نشرة غيمة البريدية - «لن تخيب 🤲🏼» |
بواسطة هيا سليمان • #العدد 10 • عرض في المتصفح |
"إلهي أدقُّ الباب حبًّا وخِيفةً وأسرد أحلامي وأحصي شواغلي وأنت الذي تقضي بما شئتَ كلما أردتُ كبيرًا عزّ عنه تضاؤلي فما هذه العينان عينُ نواسكٍ ولا هذه الكفّان كفُّ بواسلِ ولكنني أدنو.. وأرجو.. وأدّعي لعل النوايا شافعاتٌ لباذلِ" 🤍 |
|
تضطرب الأمنيات والأحلام والهموم والآلام في قلبك، ولكنَّ الله أكبر! |
كم من دعوة في الأمس نعيشها اليوم؟ |
وكم من دعوة بالأمس تحمد الله أنها لم تكن، لأنك أدركت انعدام الخير فيما كنت تريد، وأنَّ الله رزقك الأفضل؟ |
الدعاء حبل نجاة! كمعجزة تغيُّر المسارات والموازين كلها! وسيعرف معنى هذه الجمل من جرَّب ودعا من قلبه المضطرب وحياته المنقلبة رأسًا على عقب ورأى بعدها كل المسارات تتضح والحياة تهدأ وهذا القلب المضطرب يتنفس صاحبه بانشراح! |
غيمة أفكاري هذا الشهر قد تكون تأملات قرآنية بآيات تستوقف كثيرًا وتتأمل في أمرها عن الدعاء، أشارككم إياها رغبةً في التوقف والتفكر في آي القرآن الكريم، وفي رحمة الله وعطائه وكرمه سبحانه! |
قال تعالى:﴿فَتَقَبَّلَها رَبُّها بِقَبُولٍ حَسَنٍ وأنْبَتَها نَباتًا حَسَنًا وكَفَّلَها زَكَرِيّا كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيّا المِحْرابَ وجَدَ عِنْدَها رِزْقًا قالَ يا مَرْيَمُ أنّى لَكِ هَذا قالَتْ هو مِن عِنْدِ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ(٣٧) هُنالِكَ دَعا زَكَرِيّا رَبَّهُ قالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ(٣٨) فَنادَتْهُ المَلائِكَةُ وهْوَ قائِمٌ يُصَلِّي في المِحْرابِ أنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وسَيِّدًا وحَصُورًا ونَبِيًّا مِنَ الصّالِحِينَ(٣٩) قالَ رَبِّ أنّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وقَدْ بَلَغَنِيَ الكِبَرُ وامْرَأتِي عاقِرٌ قالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ ما يَشاءُ(٤٠)﴾ [آل عمران: ٣٧-٤٠] |
بعدما رأى زكريا رزق الله، دعا ربه «هب لي من لدنك ذريَّة طيبة، إنّك سميع الدعاء» طلب الذرية الطيبة وبشَّره الله بيحيى بصفات ذكرها: ١.مصدقًا بكلمة من الله. ٢.سيدًا. ٣.حصورًا. ٤.نبيًّا من الصالحين... دعا ربَّه فبشره رغم بلوغه الكبر وكون امرأته عاقر، ولكنَّ الله يفعل ما يشاء! |
فرغم استحالة بعض الأشياء بنظرتنا البشريّة، وأننا ننظر لها كشيء مستحيل... لكنَّه دعا! فالله يرزق من يشاء بغير حساب وسميع الدعاء ويفعل مايشاء |
|
« ﴿بِغَيْرِ حِسابٍ﴾: أي: بغير مقدار، وهو كناية عن ايش؟ عن كثرة ماينفق، لا عن كونه ينفق هكذا بدون أن يشعر بما ينفق، بل هو سبحانه وتعالى يعلم ما يرزق، وكيف يرزق، وأين يرزق، ولكنه تعالى لكثرة عطائه كالذي لا يحسب.» |
«والحساب في قوله: ﴿بِغَيْرِ حِسابٍ﴾ [آل عمران: ٢٧]. بمعنى الحَصْر؛ لأنَّ الحساب يقتضي حصر الشيء المحسوب بحيث لا يزيد ولا ينقص، فالمعنى إنَّ الله يرزق من يريد رزقه بما لا يعرف مقداره لأنه موكول إلى فضل الله» |
*** |
وتأمل قوله تعالى: ﴿فَدَعَا رَبَّهُۥٓ أَنِّى مَغْلُوبٌ فَٱنتَصِرْ (١٠) فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ (١١) وَفَجَّرْنَا الأرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (١٢) ﴾[ القمر: ١٠-١٢] |
لما طال الأمد دعا ربه: ﴿أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ﴾ [القمر ١٠] الله أكبر! كلمتان: ﴿أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ﴾ ولقد دعا أهلًا للإجابة جل وعلا، أجاب الله فقال: ﴿فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ﴾ [القمر ١١] |
وقال تعالى: ﴿أَمَّن يُجِيبُ ٱلْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ ٱلسُّوٓءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَآءَ ٱلْأَرْضِ﴾ [النمل ٦٢] |
"ضمن الله تعالى إجابة المضطر إذا دعاه، وأخبر بذلك عن نفسه؛ والسبب في ذلك أن الضرورة إليه باللجأ ينشأ عن الإخلاص وقطع القلب عما سواه." |
*** |
تتعدد الآيات التي تحمل استجابة السميع العليم، الرزاق الكريم! ومنها ماكان في سورة الأنبياء فتأمل معي: |
|
﴿وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ﴾ وهذا وعد وبشارة، لكل مؤمن وقع في شدة وغم، أن الله تعالى سينجيه منها، ويكشف عنه ويخفف، لإيمانه كما فعل بـ " يونس " عليه السلام. |
|
وفي نداء زكريا في موضع آخر في سورة مريم يلحظ ابن القيم نكتة: وهي اللطيفة المؤثرة على القلب، في قوله تعالى: ﴿ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُۥ زَكَرِيَّآ(٢) إذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا﴾ [مريم:٢-٣]: |
"من النكت السرية البديعة جدًا أنه دال على قرب صاحبه من الله وأنه لاقترابه منه وشدة حضوره يسأله مسألة أقرب شيء إليه فيسأله مسألة مناجاة للقريب لا مسألة نداء البعيد للبعيد؛ ولهذا أثنى سبحانه على عبده زكريا بقوله: ﴿إذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا﴾ فكلما استحضر القلب قرب الله تعالى منه وإنه أقرب إليه من كل قريب وتصور ذلك أخفى دعاءه ما أمكنه ولم يتأتَ له رفع الصوت به بل يراه غير مستحسن كما أن من خاطب جليسًا له يسمع خفي كلامه فبالغ في رفع الصوت استهجن ذلك منه، ولله المثل الأعلى سبحانه وقد أشار النبي ﷺ هذا المعنى بعينه بقوله في الحديث الصحيح لما رفع الصحابة أصواتهم بالتكبير وهم معه في السفر فقال:"اربعوا على أنفسكم إنكم لا تدعون أصما ولا غائبا إنكم تدعون سميعا قريبا أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته"، وقال تعالى: ﴿وَإذا سَألَكَ عِبادِي عَنِّي فَإنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدّاعِ إذا دَعانِ﴾." |
(كان منهم النداء ومنه الاستجابة سبحانه!) |
*** |
🌙 ٢٧. شعبان... |
و"رمضانُ يوشكُ أن يَهُبَّ هَبوبُهُ |
وتَذوبَ في نفحاتِهِ أرواحُنا♥️" |
قال ﷺ: « إذا كان أولُ ليلةٍ من شهرِ رمضانَ صُفِّدَتِ الشياطينُ ومَرَدةُ الجنِّ، وغُلِّقتْ أبوابُ النارِ فلم يُفتحْ منها بابٌ، وفُتِّحَتْ أبوابُ الجنةِ فلم يُغلقْ منها بابٌ، ويُنادي منادٍ كلَّ ليلةٍ: يا باغيَ الخيرِ أقبلْ، ويا باغيَ الشرِّ أقْصرْ، وللهِ عتقاءُ من النارِ، وذلك كلَّ ليلةٍ» |
وقال تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِى عَنِّى فَإِنِّى قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا۟ لِى وَلْيُؤْمِنُوا۟ بِى لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾ [البقرة: ١٨٦] |
جاءت هذه الآية بعد آيات ذُكر فيها الصيام وشهر رمضان وإنزال القرآن فيه، ويقول ابن عاشور: |
«وفي هذه الآية إيماء إلى أن الصائم مرجو الإجابة، وإلى أن شهر رمضان مرجوة دعواته، وإلى مشروعية الدعاء عند انتهاء كل يوم من رمضان.» |
ومن اللطائف في هذه الآية: |
وفِيهِ لَطِيفَةٌ قُرْآنِيَّةٌ، وهي إيهامٌ أنَّ اللَّهَ تَعالى تَوَلّى جَوابَهم عَنْ سُؤالِهِمْ بِنَفْسِهِ إذْ حَذَفَ في اللَّفْظِ ما يَدُلُّ عَلى وساطَةِ النَّبِيءِ ﷺ تَنْبِيهًا عَلى شِدَّةِ قُرْبِ العَبْدِ مِن رَبِّهِ في مَقامِ الدُّعاءِ. |
فشهر كريم، فرصة للتتغير... لصفاء القلب، لتكون إلى الله أقرب فأقرب فهو شهر فضيل... ومن تلك الأعمال الدعاء، فللصائم دعوة مستجابة ، وفي هذا الشهر أعظم ليلة هي ليلة القدر وتذكر قول رسول الله ﷺ: «لا يردُّ القضاءَ إلَّا الدُّعاءُ»...! |
*** |
هل ندعو للاستجابة فحسب، ماذا عن دعوات لم نرَ استجابةً لها؟ |
ما من مسلِمٍ يَدعو ، ليسَ بإثمٍ و لا بِقطيعةِ رَحِمٍ إلَّا أَعطَاه إِحدَى ثلاثٍ : إمَّا أن يُعَجِّلَ لهُ دَعوَتَهُ ، و إمَّا أن يَدَّخِرَها لهُ في الآخرةِ ، و إمَّا أن يَدْفَعَ عنهُ من السُّوءِ مِثْلَها قال : إذًا نُكثِرَ ، قالَ : اللهُ أَكثَرُ |
فدعواتك لا تذهب سدى! |
فهي إنْ كانت دعاء خير، إما أنْ: |
١- تستجاب لك |
٢- تدخر لك في الآخرة: إما رفعة وعلو في الدرجة، وإما مغفرة ورحمة من عقاب |
٣- تكون دافعة للسوء عنك |
٤- في روايةِ التِّرمِذيِّ: "وإمَّا أنْ يُكفِّرَ عنه مِن ذُنوبِه بقَدرِ ما دَعا"، فيَغفِرَ اللهُ له مِن آثامِه ومَعاصيهِ بقَدرِ ما دَعا" |
وأنت لا تعلم كم شرًّا صرف عنك! وكم خيرًا رُزقت به! |
كما أن الدعاء عبادة، لقول رسول الله ﷺ: |
«الدُّعاء هو العبادةُ ثمَّ قرأ {وَقال رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ}.» |
*** |
ما أفضل الدعاء؟ |
«هذا الدعاء من أفصل الأدعية وأجلّ الأدعية حتى جاء أن النبي ﷺ كما في الصحيحين، كان أكثر دعاء النبي ﷺ هذا الدعاء: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار. قيل لأنس ادعُ لنا فرفع أنس يديه ثم قال: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، فقيل له: زدنا. قال: ليس بعد هذا الذكر وهذا الدعاء زيادة.» |
ختامًا؛ الحديث عن الدعاء باب كبير واسع، قد يتطلب كتبًا من أهل العلم، وإنما كانت هذه النشرة البسيطة عدة تأملات وتذكيرات أحببت مشاركتها مع قدوم الشهر الكريم فالفرص تنتظرك خلف بابه، وأنك إذ رفعت يدك لن تخيب! |
وفي ختام ذكر الدعاء والأدعية، أشاركك باب الدعاء- رياض الصالحين 🌱 |
بلغنا الله وإياكم شهره الكريم، ورزقنا فيه الصيام والقيام وأعاننا على ذكره وشكره وحسن عبادته وطاعته، وتقبَّل الله منا ومنكم... اللهم قُرَّ أعيننا باستجابة أدعيتنا على خير وبخير ولكل خير بغير معصيتك وبرضاك يارزاق ياكريم، وارحمنا واغفر لنا واعفُ عنا يا رحمن يا رحيم، واحفظنا بعينك التي لا تنام وارزقنا من واسع فضلك وارزقنا رضاك والجنة🤍 |
*** |
شكرًا لقراءتك كلماتي، أتمنى أنَّها كانت نشرة سارَّة...انتظرني في العدد القادم من نشرة غيمة☁️ |
التعليقات