الرؤية الغربية للتنمية البشرية: ما بين قتل المسيح أو أنا المسيح - العدد #49 |
13 سبتمبر 2022 • بواسطة نظام التخطيط العبقري • #العدد 49 • عرض في المتصفح |
هل الإنسان سوبرمان أم هو مجرد إبن للطبيعة؟
|
|
في العدد السابق "هل تشعر بضيق وملل بشكل مستمر" تحدثنا عن مفهوم "الفراغ الوجودي" الذي بات سمة لهذا العصر الذي تحكمه التقنية والحياة السريعة. |
وتحدثنا عن "الإنتاجية المادية" التي كانت نتيجة الرؤية الغربية للعالم والإنسان. |
وهذه الرؤية تقول التالي: |
|
وبناءً على هذه الرؤية الغربية تم إنتاج كتب التنمية الذاتية التي تختزن في داخلها هذه الفلسفة دون إدراك كاتبها في بعض الأحيان لهذه المفاهيم ودون إدراك القارئ في الغالب. |
وهذه الرؤية الغربية للإنتاجية المادية مكنت الإنسان من تحقيق الكثير على المستوى المادي، ولكنها في نفس الوقت تسببت في ما يسمى "الفراغ الوجودي". |
ولذلك إنتشرت في الغرب مجموعة من الممارسات لمحاولة اشباع هذا الفراغ. فنلاحظ انتشار نزعة التأمل بأي وسيلة كانت، والإهتمام بالمفاهيم البوذية التي تلامس الأبعاد الروحية في الإنسان كوسيلة لمعالجة هذا الفراغ. |
بالإضافة إلى التركيز على الفكرة الأبرز المنتشرة حالياً وهو التركيز على "الآن" فقط. لأن الماضي يسبب الحزن والندم ويؤدي للكآبة، والمستقبل يسبب التوتر والقلق ويؤد للضيق. |
صحيح أن البعض يلاقي نتائج جيدة من خلال هذه الممارسات، ولكن الأغلب يجد نتائجها لبعض الوقت وتختفي هذه الحالة غالبية الوقت، لأنه في النهاية مازال ينظر لنفسه أنه يجب أن يحقق إحدى الإرادتين اللذة والقوة فقط، وهاتين الإرادتين لا تشبعان أبداً. |
الرؤية الغربية للتنمية البشرية: ما بين قتل المسيح أو أنا المسيح |
أشرت إلى أن الرؤية الغربية للعالم والإنسان هي الأساس التي بنية عليها معظم مدارس التنمية البشرية. فأي مدرسة في التنمية البشرية تبني نفسها على أسس رؤية فلسفية غربية. |
الرؤية الأولى: الإنسان سوبرمان (قتل المسيح) |
ظهرت هذه الرؤية عام 1500 ميلادية كنتيجة لرفض أوروبا لهيمنة الكنيسة، وظهور بوادر الإكتشافات العلمية، ليعلن الفلاسفة موت فكرة وجود إله، وأن العقل الإنساني كامل وقادر على اكتشاف كل الأسرار المحيطة به. |
وهذه الرؤية هي ما يسميها الفلاسفة بعصر "الحداثة". وتتلخص رؤية الحداثة للإنسان والعالم في التالي: |
|
ويجسد كتاب "48 قانون للقوة" لروبرت جرين هذه الرؤية بشكل متطرف. |
الرؤية الثانية: الإنسان إبن الطبيعة (أنا المسيح) |
مع إدراك الإنسان الغربي لعدم قدرته على تحقيق وعود "الحداثة" وبدء في اكتشاف قصور العقل، ناهيك عن تفاقم معناة الإنسان الذي كان يظن أن الحداثة ستنقذه من كل معاناته وستوفر له الرفاهية الكاملة. |
جاءت الرؤية البديلة لها وهي ما يسميها الفلاسفة بعصر "ما بعد الحداثة". وتتلخص رؤية ما بعد الحداثة في التالي: |
|
ويجسد كتاب "قوة الآن" لإيكهارت تول هذه الرؤية بشكل متطرف. |
الخلط بينهما وتأثير الرؤية الغربية على الحضارات الأخرى |
ما أكتبه لك هو ملخص لقراءات واسعة وبحث وتأمل لهذه المفاهيم خلال رحلتي الفكرية التي إمتدت لعشرين عام حتى الآن. |
واحاول أن أوضح لك الفرق بين كل مدرسة حتى تستطيع التمييز بين هذه المدارس وتعرف كيف تختار ما يناسبك منها. |
لأن البعض يتبنى مدرسة محددة من التنمية البشرية دون فهم أساسها الذي بنيت عليه. وقد يخلط ما بين الرؤية الأولى والثانية دون أن يعرف ما يعنيه تبني هذه الرؤية فتزداد حدة معاناته. |
وليس هدفي الآن هو نقد هذه الرؤى الغربية والتفضيل بينها، ولكن التوضيح لك لتفهم أبعاد ما تتبناه من أفكار ومصدر هذه الأفكار حتى تستطيع التمييز والإختيار. |
ومن خلال مفهوم "الإنتاجية الإنسانية" اللذي ابتكرته، أحاول أن أضع رؤية أكثر انسجاماً وأكثر تركيبية. رؤية تفهم الإنسان بأبعاده المركبة والمتداخله، وكيف يمكن له التعامل مع هذه الأبعاد دون أن يفقد بعداً منها، ويُغلب إرادة المعنى في حياته. |
سنتكلم على الإنسان المركب بابعاده الأربعة في النشرة القادمة. |
لا تنسى أن تتواصل معي اذا كان لديك أي فكرة او ملاحظة تود مناقشتها معي بالرد على هذا الإيميل مباشرة. |
أتمنى لك الخير والعافية.. |
التعليقات