نشرة غيمة البريدية - «ماذا عن لوحتك🖌؟»

8 يوليو 2025 بواسطة هيا سليمان #العدد 19 عرض في المتصفح
"أن تظن أنك جزء من اللوحة بينما أنت خارج الإطار" 

كم مرة ظننا أننا جزء من شيء وجازانا بخيبة أننا غير موجودين فيه؟ غير مرئيين؟ على الهامش بل خارجه… 

كم هو قاسٍ هذا الشعور، في بعض المرات ستشعر أنك أنت في كواليس مسارح الآخرين وتشعر بشيء من الرضا والنجاح لما عملته في الكواليس، إذ أن وجودك فيها يحرك المسرح بالكامل أو يحرك أجزاءً مهمة للغاية منه.

لكن ماذا عن مسرحك؟ ماذا عن لوحتك الخاصة؟

أستترك عمرك يفنى كي تكون جزء من أشياء لا تخصك؟

ليست أنانية فأنا أتحدث عن تبديد الذات والطاقات والحياة بأكملها لأجل الغير دون معنى يخصك

فالعمل في كواليس ما، عظيم!

مرورك في مسارحهم ولوحاتهم سواء كنت خارج الإطار أم أدخلوك فيه، رغبةً في الخير والعطاء هو معنى يخصك وجزء من أجزاء لوحتك وقصتك وزاوية من مسرحك.

إنما أقصد من ترك صفحاته بيضاء ليحاول التواجد في صفحات كتب آخرين

لمن ترك لوحته تموج بكل شيء عداه 

لمن ترك مسرحه مليئًا بكل شيء، فارغًا منه

قد يكون الأمر أشبه بصحوة مفاجئة في يوم ما وتتساءل فيها: «علامَ أضعت عمري في النزال؟»

ومالذي بذلتُ في حيوات الآخرين دون حياتي؟

وبمَ بددتُ وقتي بدلًا من توجيهه إلى ماينفع صحيًا وروحيًا وجسديًا وعقليًا وعاطفيًا دنيويًا وآخرويًّا!

ولكنك ما إنْ تصحو وتقرر وتمضي في الطرق الصحيحة

في وقت راحة ما حين تتأمل ستنبعث كل الأشياء من مرقدها، كالندم كالتفكير في ما حدث... حينها ستكون شخصًا آخر؛ إذ غيَّر فيك الطريق الكثير وأكسبك الكثير

فتدرك أنَّ حتى ما أضعت عمرك فيه -سواء في خربشتك على لوحتك، أو في عدم فعل شيء، أو في العمل بكواليس مجهولة-، يخبرك عنك، كل القصص التي عشتها والخطوط التي خطتها يدك هنا وهناك هي جزء منك

شيء منها سيخبرك بندوبك وبجروحك فإن هربتَ منها ستبقى بحالها وأسوأ، فأنت تعرف مالذي يحدث بالجروح المهملة وكيف يتفاقم وضعها

وشيء منها سيخبرك بشمس ساطعة فيك، بوهج، بدفء، وشيء منها سيخبرك لمَ لمْ تنتبه حينها بشمسك؟ وبمَ كنتَ مشغولًا؟ ولمَ؟

فهم نفسك، فهم دوافعك، فهم أسبابك

قبل كل شيء

سيجعلك تخط في لوحتك بوتيرة تخصك أكثر، وبألوان تناسب لوحتك، سيجعلك تخط خطًا واثقًا لا متعرجًا بخوف من جهل، وليس بخط ناتج عن ضبابية عواطفك التي أعمتك عن لون صحيح فوضعت لونًا خاطئًا

بالنهاية هي لوحة تخصك

تخص رحلاتك، كخارطة دونتَ عليها وجهاتك من الندوب للتشافي

من الجهل للمعرفة

من الضبابية للبصيرة

فافهم للوحتك ولألوانك، ولا تندم على خطوط ماضية فهي دليل أنك عشت، بإخلاص، بمحاولات

لديك حياة، هي تنتظرك فحسب أيها الواقف على حيوات الآخرين، والواقف بسبب خط تشعر أنه أفسد لوحتك؛ أذكِّرك بأنَّ الأخطاء سواء منك أو من غيرك ليست النهاية يسعك إصلاحها، و يسعك بأن تخط بألوانك الخاصة

***

نجد في مشاهد الأبطال غالبًا من يدعم المشهد كالمساعد والدور الثانوي والأقل منه ومَنْ يملأ الخلفية، لكل شخص دوره في مشهد البطل، لكن لا تغفل أنَّ كل واحد منهم يحمل قصصًا ومشاهد هم أبطالها. 

ستحمل عدة أدوار في الحياة، في مسارح الآخرين ولوحاتهم لكن لا تنسى أنَّك بطل لوحة ما، وحكاية ما، ومسرح ما. 

" لا يسعني إلا أن أكون أنا .. في أسهل الأيام وفي أصعبها .. ولا يمكن أن أسمح لقبح أحد أن يتغلغل لداخلي فيجعلني أسيء الحديث أو أخرج عن حدود لياقتي الإنسانية التي وضعتها لنفسي.. أيامنا لنا.. رسمها في عقولنا يساهم في تطبيقها على الواقع.. تريد عالمًا جميلًا.. ضع وردة مع كوب القهوة الذي تصنعه.. ارتد شيئًا يبرز لون عينيك.. ضع عطرك المفضل.. كن الجمال الذي تود أن تراه في كل صورة.. دائمًا عندما أكون في مكان ما أحب أن يكون أجمل مكان في الدنيا.. سواء كان مكتبًا يزدحم بالأوراق فأترك عليه باقة ورد أو عبارة طيبة .. شيئًا يشبهني.. عندما أعدّ الشاي فأختار أجمل قدح.. عندما أرى شخصًا فأصف له أجمل مافيه. أو عندما تصير مشكلة وأري الجميع كيف يمكن التعامل معها بلياقة لافتة.. كل يوم جزء من قصتي أنا.. وقصتي تشبهني.. كل لحظة فيها هي لحظة ذات معنى.. وكل مشهد يتفجر بالجمال.. وأنا .. أنا شعور.. يتغلغل في داخل الإنسان فيطيب له أن يتذكر روعة أن يكون إنسان.." 

- أمل السهلاوي

***

تذكَّر: «من يفعل الخير لا يعدم جوازيه»

(فَسَقَىٰ لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّىٰۤ إِلَى ٱلظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّی لِمَاۤ أَنزَلۡتَ إِلَیَّ مِنۡ خَیۡر فَقِیر﴾ [القصص ٢٤]: فرق لهما موسى عليه السلام ورحمهما ﴿فَسَقَى لَهُمَا﴾ غير طالب منهما الأجرة، ولا له قصد غير وجه اللّه تعالى، فلما سقى لهما، وكان ذلك وقت شدة حر، وسط النهار، بدليل قوله: ﴿ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ﴾ مستريحا لذلك الظلال بعد التعب.﴿فَقَالَ﴾ في تلك الحالة، مسترزقا ربه ﴿رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ﴾ أي: إني مفتقر للخير الذي تسوقه إليَّ وتيسره لي.

- تفسير السعدي

المعروف لا يضيع، فانظر في حالة موسى -عليه السلام- حين استعان بالله فأعانه وفعل الخير قاصدًا وجه الله، وسائلًا الله من خيره مُظهِرًا له افتقاره إليه وحده، ويذكر ابن عباس -رضي الله عنه-: أنّ موسى عليه السلام "كان قد بلغ به الجوع مما بلغ".

ورغم ذلك قدم مساعدته وذهب ليستظل، فأعطاه الله السكن والزوجة الصالحة والعمل،  وقال ابن عاشور عن قوله: (ربِّ إني لما أنزلت إليَّ من خير فقير) أنَّ هذه" جملة جامعة للشّكر والثناء والدعاء وقد رزق الله بها موسى عليها السلام: الزوجة، والسكن، والعمل".

***

ولأن صوتك يهمني ومثل ما أفسحت لغيمة مجال في سماء بريدك وفكرك ووقتك، جاءت هذه الجدارية. سأسعد بقراءة كلماتك، رأيك، أفكارك... لأنها جزء من غيمة وتدفعني للاستمرار والتقدم☁️

للانتقال إلى جدارية (سماء رحبة)
***

"أوجد كما أنا، وهذا كافٍ. وإذا لم يدرك أحدٌ آخر في الكون هذه الحقيقة، أجلسُ راضيًا، وإذا كان الجميع، وكل امرئ، يدركها، أجلسُ راضيًا. عالمٌ واحد يدركُ، وهو أرحب العوالم بالنسبة لي، وذاك هو نفسي، وسواء وصلتُ إلى ذاتي اليوم أو بعد عشرة آلاف أو عشرة ملايين سنة، أستطيع بكل حبور أن أتلقّاها الآن، أو بحبور موازٍ أنتظر" 

مشاركة
نشرة غيمة البريدية

نشرة غيمة البريدية

تذهب وتأتي الأفكار كغيمة في رأسي ولأنَّ فضاء الكلمات قد يسع لاحتوائها... هذه النشرة غيمةٌ من أفكاري وبكلماتي؛ أبعثها إليك آملةً بأنْ تكون غيمةً سارَّة بكل حالاتها حين تعبر في سماء بريدك ☁️.

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من نشرة غيمة البريدية