فخ عناوين الكتب الجذابة 📚🤩 | نشرة أصباح وأمسية البريدية - العدد #9

بواسطة أصباح وأمسية #العدد 9 عرض في المتصفح
صباح الخيرات والبركات🌞 كيف حالكم بعد العيد؟ ✨😃

أردت أن أستمتع بعد جلبة العيد بقراءة لطيفة تسحب من دماغي تأثير الضوضاء والركض مع الزمن لأداء الزيارات الاجتماعية ونشاطات العيد، زاوية من الهدوء في عالم آخر، فوقع اختياري على كتاب - لن أذكر عنوانه حتى لا أظلمه؛ فأنا حتى اللحظة لم أقرأ سوى فهرسه والمقدمة - كان عنوان الكتاب جذاباً ومشوقاً، وكان في قائمة الانتظار مسبقاً، إلا أن المقدمة لم تشدني بل أفقدتني الثقة بمحتوى الكتاب! 

في الوقت الذي تتحدث فيه الكاتبة عن وسائل وطرق لتحسين جودة الحياة وخلق عالمٍ مُرضي وسعيد، كتبتْ بلغة أدبية وبنية لغوية جيدة مقدمة شخصية أشادت فيها بحيوانها الأليف الذي قضى نحبه، وذكرت بتأكيد مطلق أنه أعظم شخص وهبته لها الحياة!

وهكذا عزفتُ عن قراءة الكتاب كلياً، ليس تقليلاً من حزنها على حيوانها الأليف ولا تسفيهاً من منطقها، فليس لي حق الحكم أو النقد لشخصها، ولكن لأن غلاف المادة التي عُرضت عليّ كقارئ للتو، لم يُقنعني ولم يُرضيني، وهكذا يخسر الكُتّاب أو يَكشفون عن خلفياتهم المناقضة لتوقعات القارئ.

عندما يختار القارئ كتاباً ما اختياراً مقصوداً للاستفادة من موضوعه، فهو يختار أن يكون مُستقبِلاً لما فيه برضاه، مذعناً بجوارحه عن رغبة، ويتكفل الكاتب بتقديم المادة الفكرية، وقيادة دفة الرحلة، لا أظن أن هناك سائحاً شغوفاً برحلة نهرية فوق المياه الجارية، سيقبل أن يبحر مع قائد في رحلة لطيفة على متن يخت على النهر في الوقت الذي يقول فيه قائد اليخت: مرحباً بكم أنا أكره رحلات النهار المشمسة والتجوال في الرحلات النهرية متعب، لا أعرف الطريق جيداً لكني سأستعين بخارطة قوقل،المهم أننا خلال الرحلة سنرى شجرة الخروب الجميلة التي مررتم بها قبل انطلاق اليخت بما أنه أعجبكم منظرها، يمكن رؤيتها من منتصف النهر في الضفة المقابلة وأتوقع أن ينال المنظر إعجابكم من النهر أيضاً!

في الحقيقة- وهذا رأيٌ شخصي- لا أتوقع الكثير من الإستفادة ممن يهمش تاريخ علاقاته مع الإنسان مقابل تضخيم علاقته مع حيوان أليف لا يجادل ولا يناقش، وأقصد بذلك جميع التجارب في العلاقات الإنسانية، ابتداءً بأقدس العلاقات وانتهاء بأكثرها سطحية وضعفاً! 

لأن العلاقة بين البشر بطبيعتها معقدة ومتداخلة وهي قضية تفاعلية بين الطرفين، كما أننا أنداداً لبعضنا البعض ليس كعلاقتنا بالحيوانات الأليفة أو نباتات الشرفة أو المزرعة، في علاقتنا البشرية نحن نتأثر بها كما أننا نؤثر فيها في الوقت ذاته! الجحود والسخط - على البشر في مقدمة كهذه - يمكن تسخيرهما لصناعة رواية لا كتاب تطوير وتنمية للذات! 

تساءلت كثيراً بعد انتهائي من قراءة المقدمة، هل كان الكتاب سيعلمني كيف أعيش سعيدةً بدون البشر؟ أم كيف أعتزل الناس وأطور نفسي وأحبها بعيداً عنهم؟ أم أستبدل عائلتي وأصدقائي بأكبر عدد من الحيوانات الأليفة! وهذا غير معقول، وإن تواجد من يعيش مع الحيوانات بدل البشر فهي حالة على سبيل النُدرة.

وهذا النوع من الكتب بالنسبة لي هو مثال عن تسويق الكتاب عبر العنوان البرّاق، كتب أخرى يشدك فيها تصميم الغلاف، وهو فخ تسويقي آخر، وهذا يولد في الغالب صدمة لدى القارئ، ثم خيبة وحسرة على المال والوقت والجهد.

ومع ذلك فأنا أُقر بأن الكتاب الذي لم تعجبني مقدمته، قد يعود بنفع كبير على غيري، وقد يفيدهم وينال إعجابهم. ففي هذا العدد من النشرة أردت الحديث عموماً عن كيفية اختيار الكتب التي تشبهنا وتناسبنا دون غيرنا، حتى لا نصدم بمحتوى الكتاب.

 عن اختيار الكتب : 

تحتاج علاقتنا مع الكتب هذا الوقت وهذا الزمن بالذات إلى تطوير ومعرفة فن انتقائها، والقدرة على تمييز ما يمكن أن ينفعنا دون أي زمن مضى، والأسباب كثيرة:

اعتزال مايؤذيك من الكتب الرثة التي لا تضيف لك شيئاً ولا حتى على سبيل المتعة.

جمح شهوة الشراهة الاستهلاكية، فتتراكم الكتب التي لا نقرأها لأنها لم تعجبنا بعد قطع شوط من القراءة فيها، كما تتراكم الملابس التي لانرتديها والأواني التي لا نستعملها.

ما تضعه في سلة تسوقك تغذي به جسدك أو عقلك، وكذلك تغذي به عقول وأجساد أفراد عائلتك، وكثير من الآباء يطمحون لغرس أفكار متقدة ونافعة في أبنائهم، ولهم كامل الأحقية والأولوية في الغرس، السبيل إلى ذلك أن تثري مكتبك بما يهمك غرسه فيهم. لا يحبون الكتب؟ تلك قضية أخرى، ولكن من يحب الكتب والروايات يجب ألا يخرج خارج هذه الحسبة.

كيف أتفادى الوقوع في الفخ؟ 

أقرأ المقدمة، الملخص ،عن الكتاب أو الكاتب، جميع ماسبق لا يتعدى بضع فقرات، ولكن يعطيني نظرة شاملة عن خلفية الكاتب وأسلوبه وبراعته وفكره، وإذا ماكان يستحق أن أشتري كتابه.

أقرأ المراجعات ولا أهتم بتصدر الكتاب في أي مرتبة هو، للأمانة قليل ماصادفتني مراجعات دقيقة غير صحيحة، أعلم بكثرة المراجعات المجحفة، ولكن لا بأس بالترجيح بينها وبين المخالف لها في الرأي، يكسب من يقدم ملخصاً مقنعاً، خصوصا حينما يزيد عدد تلك المراجعات من ذلك النوع، ترجح كفة الأكثر عدداً، أما أكثر الكتاب مبيعاً والكتاب المتصدر في القراءة في أرفف المتاجر والمكتبات فأرى أنها مجرد إحصائية عن أكثر كتاب أوقع الناس في فخ عنوانه أو فخ غلافه.

أقرأ منتصف الكتاب قراءة سريعة، غالباً أجد ما يصدني أو يشجعني، أحيانا تحمل الفصول الوسطى مصير الكتاب وحقيقته، أنصح أن تُقرأ صفحة أو اثنتين من منتصف الكتاب لاختبار إذا ماكان يستحق شراءه.

ترشيحات الملهمين والمميزين في السوشال ميديا، صادفتني الكثير من عناوين الكتب عن ترشيح بعض الذين أثق بذوقهم الفكري، ومعظم الكتب كانت ذات نفع ممن يناسبني محتواهم على الانستغرام أو أي منصة أخرى، بل إني أحياناً أبادر بسؤالهم عن كتب ينصحون بها في مجالهم أو أخرى أثرت بهم ونادراً ما يخيب ظني في جودة الكتاب.

لم أقرأ الكثير من العناوين المشهورة من الكتب لظني بأنها لن تضيف لي ولو بعض المتعة، بعض الأفكار التي تجاوزتها وأخرى أخالفها، وأخرى تناقض عقيدتي في جوهرها أو بها من الإسهاب الكثير، بالمقابل قرأت كتباً غير مشهورة ولم يذع صيتها، رغم فائدتها الكبيرة ومحتواها الغني، واستمتعت بها حتى آخر صفحة، لذا فتجربتي في شراء الكتب واختيارها، أو صرف النظر عن بعضها دون إكماله، بالطرق التي أسلفت ذكرها بعيداً عن إغراء العناوين البراقة أو الأغلفة الجميلة، تجربة مفيدة وموفرة للوقت والجهد.

وبذلك اكتشفت، أن مقولة "اقرأ وإن لم تهوى ما تقرأ" هي مقولة لا تناسبني ولا تنفعني، هل تناسبك؟ وكيف تختار كتبك وتنتقيها؟

***

🗃️ لقراءة الأعداد السابقة من النشرة:

تقدير الذات" سبباً للهشاشة النفسية 🥺 و"فن اللامبالاة" معيبة نفسية!
الهدايا الصادمة - فرصة لتفحص العلاقات 🎁🔍
معلمة الرياضيات التي حطّمَت شماعة المبررات 👩‍🏫


مشاركة
نشرة أصباح وأمسية البريدية

نشرة أصباح وأمسية البريدية

عن الحياة، الوالدية، والمواقف الشعورية! لا بأس أن تقرأها مع تسرب خيوط الشمس الأولى فلربما تلهمك! نسمات الليل الهادئ فلربما تطمئنك! ولا تنسَ أن تحتسي مشروبك المفضل معنا 😉

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من نشرة أصباح وأمسية البريدية