الكتابة في الأوقات الصعبة، الألم والمعاناة والقدرة على الكتابة😔🩹نشرة مرجع التدوين البريدية - العدد #62

مرحباً مجدداً بعد فترة انقطاع.
دخلت غرفة العمليات لإجراء عملية قيصرية طارئة بعد ساعة من نشر العدد المجدول (العدد الستين)، دقائق الانتظار قبل تجهيزي لغرفة العمليات لم تكن سهلة، ومع ذلك فقد قمت بالاطلاع على عدد القراءات وإحصائيات فتح العدد، وظللت مستمرة في تحديث الصفحة بترقب غير مفهوم!

لا أعلم إن كان ذلك نوعاً من الهروب، أو التشتيت، أو التهدئة الذاتية، لكن هذا ما حصل. في تلك اللحظة أردت الاستعانة بأداة الكتابة، ولو بكتابة سطر قصير كما كنت أفعل في بعض مواقف الضغط والتوتر، لكني لم أستطع استحضار تركيزي، وهذا ما جعلني -فيما بعد- أتساءل عن مدى قدرة الإنسان على الكتابة في الحالات الصعبة التي يعيشها نفسياً، وحتى بعد الخروج من العملية بأسابيع، كنت أتساءل: هل يمكنني الكتابة من جديد؟ كيف سيكون دور هذه التجربة؟ هل ستترك أثراً مختلفاً في طريقة تفكيري أو ستُحدث فرقاً في أسلوب كتابتي؟

Unsplash 

وأتذكر بشأن ذلك حديثاً جرى بيني وبين العزيزة بثينة اليوسف؛ اقترحت عليّ مرةً أن أكتب عن الكتابة في لحظات الألم والمعاناة، كلحظات المرض، الاغتراب، والفقد. ظننت حينها أن الموضوع يحتاج بعض الاطلاع لا غير، واستسهلت تصوره والكتابة عنه، لكنه لم يكن كذلك، وتيقنت أن الكتابة ليست عملية إرادية في جميع الظروف ولا لجميع الأشخاص.

لدى بثينة تجربة في الكتابة في مثل تلك الأوقات الصعبة، في تدوينتها بعنوان: ٣ رمضان، في وداع رئتي الحبيبة.

يمكن للألم أن يكون سبباً للكتابة، فمثل كافكا، وديستويفسكي، وكامو، وغيرهم، كانت الكتابة متنفساً لمعاناتهم، بل كان الألم هو الذي يحرك أقلامهم ويشكل نصوصهم الإبداعية. فتقمص المعاناة لوحده لم يكن كافياً -برأيي- لاستخراج الكلمات من عمق المشاعر وبواطنها، وفي الوقت ذاته، قد يكون الأمر أسهل لدى البعض في أن يكتب من لحظات الألم الذي يعيشه، على أن يتقمصه أو يتخيله، لأنه سيحتاج حساً مرهفاً جداً قادراً على عيش اللحظة بصدق وتقمص أقرب للحقيقة.

وبعد خروجي من هذه التجربة، لاحظت أن القدرة على الكتابة في مثل تلك الأوقات ترتبط بالمرحلة التي يمر بها الكاتب، وهما مرحلتان رئيسيتان اختبرتهما على أسابيع عدة: مرحلة الأوقات الصعبة، ومرحلة التعافي، والكتابة في كل منهما كانت مختلفة من حيث الدافع والاسترسال.

مرحلة الأوقات الصعبة:

قبل أسابيع من الآن، لم أكن قادرة على التركيز على الكتابة، بل لم تكن لديّ رغبة لها، شعرت وقتها أن ثقتي قد اهتزت للعودة للكتابة بنفس المستوى والانتظام والاستمرارية. وفكرت في الكتابة وعلاقتي بها -كما فكرت في الكثير من الأمور- أنها ستتذبذب أو ربما انتهت، ولن أستطيع أن أكتب بنفس الطاقة والحماس كما كنت أفعل. الكثير من اليأس وبعض السلبية في التفكير.

إن كنت سأطلق اسماً على هذه المرحلة، فسأسميها: مرحلة دويّ العاصفة، عندما لا تكون في وضع متوازن، كلما حاولت فشلت، ولست بكامل قواك الذهنية، الجسدية أو النفسية. هنا سأنصحك بأن ترتاح و"تطبطب" على ذاتك، وألا تفكر بالمستقبل كثيراً، لأنها يجب أن تأخذ وقتها حتى تمر سريعاً دون أن تجهد نفسك وتهدر طاقتك في المحاولة. لذا قررت توجيه تفكيري فيها إلى التشافي والتعافي في المقام الأول، هذه المرحلة التي يحتاج الواحد فيها أن يتخفف من كل حمل حتى لا تزيد معاناته.

مع ذلك، يمكن لمقالة كيفية الكتابة في الأوقات الصعبة أن تساعدك على تقبل الوضع وتجاوزه، أو ربما مواصلة الكتابة بوتيرة مختلفة مناسبة مع الإيقاع الذي يتماشى مع الظروف التي تمر بها.

Unsplash 

 مرحلة التعافي:

عندما تهدأ وتيرة المشاعر وتبدأ الظروف بالاستقرار، ينقشع الضباب عن التفكير، وتمر جميع الغيوم التي تكدر صفو المزاج. هنا تصبح الأمور أوضح وأكثر تقبلاً ومعايشة. جربت الكتابة في تلك المرحلة، وكان المؤشر الصحي بالنسبة لي هو أني شعرت بنشاط عجيب بمجرد أن أنهيت كتابة فقرة كاملة من مقال ناقص كتبته قبل العملية، وكأني التمست عودة مهاراتي واسترجاع قدراتي. وأعتقد أن في هذه المرحلة كتب معظم الأدباء الذين كانت لتجارب المعاناة والألم دور في كتاباتهم الإبداعية. جمال هذه المرحلة يكمن في الترقب، والاسترسال بسلاسة، وتوقع تطور الأساليب وقوة التعابير أفضل من ذي قبل حتى!

بكتابتي لهذا العدد، أعتقد أني -بفضل الله- قد تجاوزت المرحلة الأولى، وأستعد للتعافي الكامل ولِما يحمله معه من تطورات.

Unsplash 

سأتذكر دائماً أن للعدد الثاني والستين معزّة خاصة؛ فبعد كتابته شعرت بامتنان لله بأن وهبني الصحة والعافية والقدرة على تقدير النعم. أشارك هذه التجربة الشخصية هنا، لأثبت لكل من مرّ أو سيمرّ بتجربة صعبة أو مؤلمة، أن الكتابة علاقة وثيقة يصعب أن نفقدها بسهولة عندما تصير جزءاً من حياتنا. فهي -كانت وستظل- أكثر من مجرد كلمات كُتبت لحظتها ثم انتهت، هي امتداد تذكيري لذواتنا المستقبلية عن الماضي، وفرصة لتأمل المفارقات وإسقاطاتها في الحياة.

هل مررتَ بتجربة صعبة شعرتَ فيها أنك فقدتَ مهارة الكتابة؟ أم هل ساندتَ نفسك بها؟

Unsplash 

◀️📺 تلفزيون مرجع التدوين:

🔹مدونة " بيث جوزيف ":

أؤمنٌ بقيمة تآزر الحواس في تشكيل الذكريات، وطريفٌ حين سردت بثينة ذكرياتها حول أغنية ما؛ على غرار كتاب كامل يحكي ذكريات الكاتب مع الأغاني.ما الكتاب؟ وما الأغنية؟اقرأ التدوينة، ستجذبك سلاسة السرد.

اذاعة الأغاني- ذكريات أغنية "ألف ميل" لفنيسا كارلتن

تدوينة اذاعة الأغاني- ذكريات أغنية "ألف ميل" لفنيسا كارلتن

🔹مدونة "أقصوصة":

أشاهد مقاطع الطبخ كثيرًا وإن لم أطبّق ما أشاهده؛ ممتعة ومسلية، وأستفيد منها لا بدّ.ويبدو أن مها توافقني في ذلك، بيد أن لديها طباخة تحبها وتدين لها بالكثير مما تعلمته في المطبخ والتنسيق أيضاً من هي؟ وماذا تعلمت منها؟

دورس تعلمتها من مذكرات آينا قارتن

تدوينة دروس تعلمتها من مذكرات آينا قارتن

🔹مدونة "بشرى": 

بعد كل تجربة أمر بها _حتى وإن كانت بسيطة_ أواجه لحظات إدراك كثيرة توضّح لي أمورًا مختلفة.كذاك بشرى حين شرحت في تدوينتها اقتباسًا صادفها عن ثمن التجربةأعجبني الاقتباس والشرح.

ثمن التجربة

تدوينة ثمن التجربة

🔹مدونة "مكاناً قصياً": 

قد ينجح المنزل الأخير في سلب قلوبنا، واحتلال مساحة كبيرة من ذكرياتنا، كما يبدو أنه سيحدث مع مشاعل في بيتها الخامس الأخير الذي ودعت فيه الوضع المؤقت كما تصفه.

شاركها تدوينة التوثيق الأولى.

مغادرة المؤقت: بدء حكايا البيت الخامس 🏠

هل ستكتفي بالمشاهدة لوحدك؟ شارك هذه التدوينات مع المهتمين 🌐

◀️ 🎙️بودكاست العدد:

بودكاست المستشار

 التحديات النفسية و التعامل مع الضغوطات تحتاج إلى مهارات، هذه المهارات تستغرق الكثير من الوقت والجهد لإتقانها، لكنها تعود بالنفع على صاحبها في تعاملاته المختلفة، لفتتني هذه الحلقة المميزة بكل ما طرح فيها من التكيف مع التغيرات الحياتية، التعلم المستمر، و تأثير اتخاذ القرارات مع هشام رزق.

ما وراء اختبارات الشخصية: طرق أفضل لفهم الذات.

متابعة ممتعة ونافعة ✨💡

           كتابة وإعداد: إيمان السقاف.

            إشراف عام: أحمد قربان.

🗃️ لقراءة الأعداد السابقة من النشرة البريدية

📩للإعلانات:

[email protected]