نشرة غيمة البريدية - «مَنْ يحدد فعل الإنجاز🎖؟»

22 ديسمبر 2025 بواسطة هيا سليمان #العدد 26 عرض في المتصفح
يقولون لك: ما أنجزت! وش إنجازاتك؟

كثيرًا ما نرى تعليقات في مواقع التواصل أسفل المنشورات التي تخص مثلًا المتزوجين، الأمهات... بأنَّ فعلهم ليس بإنجاز! لأن "كثير يسوونه!" وحتى الجامعيين مرات يُنظر لهم هذه النظرة!

لكن أنا أقول لك، سواء فرحت بزواجك، بخطوبتك، بإنجابك ابنك/ ابنتك الأولـ/ـى أو الثاني أو الثالث أو السادس! تخرجت من المتوسطة أو الثانوية أو الجامعة، أو ترقيت إلى درجة الأستاذية... أنَّ كلها إنجاز

لأنك قطعت شوطًا طويلًا، وسعيت، هي أشياء تُرزق إياها بدعائك، بسعيك، تُنسينا أحداث الحياة واعتياد بعض الأمور وتزاحم شهادات الإنجاز والسعي هنا وهناك على مواقع التواصل، وتنسينا التجارب السيئة وجود الجانب الجيد أحيانًا. 

الغضبُ المخبوء بداخل من يعارض إنجازات وأفراح البعض، يساعد على تعميم صورة لتجارب الآخرين ومراحلهم بأنها اعتيادية وربما سيئة أو أنها مُقدّرة فهي ليست بإنجاز! 

لكن الإنجاز لو أردنا تعريفه تعريفًا واحدًا لنعممه على الأشياء بمقياس هل هي إنجاز أم لا، سنجد صعوبة!

وبنظري أننا لن نستطيع تحديد معنى ومقياس واحد لجميع البشر. 

فمن يعيش ليالي حالكة مظلمة ويعيش فيما لا يعلمه إلا الله، مرور يوم جيد يتنفسون فيه هو إنجاز!

من يعيش في الحرب، والفقر... نجاته من صاروخ وإيجاده لقمة وسكنًا ينام فيه، نعمة بالطبع، و إنجاز!

من يعاني من أمراض نفسيه كالهلوسة أو الاكتئاب مرور يوم دون صوت في رأسه، ودون التفكير بالموت؛ إنجاز!

ودعنا من كل هذا ولننظر للأمثلة التي ذكرتها في البدء، تدرس طوال تلك السنوات منتقلًا من مرحلة لأخرى وتجتهد في كل مقرر مع ظروف الحياة التي قد تفاجئك وتخلق عقبات معيقة لنجاحك، ويتكلل جهد السنوات بتخرج، أفلا يُعتبر تكلل جهد طويل بنجاح إنجاز؟ فقط لأن الكثير غيره فعلوه!

أما بالنسبة للزواج كيف لا يكون إنجازًا، وهو سكن ورحمة من الله؟ وآية من آياته... وقد أشار إليه سبحانه في عدة آيات منها: 

﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [الروم ٢١]﴿وَمِنْ آيَاتِهِ﴾ الدالة على رحمته وعنايته بعباده وحكمته العظيمة وعلمه المحيط، ﴿أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا﴾ تناسبكم وتناسبونهن وتشاكلكم وتشاكلونهن ﴿لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ بما رتب على الزواج من الأسباب الجالبة للمودة والرحمة. فحصل بالزوجة الاستمتاع واللذة والمنفعة بوجود الأولاد وتربيتهم، والسكون إليها، فلا تجد بين أحد في الغالب مثل ما بين الزوجين من المودة والرحمة، ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ يُعملون أفكارهم ويتدبرون آيات اللّه وينتقلون من شيء إلى شيء.


فأنْ تجد شخصًا تطمئن إليه نفسك أو تنسجم، وتُبنى بينكما مودة حقيقية، فهو توفيق يُرزق الإنسان به بعد سعي ودعاء، وليس مجرد خطوة معتادة، بل نعمة تُعاش ويحافظ عليها وسط تعب الحياة.

وكل نعمة تحمل بداخلها إنجازًا لصاحبها وحكاية طويلة مخبأة في قلبه وذكريات أيامه.

***

ربما يكون اللاشيء؛ إنجاز

انتهى باندورا وهو عالم نفس الإدراك المعرفي المعروف في ستانفورد بعد ٤٠ سنة - ومن كبار علماء النفس-، انتهى بعد ٤٠ سنة إلى شيء واحد قال: (إذا أردت أن تدرك إدراكًا متزنًا فعليك بإنجازات الأداء)؛ إذا شعرت أن كوب القهوة هذا أو الشاهي هذا سيسعدك أو سيجعلك ممتلئًا خلاص لست مطالبًا بأن تخترع الصاروخ كل يوم عشان تشعر بإنجاز، هذا إنجازك المهم أنك تشعر أن الآن أنا هذه قدرتي أن أصنع كوب شاهي، الآن قدرتي أن أتصل بفلان و أواسيه، الآن قدرتي أن أقرأ في هذا الكتاب، الآن قدرتي ألا أفعل شيء، حالة "اللاشيء"، شفت اللي بالصالة منسدح ويناظر في السقف هذي حالة "اللاشيء"، هذه قدرتي، الآن! هي حالة صحية ممتازة فإذا وصلت إلى هذا فأنت أدركت نفسك، أدركت أنا وش أقدر عليه"

- مقتبس من مقطع للأستاذ: طارق القرني.

«وَعَينُ الرِضا عَن كُلِّ عَيبٍ كَليلَةٌ                      وَلَكِنَّ عَينَ السُخطِ تُبدي المَساوِيا»

***

إن من يحدد الإنجاز في حياتك؛ أنت 

وكل إنجاز هو نهاية حكاية لا يعرف تفاصيلها ولم يعشها غيرك!

وتزاحم إنجازات الآخرين لا يعني أنك مطالب بالركض خلف إنجازات لا تشبهك 

أما الأحاديث والآراء فهي مجرد قوالب اعتادها الآخرون إما للحطِّ من شيء أو من رفعه، لدوافع شتى لا يعلمها غير الله 

لكل إنسان طبيعته، حياته، إنجازه... والوحيد الذي يحددها أنت! فافخر بها كيفما شئت!

***

«مَن أصبحَ منكم آمنًا في سربِهِ، مُعافًى في جسدِهِ عندَهُ قوتُ يومِهِ، فَكَأنَّما حيزت لَهُ الدُّنيا»

الراوي: عبيدالله بن محصن |المحدث: الألباني |المصدر: صحيح الترمذي الصفحة أو الرقم:2346 |خلاصة حكم المحدث: حسن التخريج: أخرجه الترمذي (2346) واللفظ له، وابن ماجه (4141)

شكرًا لقراءتك نشرة غيمة، انتظرني في عدد قادم ستجد غيمةً ما سماء بريدك -بإذن الله-☁️

مشاركة
نشرة غيمة البريدية

نشرة غيمة البريدية

تذهب وتأتي الأفكار كغيمة في رأسي ولأنَّ فضاء الكلمات قد يسع لاحتوائها... هذه النشرة غيمةٌ من أفكاري وبكلماتي؛ أبعثها إليك آملةً بأنْ تكون غيمةً سارَّة بكل حالاتها حين تعبر في سماء بريدك ☁️.

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من نشرة غيمة البريدية