الإنسان يبحث عن الكمال وتجنب النقص - العدد #50

أهلا وسهلا بك في نشرة اليوم حيث نكمل رحلتنا في فهم الفرق ما بين الإنتاجية المادية والإنتاجية الإنسانية.

لقد شرحت لك في النشرة (هل تشعر بضيق وملل بشكل مستمر) وهي شرح مبسط للفلسفة المادية المؤدية للقلق والكآبة وما أُطلق عليه بالفراغ الوجودي.

وشرحت لك في النشرة (الرؤية الغربية للتنمية البشرية: ما بين قتل المسيح أو أنا المسيح) كيف وجدت الانتاجية المادية من خلال الرؤية الغربية للعالم والإنسان.

في هذه النشرة سأكتب لك عن رؤية مختلفة عن الإنسان المركب.

لنفهم الإنسان المركب يجب علينا استيعاب المميز في هذا الإنسان:

• أولاً: بماذا يتميز "غير الإنسان" من الكائنات الحية.
• ثانياً: بماذا يتميز "الإنسان" عن باقي المخلوقات الحية.

بماذا يتميز "غير الإنسان" من الكائنات الحية؟

يمكننا تمييز "غير الإنسان" من الكائنات الحية من خلال مجالين:

المجال الأول: المعرفة

1. يكتفي بمعرفة ظواهر الأشياء: فغير الإنسان لا يستطيع أن يعرف عمق وبواطن الأشياء. وبذلك لا يستطيع تكوين علاقات تربط الأشياء ببعضها ليدرك قوانين الكون بكليته.

2. الإدراك الجزئي للقوانين: فغير الإنسان غير قادر على إدراك الوجود بكليته.

3. حدود البيئة بالمكان: فغير الإنسان إدراكه جزئي، فلا يمكن لمعرفته أن تتجاوز المحيط والبيئة الجغرافية التي يعيش فيها.

4. حدود الزمان باللحظة: وبما أن غير الإنسان إدراكه جزئي، فلا يمكن لمعرفته أن تتجاوز الزمان واللحظة. ولا يستطيع أن يربط الماضي بالحاضر والمستقبل ليكون لديه نظرة كلية للواقع.

المجال الثاني: الميول والرغبات

هنا من المهم أن تعرف أن كل موجود حي لديه غاية وهدف يسعى للوصول إليه، وما يحدد غاية كل موجود حي هو مقدار علمه سعةً وعمقاً.

وكون أن المجال المعرفي للمخلوقات الحية "غير الإنسان" ضيقة وجزئية كما ذكرت لك سابقاً، فهنا ستجد أن ميولها ورغباتها ضيقة وسطحية.

1. ميول مادية طينية: ستجد أن ميول "غير الإنسان" وأهدافه "مادية - طينية" لا ترقى إلى الأمور المعنوية والقيم الأخلاقية، ولا تتجاوز حدود الأكل والشرب والنوم والجنس واللعب، وكل ما له ارتباط بالمادة الطينية.

2. ميول ذاتية لحظية: ستجد أن أهدافه وميوله فردية ذاتية لحظية، أي انه لا يفكر بالمستقبل، ولا يخطط لمستقبل الأجيال اللاحقة. وإن وجد التخطيط عند بعض المخلوقات "غير الإنسان" مثل النمل فلا يكون هذا إلا جزء من تركيبته التي هي أصل خاص فيه.

بماذا يختلف "الإنسان" عن باقي المخلوقات الحية؟

قد يكون مرت عليك مقولة "الإنسان حيوان ناطق"، هذه المقولة تلخص ما هية هذا الإنسان.

فكونه حيواناً أي أنه يشترك مع سائر المخلوقات الحية بما يملكه من نفس حية بذهابها يتحقق الموت وتنتهي الحياة.

أما خصوصية "الناطق" فهي كل الفوارق الأساسية التي تميز الإنسان عن بقية الحيوانات الأخرى.

ويمكننا تمييز "الإنسان" من خلال مجالين:

المجال الأول: المعرفة: سعة العلم وعمق المعرفة.

فالإنسان لديه القدرة على معرفة ظواهر الأشياء وكذلك معرفة أعماقها واستكشاف العلاقات والروابط التي تحكم هذه الأشياء.

ويؤدي ذلك كله إلى أن تكون هناك معرفة كلية عابرة للمكان والبيئة التي تحيطه، وعابرة للزمان واللحظة التي يعيش فيها.

فهو قادر على التجاوز وتأسيس العلوم الرياضية والفيزيائية ليعرف ليس فقط الجبال المحيطه به بل يخرج خارج اطار الكرة الأرضية ليستكشف أسرار الوجود.

المجال الثاني: الميول والرغبات: سمو الميول والأهداف.

بمجرد أن أصبح لديه سعة في العلم وعمق في المعرفة فإن ميوله وأهدافه تتأثر بحجم وسعة هذه المعرفة.

فكلما كان الشخص ذو معرفة واسعة كان هدفه أسمى وأشرف.

وكلما كانت معرفته سطحية كان هدفه أقرب لغير الإنسان من المخلوقات الحية.

الإنسان يبحث عن الكمال وتجنب النقص

وبذلك ستجد أن الإنسان كونه مفكراً ناطقاً فإن أهدافه وميوله مفطورة على البحث عن الكمال وتجنب النقص من خلال التعبير عن:

• حب الاطلاع واكتشاف المجهول للوصول إلى حقائق القوانين الكونية
• حب الخير والفضيلة (الاخلاق والقيم)
  
• حب الجمال والميل إليه
  
• حب الإبداع والميل إليه
  

الإنسان المركب تحكمه 4 قوى تؤثر على ارتقاءه ونكوصه

سنتكلم في النشرة القادمة على القوى الأربعة المؤثرة على الإنسان في ارتقاءه وهبوطه.

القوة البهيمية، والقوة الغضبية، والقوة الوهمية والقوة العاقلة.

إلى ان ألقاك في النشرة القادمة، أتمنى لك حياة واعية ملؤها الرضا.

تحياتي لك،،
أحمد أبوطالب

ملاحظة: تواصل معي اذا كانت لديك أي أسئلة أو استفسارات أو حتى مداخلة بالرد مباشرة على هذا الإيميل.