نشرة غيمة البريدية - «هل تمتلك ألف حياة🧙🏻♀️؟ » |
بواسطة هيا سليمان • #العدد 17 • عرض في المتصفح |
|
مرحبًا |
من ازدحام مابعد العيد ومحاولة عودة المياه إلى مجاريها، والأيام إلى نظامها |
كيف أمسيتم وأصبحتم قُرّاء غيمة الكرام؟ |
عن نفسي وبتأمل ارتبط بموضوع النشرة، أحاول ترتيب النفس والأيام قدر ما استطيع؛ وفي ظل ذلك سأروي شيء مما حدث رغم أنه موضوع مكرر متأكدة أنك سمعت عنه كثيرًا هذه الأيام من عائلتك أو زملائك أو اصدقائك أو من تتابعهم على مواقع التواصل وهو النوم المضطرب |
كشخص أدرك أن النوم ونظامه يلعب بشكل أساسي وعظيم في مزاجه وأفكاره وكذلك صحته كمعدته التي كانت تتألم طوال هذه الفترة حيال التغيرات والاضطرابات. أخبركم أن مقولة «من زان نومه؛ زان يومه» واقعية وتنطبق عليّ شخصيًا بنسبة ٩٥٪! |
في يوم ما أثناء هذا الأسبوع استيقظت في الثالثة فجرًا بعد نوم قليل بشعور إرهاق لا يُوصف وعدم كفاية من النوم لكن لم أستطع العودة فأجبرت نفسي لكي تعود ولم يُفد ذلك من الثالثة إلى مايقارب السابعة أو السابعة والنصف صباحًا على هذه الحالة لم أتحرك إلا لأداء الصلاة مما سبب لي مشاعر في غاية السوء وأشياء أخرى... عمومًا استيقظت بعدها مستسلمة وخرجت لفناء المنزل وصُدمت |
في حالتي تلك التي ترى الأشياء بعدم، وضيق… وذلك الجبل فوق رأسي، ماإن خرجت إلا ورغبت في البكاء كان الهواء باردًا قويًا والسماء بزرقة صافية وغيوم كثيفة بيضاء، لم ألتقط لها صورة لكن شكلها مازال في ذاكرتي لا يغادرني رغم شكل الغيوم المتشابه كانت تلك مختلفة، أبكتني! وجدتني أردد: «يابديع السموات والأرض...»، وأنا أدرك الزحام في قلبي والإعياء فيني كلي، كان الأمر بداخلي أكبر من مسألة نوم. |
بعدها دخلت وبدأت يومي بخمول شديد حتى جاءت الظهيرة وأخذت غفوة قصيرة… |
ومازلت إلى الآن اندم على تلك الساعات التي سببت لي السوء، تلك الساعات التي أخبرت فيها نفسي «قومي فلنعمل شيئًا» حتى الجوع هاجمني وظللت أرقبه مهاجمًا دون ردة فعل ودون أن أتحرك |
ماذا لو؟ ولو هنا ندم سأتذكره شخصيًا حيال تلك الساعات التي سمحت لكل الأشياء السيئة بأن تأخذ نصيبها، فكرت ماذا لو قمت وأعددت لي وجبة تسكت جوعي ونويتها صيام أحد أيام شوال مع نية صيام الاثنين وكنت من أشخاص فائزين عن ربهم؟ |
ماذا لو استيقظت وحاولت وأكملت أعمالًا مازالت تنتظرني ومؤجلة وكنت بهذا أنجزت؟ |
دعينا من هذا كله ماذا لو استيقظت ورفهت عن نفسي فقط في ما أحب؟ أو لو خرجت لأشاهد شروق الشمس أو بقيت لأراقب السماء وهذه الغيوم البيضاء فحسب؟ ألم تكن خيرًا لي أكثر مما فعلت؟ |
هذا السؤال والحدث البسيط الذي قد يحدث لنا في كثير من الأيام |
جعلني أذهب للتأمل في تعميمه على كل أمور حياتنا كتيسر فرصة الصيام لاستيقاظي مبكرًا و و و و... ماذا لو كانت أمور حياتنا كلها كهذه، تتيسر لنا الأمور وتُمهَّدُ لنا الطرق لكن لشيء ما يحوك في صدرك أو لتشبثك بفكرة تأجيل العمل والمتع وما إلى ذلك لوقت تعتقد أنه مناسب "في الصباح سأفعل هذا أفضل…"، " في الغد ربما سأقوم بفعله.." مثلًا! |
وتضيع منك فرص عظيمة كانت باختيارك فحسب. |
هنا أفكر كم مرة أجلنا فيها أشياء كان اختيارها أنفع مما فعلنا؟ |
![]() " لا تترك الأشياء لوقت لاحق! لاحقًا؟ القهوة بتبرد. لاحقًا؟ حماسك يختفي. لاحقًا؟ الصباح بيكون ليل. لاحقًا؟ الأطفال سيكبرون. لاحقًا؟ الكبار سيشيخون. لاحقًا؟ الحياة بتمضي. لاحقًا؟ ستندم على الأشياء التي لم تفعلها حينما كانت لديك الفرصة لذلك." |
*** |
" يجعل البعض من حياته الحقيقية حدادًا على حياة أخرى متخيلة!" |
نظل ننتظر |
الحياة المتخيّلة |
الذات التي نريد الوصول إليها |
كل ذلك ليس بالسيئ بأن يكون لديك في مخيلتك تلك الصورة التي تتمناها، لكن أن تجعل حياتك حدادًا وواقعك انتظار لها… فتلك خسارة |
يقول ابن القيم عن الفرق بين حسن الظن بالله والغرور: |
" فقد تبيَّن الفرقُ بين حسن الظن والغرور، وأنَّ حسن الظن إن حَمَل على العمل، وحثَّ عليه، وساق إليه؛ فهو صحيح، وإن دعا إلى البطالة والانهماك في المعاصي، فهو غرور. وحسن الظن هو الرجاء، فمن كان رجاؤه حاديًا له على الطاعة، زاجرًا له عن المعصية؛ فهو رجاء صحيح، ومن كانت بطالته رجاءً، ورجاؤه بطالةً وتفريطًا؛ فهو المغرور. ولو أن رجلًا له أرض يؤمِّلُ أن يعود عليه من مُغَلِّها ماينفعه، فأهملها ولم يَبذُرْها، ولم يحرثهها، وأحسن ظنه بأنه يأتي من مُغلّها مايأتي مَن حرثَ وبَذرَ وسقى، وتعاهد الأرض؛ لعدّه الناس من أسفه السفهاء." ابن القيم، تهذيب الداء والدواء. |
ماعلاقة قوله هذا بما كتبتُ عن الحياة المتخيلة والتأجيل والانتظارات؟ |
أن حسن الظن هو حسن العمل! العمل بالأسباب للوصول لما يتمنى |
فأما إذا أشبهت حال المغرور وذلك باكتفائك بالانتظار والتمني؛ كيف تريد ثمرًا دون أن تحرث وتبذر وتسقي وتتعهد الأرض بالعناية أغلب يومك؟ |
نفسك وحياتك هما أرضك وحصادك، فكما يقولون " أنتَ الراعي والرعية"؛ فالنفس التي ينظر فيها صاحبها ويقومها ويهذبها ويعمل فيها ويسعى ترتقي بعبادتها وفي روحها وقلبها وتحسن الظن بالله وترجو الثواب منه في الدنيا وفي الآخرة. أما الأخرى فستغتر بحالها وتظل تركن أمانيها في زاوية مهجورة تسمى الانتظار دون عمل، وستظن أنها من الفائزين دون عمل ورجاء ثواب؛ قد لا أكون وفقت في التشبيه فالأمران مختلفان أحدهما أمر دنيوي والآخر بينك وبين الله... لكن كلاهما فيك في نفسك ودواخلك سواء كانت في عملك وعلاقتك بالله أو بعمارتك لهذه الدنيا وعيشك فيها. |
*** |
قال الحصين بن الحمام المري: |
أي: أحجمت مستبقيًا لعيشي، فلم أجد لنفسي عيشًا كما يكون في الإقدام، فالنجاح عند الناس من المباغي الحميدة، إنما يكون بالتقدم لا بالتأخر.. من شرح ديوان الحماسة* بتصرف |
هُنا ختام النشرة؛ بالسؤال الذي عُنونت به: هل تمتلك ألف حياة؟ لتؤجل في كل مرة! |
اقدِم واسعَ |
*** |
![]() |
للانتقال إلى جدارية (سماء رحبة) |
*** |
بوركت أيامكم ومساعيكم ☁️ |
شوال. ١٤٤٦هـ |
التعليقات