كل هذا التنظيم لمعرفتك، والتأثير في الاخرين، لا يتم من تلقاء نفسه، بل يلزمه أن تكون لك قدرة كتابية.

وأنت تعلم بالتأكيد أن هذه القدرة الكتابية يجب رعايتها، وصقلها، وتقويتها..

حسناً، دعني أذكّرك بما تعلمه أيضاً.. كل يوم يمضي دون مكسب من هذا الباب فهو خسارة، كل يوم يمضي دون كتابة فهو حسرة..كل يوم يذهب لم تكتب فيه فأنت تحرم نفسك: وضوحاً في الذهن، وتنظيماً للأفكار، وترتيباً للمعرفة، وتوضيحاً للثغرات، وتحقيقاً لنفع الآخرين وإلهامهم.

وكل يوم يمضي دون أن تكتب.. يتراكم في ذهنك شعور بأن الكتابة ليست أولوية، وليست مهمة، أو هي مهمة لكنك مقصر في أخذها بحقها، وفي الحالتين.. لن تكون مرتاحاً، وأنت ترى صوتك محصوراً في داخلك، ونورك حبيساً في قبو بعيد عن عيون الناس، لا يبلغ أحداً لأنك اخترت ألا تخرج مصباحك إلى حيث يضيء السبيل للعابرين.

ربما تشعر أني أتحدث عنك تماماً، وربما تقول في نفسك: كلا! أنا أحسن من هذا، أنا أكتب بحمد الله، صحيح أني أكتب أقل مما أستطيع، ودون ما ينبغي، لكني على الأقل أكتب، ولي بالقلم علاقة حسنة. 

وهنا أقول لك: كيف هي صلتك بالكتابة؟ هل هي مبنية على معرفة منظمة، ومنهج واضح؟ أم مبنية علي اجتهاد شخصي، وموهبة خام، ومحاولة شخصية هاوية؟ هل تشعر أن كلماتك فقد بلغت المستوى الذي كنت تطمح إليه؟ هل تكتب دون أن تضيّع وقتك في ساعات طوال من التجربة والغلط والمراوحة بين الأخطاء والصوابات؟ هل تمشي مكباً على وجهك؟ أم تمشي سوياً على صراط مستقيم؟

هل كلماتك التي تكتبها تحقق أحسن تأثير يمكنها تحقيقه؟ أم هي مفتقرة إلى البنية، والعمق، والإتقان؟

أنا آسف إن أثرتُ مواجعك، ولكني لك ناصح أمين! والذي أريد أقوله لك هو الآتي:

أولا: اجعل الكتابة عادةً راسخةً في يومك.. اكتب كل يوم، كل يوم بلا انقطاع.

ثانيا: رقّ قدراتك الكتابية، متبعاً وصفةً منهجيةً تجعلك تتقدم في ميادين اللغة وممارسة الكتابة باستمرار واطراد.

ثالثا: لا تفعل ذلك وحدك! فإن طريق الكتابة موحشة شاقة على من يسلكها وحيداً، اتخذ لك شركاء  ورفاقاً.

رابعا: استعن بمرشد هو أخبر منك بشأن الكتابة، فإن نصيحة الخبير تختصر عليك الزمن والدموع والعرق وخيبات الأمل.

ولولا أني أخشى أن أحوّل هذه الرسالة إلى نص دعائي، لذكرتُ لك رحلة الكتابة، ومدرسة الكتابة.. وقدمتهما لك باعتبارهما أهم الحلول وأعظمها لمن يريد تحسين قدراته الكتابية، لكن هذا غير صحيح بالضرورة.. وأنا أخلص لك النصح هنا فأقول: إن كنت تمتلك الإرادة الكافية فلست بحاجة لما هو أكثر من تذكير صغير، وقد قدمته لك في مطلع هذه الرسالة. فتّش وابحث، واختر من المنهجيات ما يناسبك، واصنع مجتمعاً كتابياً، أو كن جزءاً من مجتمع كتابي.. وتوكّل على الله، المهم ألا تخسر مزيداً من الزمن، فقد خسرت الكثير فيما مضى، ولا تضيع على نفسك مزيداً من الفرص؛ فقد ضيّعت ما يكفي. 

فالك التوفيق!

تمرين هذا الأسبوع عميق.. وهو ملائم بما أننا نوشك أن نختتم عاماً هجرياً، ونوشك أن ننتصف عاماً ميلادياً:

اكتب تقريراً تصف فيه حالك مع الكتابة.. مكوناً من خمس فقرات:

  1. حالك مع الكتابة: في جملة أو جمل قليلة.. صف علاقتك مع الكتابة، لمَ تعد الكتابةَ مهمةً لك؟ وكيف هو حضورها في حياتك؟ وما الذي تجنيه من ديمومة هذه العلاقة؟
  2. أكبر أحلامك الكتابية: هنا تخيّل نفسك بعد خمس سنين، أو عشر، أو عشرين.. وقد صار للكتابة في حياتك وجود وشأن، وإنجازات متراكمة.. ما هو شكل حياتك مع الكتابة بعد هذا الزمن؟
  3. ما يحول بينك وبين أحلامك: أرأيت تلك الأحلام التي سطرتها في الفقرة السابقة؟ اكتب ما يحول بينك وبين تحقيقها..
  4. خطتك الهجومية: كيف لك أن تقتحم العقبات التي تقف بينك وبين أحلامك الكتابية؟ كيف تتجاوزها؟ مع من؟ وبأي سلاح؟
  5. خطوتك الأولى: بماذا ستبدأ اليوم، أو الليلة؟ حتى لا يصبح كل ما سبق مجرد أمنيات معلقة على حبال الإفلاس والبطالة..

هذا تمرينٌ أضمن لك أنه سيكشف لك عن نفسك، وعن حالك مع الكتابة.. جرّبه وراسلني إن بدا لك أن تفعل.

توصية هذا الأسبوع هي مجتمع الكتابة الذي يقوم عليه الصديق العزيز رائد العيد، أعاد المجتمع تشكيل هويته البصرية، وأحسب أنه سيقدّم إضافة حسنة إلى المعنيين بالكتابة.

هذا أسبوع حافل بالأخبار.. من أين أبدأ؟

  1. مطلع العام الهجري الجديد بإذن الله، سأبتدئ الدفعة السابعة والعشرين من برنامج "رحلة الكتابة"، ستكون تجربة جديد مختلفة، لأنها ستكون نسخة جديدة بالكامل من هذا البرنامج الذي قدّم على مدى أربع سنوات لأكثر من أربعمئة كاتب وكاتبة من ثمانية عشر دولة. البرنامج يقدّم وصفة منهجية لتحسين القدرات الكتابية، ويتكون من خمس مهمات رئيسة، تتكون كل مهمة من خمس خطوات، كل خطوة مزودة بكراسة تطبيقية ودرس مسجل أو أكثر. ويرافق الرحلة هديتان: استشارات مفتوحة لمدة عام كامل، وعضوية سنوية في مدرسة الكتابة. لمزيد من المعلومات عن الرحلة: دونك الرابط.
  2. قبل يومين أو ثلاثة، نُشرت على بودكاست أثير، حلقة "أفارقة مكة" التي تحدثت فيها مع الصديق العزيز الدكتور أحمد فال ولد الدين عن رحلة الأفارقة إلى مكة واستقرارهم بها، وتحدثت عن عائلتي وكيف استقر المقام بوالديّ في البلد الأمين، أرجو لك متابعة ممتعة.
  3. لا تزال فعاليات مدرسة الكتابة مستمرة بحمد الله، البارحة كان لقاؤنا الأسبوعي بعنوان: لماذا نكتب اليوميات؟

شكراً لأنك وصلت إلى هذا السطر، أراك على خير الأربعاء القادم إن شاء الله.

افتتان أحمدسلوى هزازينورهان7 أعجبهم العدد
مشاركة
نشرة عبدالله بن عمر البريدية

نشرة عبدالله بن عمر البريدية

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من نشرة عبدالله بن عمر البريدية