نشرة غيمة البريدية - «ميلاد 🎈»

بواسطة هيا #العدد 1 عرض في المتصفح
“نولد عدة مراتٍ ...مرّة عندما نلج هذه الدنيا من بطون أمَّهاتنا ...ومّرة عندما نجد أنفسنا في هذه الدنيا، نجد موقعنا الحقيقيَّ من الإعراب ..ومّرةً عندما نستطيع ان نترك أثراً فيها ..بعض الناس يكتفون بالولادة الأولى.. الولادة البيولوجيَّة.. يعيشون ولكن لا يحيون حقًا.. يتنفسّون.. يأكلون.. ينامون .يتكاثرون ..ولكن لا يحيون.والبعض لا يكتفي أبدًا بل يولد عدة مرات في حياته ..ويكون لولاداته تلك أثرٌ في ولادة عالمٍ جديد ..ولادة حضارةٍ جديدة .. لعالم جديد أفضل ..”― أحمد خيري العمري, استرداد عمر: من السيرة إلى المسيرة.

منذ أن وقعت عيني على هذه الأسطر قبل أعوام وأنا أقرأ هذا الكتاب، وهذا المفهوم «الولادة الجديدة» يُشكِّل هوسًا، ورغبةً متجددة فيه... كنت أشعر بأنني لم أكن موجودة بعد، ولم أولد لكنني لم أعرف كيف... 

كنت أحب بداية اليوم، بداية الأسبوع، بداية العام، الأيام التي تحملُ تاريخ الميلاد أنْ أفتح فيها صفحة جديدة... ناسيةً أنَّ الولادة لا تحدث بهذا الترف والاختيار المحض لأحد الأيام، ناسيةً أنَّ الولادة تحمل في معانيها الصبر، والوهن، والانتظار، والتقلبات، وكذلك الأهم ألم المخاض 

كيف تولد دونما أيٍّ من ذلك؟ 

وهاهي الحياة تعطيك مايكفي دائمًا لأنْ تولد من جديد نفسًا متجددةً، مرَّت برحلة في ظلمات عديدة مرَّت بثقل وتعب.. لا يعلمها إلا هي ولم ترَ النور إلا بعد ألمٍ شديد قد يتركها متعبة أيامًا قد يُسفر عن بكاء أيضًا باعتبار أنك ستلد نفسك لا مخلوقًا آخر.. ستلد صفحات جديدة تسطِّر فيها وفي بياضها حكايةً جديدة مختلفة كفصل جديد تخطه بيدك كانتقالة في حكايتك أخيرًا، وظهور شخصية جديدة وموت أخرى سابقة أو غيابها وتواريها بأبسط الحالات. 

ومازلتُ بكل سذاجة، أحدد تاريخًا لأميّزه عن بقيّة الأيام... نعم، تاريخ اليوم بالميلادية يحمل تاريخ ولادة هذه الإنسانة التي تكتب هذا الحديث الآن وبدلًا عن أن يكون هذا اليوم ميلاد إنسانة أحببت أن يتبدل ليكون ميلاد غيمة 

غيمةُ أفكاري التي تعبر في بريدك وتنتقل بحروفها أمام عينيك الآن, آملةً بأن تكون هذه الغيمة سارَّة بكل حالاتها، هي غيمةٌ من أفكاري بكلماتي أبعثها إليك...

أعود إلى فكرة الميلاد، والبدايات الجديدة تلك التي ترتبط بالخُطط والآمال... أشاركك جزءًا من مذكراتي التي كتبتها العام الماضي في نفس تاريخ هذا اليوم: 

حين كتبتُ "مباهج الحياة حيث أنت" كانت جملةً رنانةً أحببتها... كنت أقصد بـ"أنت" شخصًا آخر  غيري غاب فيما بعد، وكذلك أنا.. أنا التي لم تعد هنا، وأنا التي لم تأتِ بعد 

كان الأنسُ يملأ قلبي حينها فاخترت السلام واللين والتأني؛ إذ بغياب "أنت" بكل معانيها تنتظرني في طريق هذا العمر الذي أودعه الآن... الولادات لا تحدث كما نريد.

بكائيات عديدة، أيام مختلفة 

وحدة 

انتظار 

غياب أنا التي أحب... بحثي الحثيث، وتلك الخطى المُثقلة والطرقات الخالية المُثقلة بحرارة الشمس في ظهيرة ما، فحسب... 

لكن كل ذلك أسفر عن ولادة جديدة، عن أنا أخرى أشعر بها في فينة وأخرى ولو لم تكن موجودة لما خطَّت كل تلك الكلمات فأسفرت عن ميلاد غيمة

ولكنني الآن لو كتبت لنفسي مرة أخرى، لعمر آخر... سأختار جانب أن أبصر في نفسي تلك الطمأنينة أن أشعر أني في طريق صحيح يوصلني لتلك الشابة أو الكهلة أو أيًّا كانت تلك التي ولدت من جديد ألف مرة ولادات صعبة

وبمثل يوم كهذا يرتبط بالميلاد، أتذكر ما قيل لي بأحد الأعوام -٢٠١٧م-، ومن شخصية أعتز بمعرفتها جدًا، ولها ذلك الأثر العظيم في نفسي:

" ميلادك كل يوم تبدعين فيه أكثر.. وتتعلمين أكثر.." 

حينها ارتبط الميلاد لا بتاريخ يحمل مجيئك في هذا العالم فذاك نحتاجه لتحديد العمر ولمعاملات وظيفيّة صحيّة دراسيّة وما إلى ذلك...

بل ارتبط بماذا فعلت؟ماذا تعلمت؟ 

هل نموك مجرد رقم وتاريخ؟ أم هو نمو حقيقي ونقلات وتغيرات تجعلك انسانًا افضل لذاتك ولمن حولك…؟

هل ولدت عدة مرات في حياتك أم هي ولادة واحدة عندما قدمت لهذه الدنيا؟ هل جربت جديدًا؟ هل تعلمت شيئًا؟ 

مالذي تغيّر فيك؟ هل هو للأفضل إن لم يكن كيف سيكون تغيّرًا للأفضل كيف أجعل هذه الأحداث والنقلات أداة تجعلني أقفز لمكان أفضل و تكسبني لياقة أعظم بدلًا من جعلها تسقطني بألم؟ كلها أسئلة أكررها على نفسي...

ختامًا؛ لا تنسَ أنك تشغل حيزًا في هذا العالم ولك أثر فيه! 

شكرًا لقراءتك كلماتي، أتمنى أنَّها كانت نشرة سارَّة...انتظرني في العدد القادم من نشرة غيمة بتاريخ ٨.٧.٢٠٢٣ الساعة ٨:٠٦ صباحًا -بإذن الله- 🦋

جاسرتَغريدالعَنُود.4 أعجبهم العدد
مشاركة
نشرة غيمة البريدية

نشرة غيمة البريدية

تذهب وتأتي تلك الأفكار كغيمة في رأسي ولأنَّ فضاء الكلمات يسع لاحتوائها... هذه النشرة غيمةٌ من أفكاري وبكلماتي؛ أبعثها إليك آملةً بأنْ تكون هذه الغيمة سارَّة بكل حالاتها حين تعبر في سماء بريدك، في اليوم الثامن من كل شهر في الساعة ٨:٠٦ص ✨

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من نشرة غيمة البريدية