لماذا السرد القصصي مهم لأصحاب العلامات التجارية؟ - العدد #52

بواسطة دليلة رقاي #العدد 52 عرض في المتصفح
 "لا يشتري الناس المنتجات والخدمات... بل يشترون العلاقات و سحر القصص والحكايات..." مقولة سيث غودين بتصرّف.

صورة طاولة عمل أو دراسة. [Photo by Nick Morrison on Unsplash]

صورة طاولة عمل أو دراسة. [Photo by Nick Morrison on Unsplash]

استيقظتُ في الليلة الماضية ليلًا ولم أستطع النوم، وكان في نفسي حاجةٌ لقراءة شيءٍ ما يخفف عني. فاتجهتُ صوب كورا ولم يظهر لي إلا عدد من الأسئلة الروتينية والمكررة. فقررت زيارة مدونة الأستاذ أحمد العسّاف وقرأتُ عددًا من المقالات التي شدّت انتباهي.

تضمّ مدونته عددًا من المقالات القيّمة، التي تعلّمك الكثير وتزيد من ذخيرتك اللغوية. وفيما يلي عددٌ من المقالات التي قرأت:

  1. تجويد الكتابة.
  2. القراءة والكتابة بين الظل والحرور.
  3. إذا وقعت في حب كاتبة!
  4. هذه المدونة وكاتبها.

جلستُ عصر الجمعة مع العائلة بعد شرب قهوة العصر. وحدثتني نفسي بقصص الجدات، فطلبت من جدة زوجي أن تحكي لي قصة. فكان ردّها أن أسرد أنا قصة عليها، وفعلًا كنت أحفظ قصة "بقرة اليتامي" فبدأتُ بسردها مع أنني نسيتُ بعض الأحداث لكنني استطعتُ تدارك ذلك

دون أن تظهر القصة بشكل غير متسلسل...، وتفاجأتُ بإنصاتهم جميعًا حتى أنّ أم زوجي أخفضت صوت التلفاز والتفتت لي... أنهيتُ سرد القصة الأولى. وضحكنا في نهاية المطاف مع قصة عبد الله يرث وعبد الله يرث وعبد الله لا يرث،

وأعتقد أنكم تعرفون القصة. ثم تحمّسَتْ بعدها الجدة وبدأت في سرد قصتها، وما لاحظته في سردها أنها افتتحت القصة بمثل شعبي خلف القصة.

وهذا ما لاحظته أيضًا في قصص جدتي، تبدأ قصصها بخلق استفهام في عقل المستمع، وتصنع فضولًا يجعله يشدّ انتباهه إلى نهاية القصة ليُشبع فضوله. على الرغم من أمية جداتنا وعدم تعلمهن إلا أنن قصصهم تحمل الكثير من الدروس والعبر، ويُجدن بناء الهوك باحترافية.

السبب العلمي خلف حبنا للقصص

"حسب ما جاء في مقال نشرته مجلة فوربس فإنّ السرد يسهّل على أدمغتنا ربط المعلومات بالعاطفة والمشاعر، قد نضحك أو نبكي أو نغضب أو نخاف لكن النتيجة هي معلومة راسخة.

وحين نسمع قصة ما فإنّ عقولنا تشارك فيما يسمى بـ "النقل السردي"ويحدث هذا حين نتفاعل بكل حواسنا مع القصة. ويمكن القول أننا نشمّ ونتذوق ونسمع ونرى كل ما يحدث في حيثيات القصة.

فإن سبق وقرأت كتابًا أو قصة ولم تنتبه للوقت وكيف مرّ بسرعة، فلا شكّ أنّ عقلك اشترك فيما يسمى "النقل السردي" وهذا ما يفسّر حب أدمغتنا للقصص حتى أنّ التفاعلات الكيميائية تكون حقيقية وقابلة للقياس.

وأكثر جزئين من مخك يتفاعلان مع القصص هما الفص الجبهي المسؤول عن الإدراك والفهم، واللوزة المخية "الأميغدالا" وهي مسؤولة عن العاطفة والذاكرة طويلة المدى.

وعندما يتلقى الفص الجبهي المعلومات فإنّ اللوزة المخية تعمل على ترميز المعلومات بناءً على المشاعر التي نشعر بها. مما يساهم في معالجة الذكريات طويلة الأمد كما أنّ كلا المنطقتين مهمتين جدًا في عملية التعلّم.

تذكّر شخصًا بارعًا في سرد القصص، تحب قصصه. هل تحب تشارلز ديكنز؟ أم تحب قصص غابريال غارسيا… أم تحب قصصي؟ أمزح أمزح... فليس لي قصص بعد. إذا كان لديك راوي قصص تحبّه يمكنك إجراء تمرين بسيط وهو إعادة كتابة قصصه بطريقتك الخاصة وهكذا ستكتشف الأسلوب المميز الذي يعطي قصصه متعة وارتباط أكثر.

نتفاعل مع القصص بعواطفنا ونشعر بالانتماء للمكان، ونتعاطف مع الشخصيات وننشئ علاقة بيننا وبينهم. ويعدّ نموذج رحلة البطل من أفضل النماذج التي بناها جوزيف كامبل كقالب للقصص.

أما من زاوية علم النفس فإنّ القصة تخلق في الإنسان ما يسمى "فجوة المعلومات Information Gap" وهو الاسم العلمي للفضول بمعنى أنّ الراوي يصنع لدى المستمع فضولًا يشدّه إلى النهاية لإشباع فضوله". من كتاب رحلة كاتب محتوى ص 111.

صورة غلاف كتاب رحلة كاتب محتوى.

صورة غلاف كتاب رحلة كاتب محتوى.

لماذا السرد القصصي مهم للعلامات التجارية؟

تعدّ القصص وسيلة تعليمية وتوعوية إرشادية منذ القِدم، إضافة إلى ما سبقه ذكره بخصوص المشاعر والتفاعل المشاعري بين راوي القصة والمستمع إلى القصة، فإن المسوقين انتبهوا إلى ذلك وسخّروا القصة لصالح العلامات التجارية. لماذا؟

لأنّ:

  1. القصة تصنع التفاعل.
  2. القصة تثير المشاعر والعواطف.
  3. القصة تثير وتثري التجارب والخبرات العقلية.
  4. القصة تعين الجمهور على الحفظ والتذكّر.

يروي المسوقون القصص لأنهم يريدون أن يتذكر الجمهور رسائلهم، وفي النهاية يتخذ الإجراء الموصى به في القصة. أي عندما يتعلق الأمر بتسويق المحتوى القابل للتنفيذ، فإنّ سرد القصص هو المفتاح.

"لم يعد التسويق يتعلق بالأشياء التي تصنعها، بل يتعلق بالقصص التي ترويها".

المسوق سيث غودين.

أنواع القصص التجارية

تعدّ القصة أداة ووسيلة بيعية أكثر من غيرها من المحتوى، لهذا تفطّن التُجار إن صحّ القول إلى هذه الأداة بعد أنّ تحصّلوا على أرقام وبيانات تثبت جدوى القصة. ومن أنواع القصص ما يلي:

قصة العلامة التجارية

تعتد العلامات التجارية التي تسعى إلى نشر وعي أوسع بعبلامتها التجارية على السرد القصصي. من أجل الوصول إلى أكبر عدد من العملاء المحتملين وتعريفهم على العلامة التجارية وأهدافها وقيمها ومنتجاتها...

قصة ترويج المنتج

ماذا يفعل المسوق الذي أمامه منتج عليه بيعه لأكبر عدد؟ بالطبع يروي قصة يعرّف فيها المنتج وفوائده ومميزاته للعملاء المحتملين، تزيد قصة ترويج المنتج المبيعات وتبقي العميل متطلعًا إلى قصص ومنتجات جديدة.

القصص الإرشادية

توقف عن مطالبة العملاء بقراءة تعليماتك الإرشادية، واجعلها سهلة وقدّم لهم الإرشادات والتعليمات حول كيفية استخدام منتجك أو خدمتك في شكل قصة سلسة وممتعة وتؤدي وضيفة التعليمات المباشرة.

القصص التعليمية

إذا كنت تقدم محتوى تعليمي، فتوقف عن رصف المعلومات ورصها بشكل جاف ومنفّر. فبعد أن أثبتت القصة أنها أكثر حفظًا من غيرها من طرق عرض المعلومات، استخدمها بدل عرض المعلومات التقليدي. خاصة مع التفاعلات الكيميائية التي تُحدثها مثل إفراز هرمون الإندورفين.

قصة القضية الخيرية

إذا كنت تدير جمعية خيرية أو علامتك التجارية تُعنى بالجمعيات الخيرية، وتتطلع لرفع الوعي بجمعيتك وخلق زخم حولها، فعليك لاستفادة من السرد القصصي لخلق تعاطف وبناء روابط إنسانية، بدل عرض تعريفات جافة. ولا تنسى اختتام القصة بدعوة للإجراء سواءً بالتبرع أو أي نوع من الدعم.

كما يوجد عدد من أنواع القصص التجارية لكن تعدّ هذه من أغلب القصص الشائعة حاليًا على الويب.

أشياء أخرى...

أسعى جاهدة هذه الفترة للاستمرار وعدم التوقف، راودتني الكثير من الأفكار مؤخرًا مثل: الانسحاب، الاستمرار في النشرة فقط، أو في المدونة فقط... مع أنني قليلة النشاط هذه الفترة. لكن سرعان ما تداركت نفسي وقررت البقاء بالقليل المستمر وفقط.

لقد ارتكبت خطأً فادحًا فيما سبق، وقبل أن تخمّن مالخطأ سأخبرك. الخطأ فكرة وليس شيئًا آخر، فقط كنت أتجاهل طبيعتي الأنثوية وبدأ العمل الحر والكتابة يأخذ حيّزًا من حياتي أكثر مما يجب. لكن اليوم أدركتُ أنّ هناك أشياء لا يمكنني تجاهلها فهي ليست فقط طبيعتي الأنثوية.

بل تمثل واجبًا وأولوية ووظيفة دنيوية وأخروية، لذلك علينا دائمًا وضع الأمور في نصابها الصحيح. فأنا كأنثى لا يمكنني العمل لأكثر من سويعات محددة، وإن تجاوزت ذلك فسيكون هناك عواقب على مستويات أخرى من الحياة.

طبعًا أنا لا أدعوا هنا إلى التقاعس والتكاسل وإنما لصرف الأوقات فيما يعود علينا بالنفع، ففي النهاية نحن نستثمر سواءً في العلاقات أو في التعلّم أو في أي شيء نبذله، ولا يوجد أوقات لصرفها جزافًا دون أدنى فائدة.

بالأمس تواصلت مع عميلة بشأن عمل في تحسين محركات البحث، ويبدو أنها تعرفني أو ربما عرفت بفراستها، لا أدري. كان ردها مباشرة أنني من ناس الاتحاد، فكان الرد بعلامة استفهام؟ لأن آخر عهدي بالاتحاد كان في سنة 2016.

وليس هذا بيت القصيد، لأنها أردفت قائلةً: نحن نعمل لغايتين... وطلبت أن أنهي العبارة. فأنهيتها وقد كانت إكماليتها: نحن نعمل لغايتين لننتج ولنؤدي الواجب فإن فاتتنا الأولى لن تفوتنا الثانية، بغضّ النظر عن الظرف الذي قيلت فيه هذه العبارة ومن قائلها، إلا أنها حقيقية تمامًا.

فنحن نعمل لننتج ونجني المال ونحقق الإنجاز الذي يعدّ من احتياجات النفس البشرية، فإن حققنا نتائج مرضية فلا بأس، وإن لم نحقق أي شيء فقد أدّينا الواجب وهذا نؤجر عليه في كل حال. فإذا كنت ممن تكتب وتنشر وتنفع الناس، فتذكّر أنك تنتج وتؤدي واجبك ولن يفوتك شيء عند الله في كل الأحوال.

وإن كان لدي شيء أنصحك بفعله لهذا الأسبوع فهو قراءة العدد الجديد من نشرة خواطر مفكرة للأستاذ عبد العزيز آل رفدة. لأن العدد دسم وقيّم فلا تضيعه على نفسك، مع أنه طويل وبه كمّ من التصاميم والشروحات، إلا أنه رائع.

وفي النهاية، ابق بخير.

ــــــــــــــــــــــــــــــ

للتواصل من أجل الأعمال أو أي استفسارات أخرى، تواصل الآن على تلجرامي ويسعدني الرد عليك.

Nada Abbasوليدممدوح نجم6 أعجبهم العدد
مشاركة
الحمام الزاجل

الحمام الزاجل

هنا أكتب بشغف وحب وعفوية أكثر، وأشارك معك كل شيء يخص الكتابة والسرد القصصي وتفاصيل أخرى...

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من الحمام الزاجل