نشرة غيمة البريدية - «فاتك القطار🍃🚉؟»

بواسطة هيا سليمان #العدد 15 عرض في المتصفح
"في حياة كلٍّ منا أمرٌ فات قطاره، يغشانا عند ذكره غربةٌ روحية..تتجلى عنده عبودية الرضا، وسكينة التسليم.. واستشعار أنَّ ما عند الله خير وأبقى."

وأنا أتصفح بتويتر/X قبل أشهر، صادفني الاقتباس أعلاه ورددتُ عليه بداخلي: مافاتك ليس لك! 

من هنا جاءت غيمة أفكاري وكُتبت لنفكر كم من أمرٍ كان قطارًا فاتنا ميعاده؟ وهل تعتقد حقًا أنَّك فوّت قطارًا ما؟! 

فكرة تفويت القطار تذكرني دائمًا بأنَّه ليس لك

على ذكر القطار والرحلات، وفوات المواعيد والأوقات نذكر شعور الخيبة، يقول مساعد الرشيدي - رحمه الله-: 

"اركيت ظهري على ظل الجبل لكن 

ماجت مواعيد ظله على مواعيدي"

و يقول عنه الشاعر سعد علوش: "إن هذا افضل بيت صوّر الخيبة."

وبالنسبة لي كان هذا البيت يصور الخيبة والعشم اللي نستهلكهم لأشخاص -خاصة- ثم لأشياء أخرى؛ وماتجي مواعيدهم مع مواعيدنا، ولا تجي أفعالهم قريب لتوقعاتنا وليته أحيانًا تقتصر على هذا أحيانًا أفعالهم بعيدة عن الصحيح، وعن المروءة وعن أفعال المؤمن/ة.

تدرك بعدها ماهو هذا الجبل الذي استندت عليه؟ وأحيانًا تحذف فكرة الاستناد كليًّا رغم أننا بشر وقد يأتي  يوم نحتاج بشر بأي أمر كان… وإلا لكان كل آدمي لوحدة  بكُرة أرضية! « فالمؤمن أخو المؤمن.» والنقطة الجميلة التي أحب تأملها في هذا البيت، تصويره للخيبة بأنها ليست خطأ أحد، لكن المواعيد اختلفت -وأنا اللي كنت أظن....- فانظر في مواعيدك وأين تتكئ، كي لا تسقط بخيبتك، ولا أعني تغيير مواعيدنا لتناسب مالا يناسبنا وإنما التسليم والراحة بأن لكل ميعاده؛ وكل له نصيبه -كلن نصيبه على الله ترن ترن ترن🕺🎶-

حتى فكرة أنك تأخذ وقت رحلة بالغلط أو تركب قطار غلط ويستهلك منك طريق عودتك الكثير وقد يُنسيك القطار والرحلة التي كنت تريدها ومع ذلك أقول لك حتى الغلط والرحلة الغلط والقطار الغلط كلها كانت نصيبك بذلك اليوم، كلها أشياء تحتاجها لتدرك أو صارت لتمنع عنك شرًا أو أو….) لا يمكننا تصور أو معرفة سريّة بعض المواقف إذ لا يمكننا إبصار كم يلطف الله بنا!

ماذا عمن تآمر عليه إخوته ورموه في بئر؟ وبيِعَ بثمن بخس! وصار السجن أحب إليه بعدما حدث مع إمرأة العزيز والنسوة اللاتي قطعن أيديهن، فسُجِن وأخبر من معه بالسجن أن يذكره ليخرج ولكنه نسيه وبعد كل ماحدث قال: ﴿إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾، يذكر السعدي في تفسير هذه الآية واسم الله اللطيف :" يوصل بره وإحسانه إلى العبد من حيث لا يشعر، ويوصله إلى المنازل الرفيعة من أمور يكرهها" وقال ابن القيم -رحمه الله-:«فأخبر أنه يلطف لما يريده، فيأتي به بطرق خفية لا يعلمها الناس، واسمه اللطيف يتضمن علمه بالأشياء الدقيقة وإيصاله الرحمة بالطرق الخفية»، وعن اسم الله اللطيف كتبت د.نوال العيد في موسوعة الاسماء الحسنى لطف نتأمله من خلال القصص المذكورة في القرآن، لنستشعر وجوده في حياتنا ولنفتح أعيننا عليه فهو موجود:

"في قصة يوسف حين قص على يعقوب رؤياه؛ فعلم أن أخوته سيكيدون له، ثم تآمر إخوة يوسف أن يقتلوه، فلطف به وأشار لهم أخوهم بعدم قتله وإلقائه في الجب…..ومكثه في السجن سنين فلطف به (اللطيف) وأوَّل رؤيا الفتيين، ثم الملك، وسبحان من لطف به بهذه الرؤيا حتى يمكَّن في مصر، فيقدر الله الجدب للبلاد حتى يلتقي بإخوته، حتى جاء بأبيه وإخوته لأرض مصر" 

د. نوال العيد، موسوعة أسماء الله الحسنى، ج٢، ص ٢٩٨

وماذا عمن كان طفلها معرضًا للقتل وسبحانه حينما أوحى إلى أم موسى إذا خفتِ عليه فألقيه وأمرها بألا تخاف ولا تحزن! لأنه سيرده لها..

" في قصة موسى، ومالطف له من إخراجه في وقت ذبح فرعون للأطفال، ووحيه إلى أمه أن تلقيه في اليم، وساقه -تعالى- بلطفه إلى دار عدوه الذي قدر هلاكه على يديه، وقدر له سببًا أخرجه من مصر إلى موضع لا حكم لفرعون عليه، وقدر له سببًا أوصله به إلى النكاح والغنى، ثم ساقه إلى بلد عدوه، فأقام عليه به حجته، ثم أخرجه وقومه في صورة الهاربين الفارين منه، وكان ذلك عين نصرتهم على أعدائهم وإهلاكهم وهم ينظرون" 

د. نوال العيد، موسوعة أسماء الله الحسنى، ج٢، ص ٢٩٨

وماذا عمن كانت في لحظة مخاض مؤلمة صعبة وتصنف من أشد الآلام على الإنسان! وتنتظرها أصابع القوم اتهامًا، بينما سبحانه وتعالى جعل الملَك يوحي لمريم التي تمنت الموت لشدة ما تعايشه وأن تكون نسيًا منسيًا؛  أن تهز جذع النخلة وأن تأكل وتشرب وتقرَّ عينها!

كل تلك القصص يتجلى فيها لطف الله بصورة لا نستوعبها 

دائمًا في سورة الكهف كان يشدني كيف لنوم سنوات عديدة في كهف أن يكون رحمة سبحان الله! ماذا عن لو كنت مكان الفتية -كنتُ سأفكر باستحالة تغيّر الحال- مالذي سيغير بيئتهم وهم في خطر ولا سبيل أمامهم إلا الهرب والموت! ولكن يتغير المجتمع والمعيشة وهم نائمون و محفوظون من كل مايمكن أن يسوؤهم ودون أن يشعروا بأثر ذلك، لأنهم توكلوا على الله وصدقوا في ذلك، استعانوا بمن هو حق للاستعانة والتوكل

وماذا عن النار التي صارت بردًا وسلامًا؟ 

وعن السفينة التي خُرقت ولو لم يكن لسُلبت، ماذا عن الجدار الذي أقيم من جديد لحفظ أموال اليتيمين؟ 

من هنا أخبرك بينما غيوم هذه الأفكار تتوارد؛ أنه مكتوب! ومافاتك لم يكن مكتوبًا لك أو أن في فواته مالاتبصره. فآمن باختيار الله لك! في لطفه ورحمته سبحانه!

قال السعدي-رحمه الله-:«(اللطيف): الذي لطف علمه حتى أدرك الخفايا، والخبايا، وما احتوت عليه الصدور، ومافي الأراضي من خفايا البذور، ولطف بأوليائه، وأصفيائه، فيسرهم لليسرى وجنبهم العسرى، وسهل لهم كل طريق يوصل إلى مرضاته وكرامته، وحفظهم من كل سبب ووسيلة توصل إلى سخطه، من طرق يشعرون بها، وطرق لا يشعرون بها، وقدر عليهم أمورًا يكرهونها؛ لينيلهم مايحبون، فلطف بهم في أنفسهم فأجراهم على عوائده الجميلة، وصنائعه الكريمة، ولطف لهم في أمور خارجة عنهم لهم فيها كل خير وصلاح ونجاح»

***

قبل أشهر كنت جزِعة لأمر ما ولم تبقَ خاطرة سوء أو فكرة حدوث أمر جلل إلا ووردت عليّ، ماذا لو لم أفعل وألوم نفسي و و و… حتى انبثقت تلك الكلمات التي نسيتها: «ماأصابك لم يكن ليخطئك! وماأخطأك لم يكن ليصيبك!»، وكل فكرة سيئة وخاطرة  لما يمكن حدوثه من سوء ردت عليها تلك الكلمات: 

- يا غلامُ ! إني أُعَلِّمُكَ كلماتٍ، احفظِ اللهَ يَحْفَظْكَ، احفظِ اللهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إذا سألتَ فاسألِ اللهَ، وإذا استَعَنْتَ فاستَعِنْ باللهِ، واعلم أنَّ الأُمَّةَ لو اجتمعت على أن ينفعوكَ بشيءٍ ، لم ينفعوك إلا بشيءٍ قد كتبه اللهُ لك ، ولو اجتمعوا على أن يضروكَ بشيءٍ ، لم يضروكَ بشيءٍ إلا قد كتبه اللهُ عليكَ، جَفَّتِ الأقلامُ ورُفِعَتِ الصُّحُفُ"

الراوي: عبدالله بن عباس وأبو سعيد الخدري وعبدالله بن جعفر \ المحدث: الألباني\ المصدر: صحيح الجامع\ الصفحة أو الرقم: 7957\ خلاصة حكم المحدث: صحيح 

هي إرادة الله فحسب فلنؤمن، فلنهدأ

مادمتِ أنت البشرية تأكلين نفسك هنا بصمت في أمور لا يمكنك فعل أي شيء تجاهها. ومضت الأيام حتى صادفتني رسالة في مجموعة رسالة ليست لي، ولا موجهة لي ولكنني ابتسمت حينها.. وأنا اقول كيف نسيت؟! كانت الرسالة بنصها "أمره كله خير" 

أنسيتِ أن أمر المؤمن كله خير؟!

***

الجبل، القطار، الرحلات 

كنايات عن أمور كثيرة مختلفة نسعى لها نخوضها إما أن ننجح ونسعد وإما أن نتعثر ونسعى وإما أن نتضرر فندرك..

صعوبات الحياة موجودة لا بد فهي دنيا، والأخطاء التي حدثت منك واردة لأنك إنسان ولكن الأخطاء لا بد أن تُصحَّح سواء كانت ذنوبًا أو خطايا أو كانت في أمورك البسيطة أو في حق غيرك فتعتذر.

وتوكَّل على الحيِّ القيوم🤍

***
جدارية غيمة(سماء رحبة) لآرائكم، وأحاديثكم

جدارية غيمة(سماء رحبة) لآرائكم، وأحاديثكم

للانتقال إلى جدارية (سماء رحبة)
***

"يفوت القطار ويعبر العمر لين أقصاه ... بسيطة! ولا تكون المحطة غلط وأتيه"

مشاركة
نشرة غيمة البريدية

نشرة غيمة البريدية

تذهب وتأتي الأفكار كغيمة في رأسي ولأنَّ فضاء الكلمات قد يسع لاحتوائها... هذه النشرة غيمةٌ من أفكاري وبكلماتي؛ أبعثها إليك آملةً بأنْ تكون غيمةً سارَّة بكل حالاتها حين تعبر في سماء بريدك ☁️.

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من نشرة غيمة البريدية