التنوّع في أشكال المحتوى

بواسطة شهد #العدد 15 عرض في المتصفح

مرحبًا من جديد، دعوني أبدا حالاً بصلب الموضوع فهو أفضل ماقد أحذف المقدمة من أجله! 

لا يخفى عليكم أن لكل شكل من أشكال المحتوى تحكمٌ بجانب إداركي وسلوكي لدى أنماط شخصيات المتلقين.

فإحدى أهداف هذا التنوّع في الأشكال المطروحة أن يتمكن محتواها من تحقيق النفاذية، وإبقاء صدى الرسالة أعلى، والتوصّل بشكل أسرع إلى الجماهير المستهدفة، وذلك يأتي بملاءمة تلك الأهداف مع مُختلف وسائل الإنترنت.

دعونا نتخيّل مثالاً، خارجيًا قدر الإمكان كي لا يتسبب بإملالكم، أو جعلكم متخومين بنفس الأفكار! حسنًا، لا بد وأنكم تعرفون مجسّ الإنعاش، فنو يتميّز بكونه مزودًا بدرجات كهربائية متنوّعة، جميعها تمتلك إحتماليّة التأثير الصحيح، وتوقظ إحدى درجاته -بالتجربة على المريض- قلبه المتوقّف لحظيًا.

هذا بالضبط ما يمكنني أن أشبّه تنوّع المحتوى به. فنحن بحاجة لتجربة أكثر من منصة، بأكثر من شكل، لنحقّق أهدافنا من المحتوى. والإستراتيجية الجيدة للمحتوى، تسعى للإستهداف وفقًا لقواعد وضوابط كل منصة، وحسب الشّكل التي ستُمثل مُحتواها من خلاله، في سبيل إظهار الرسائل المرغوبة بمراعاةٍ مع كل منصّة وجمهورها المميّز من المتلقين.

 دعونا نستعرض معًا أبرز أشكال المحتوى ونتحدّث عن إختلاف تأثيرها على المتلقي.

المدونات:

يبحث المتلقي فيها عن محتوى معلوماتي يفك ستار الغموض عن رغباته، ويستزيد فيه عما يؤكد له مصداقية المنتج ونفعه، فهو في هذه المرحلة يشعر بخطر خسارة ميزانية كان يمكن إدخارها لخيار أفضل. كما يعتقد.

 ولكي يقنع بما يُقدّم له، علينا تقديمه بسردٍ وافٍ، لا يطول لدرجة تركه بالمنتصف، ولا يقصر لدرجة عدم إشباع الفضول.

ففي مساحة التدوينة تصاغ الجمل بما يُبرز من المُنتج فوائده، وعند إيصاله إلى ذروة الحاجة يمكن إبتكار مزايا إضافية منه.

يميّز المتلقي هنا قناعته المتشكّلة ببطئء، التي تمكّنه من التفصيل بجودة المُنتج الذي يرغب بشراءه وقياس فاعليّته حسب طريقة التحدّث والوصف المكتوبين عنه. 

ومن المهم حقًا أن يتقمص كاتب المدونة موقف متلقّيه وأحاسيسه، وأن يجيب على تساؤلاته حتى وإن وصل به الأمر لأن يُخطرها هو على باله، فاتحًا المجال أمام حيازة قدر أكبر من ثقته، وكاسرًا حاجز التردد، لتحقيق قيمة أعلى لعملية الشراء.

ولكن، لا ينبغي له أيضًا أن يكتب بأسلوب تسويقي جدًا ينفر القارئ، ولا عادي جدًا مطفئًا رغبته المحمومة. 

مواقع التواصل الإجتماعي:

المتلقي هنا جاهز للهروب، لديه قناعات قديمة، ولكنها أولية جدًا. غير كافية لحسم أمره، ولا ترقى لمستوى الصورة الكاملة للقرار. والذي يجعله في نفس الوقت، معرضًا للإستجابة لجميع العلامات التجارية التي تتجاذبه وتصب عليه وابلاً من المغريات، فيركض إما ليصل إليك، أو ليهرب منك. إما للتوجه نحوك، أو للإبتعاد عنك. فهو هنا يولي إهتمامه الأكبر بشكل المحتوى المعروض أمامه، هل هي صورة؟ أم فيديو؟ أم شريحة وراء أخرى؟

على كلٍ، يؤمّل فهمًا كاملاً عند الوصول لوصف المنشور الذي يجمع أفكاره ويوجّهه إلى فعل ما. -وحسب تصميم المنصة لتجربة مستخدمها- غالبًا يكون آخر ما يتلقاه المتصفّح هو وصف المنشور.

ووصف المنشور إن كان مجرد بلبلة تكرّر فيها ما ذُكر سابقًا، سيشعر المتلقي فعلاً بالإنزعاج، فهو يطلب منك كل لحظة شيئًا جديدًا ومقنعًا، يُكامل صورتك، إنطباعه، أهميتك لديه، ولا يَعتبر من صالح وقته أن يجد الشيء نفسه مكررًا مرتين!

يجب ألا نتجاهل طبيعة المتلقي هنا، فهو إنتقالي بسرعة، يتصفح حساب العلامة مسارعًا من منشور إلى الذي بعده، ويُلقي نظراته السريعة هنا وهناك، فيُرابط بين منطقيّة العلامة وعاطفيّة الحاجة، ويفسّر وصف المحتوى بعلاقته مع الشكل المعروض.

ثم يظهر أخيرًا الإختبار الذي كان كامنًا منذ البداية، فهل المحتوى يلامس واقعه ويُحاكيه؟ هل يؤثر على مخيّلته بما يجعله يتصوّر المشكلة التي يحلّها؟ وهل سيتمكن أخيرًا -بالإستعانة به- من تحديد قراره الشرائي؟ 

ثم أن هنالك مطبّة أخرى أمام نيّة الشراء والمحتوى الذي يخاطبها، هل تحدّثت العلامة عن نفسها بغطرسة أم عن حاجاته بإشباع؟ فإن حظت العلامة بدرجة عالية من الإعجاب، ستتجاوز الإختبار المُلقى أمامها، وستجده يُبدي إهتمامًا أشدّ، باحثًا عن وسيلة تواصل تقرّبه إلى خطوة الشراء الفعلي.

الإعلانات:

رغم الثواني المعدودة التي يشغل حيزها الإعلان، إلا أنه سيُقابل بنعم مؤكدة أو لا حاسمة.

فالمتلقون هنا لا يولّون إهتمامًا مباشرًا بالإعلان حالما يظهر، خصوصًا وأنهم كوّنوا مناعةً يفصلون بها أنفسهم عما يرجو الإعلان أن يفهموه منه.

فالآن، يجب على الإعلان أن ينال الثقة والجدارة بنظرهم، وأن يلفتهم بإضفاء المتعة والخفّة على طريقة إخراجه ومُحتواه. 

والتأثير الذي يُنادى به تسويقيًا هو أن يكون الإعلان كالنكهة المخملية التي تبقى في الفم، دون أن تترك رائحة كريهةً ومزعجة فيه.

يجب أن يحصل المتلقون على ما يبقى في أذهانهم، ولا يستثير حفيظتهم، ويكون خاطفًا بما يتيح لهم تجاوز ضغط الرسالة التسويقية، للتفكير بما تقدّمه لهم الرسالة، وللبدء بمرحلة ما بعد الإعلان والتي تختلف نوعًا في إجراءاتها. 

كما علمنا، ما يصعّب على الإعلان مُهمته هو أن الغالبيّة العظمى من الناس تقابل الإعلانات بالشكّ، أليست مجتمعاتنا هي من تقابل الكلام الذي لا يُصدّق بسؤال صاحبه: أهذا إعلان؟

وما يزيد النفور أو القبول أو بالأحرى يحدد نتائج التأثير المتوقعة للإعلان، هو القالب المعقول أو -غير المعقول- الذي من الممكن أن يَرِد فيه…

قد يكون تقليديًا كالذي تستعرض به دوڤ منتجًا للبشرة، أو إبداعيًا، يدور في قالب موقف إجتماعي كالذي نشره مقهى هاڤ مليون في إعلانه الجديد عن مُنتجه الصيفي! 

مشاركة
شؤد •

شؤد •

كبسولات معرفيّة من جُعب الإثراء ومواضيعٌ إبداعيّةٌ شيّقة، تأتيكم بشقّين: هزلٌ وجِد، لتُثبت الرسالة قدرتها على اللمعانِ وراء الوسيلة!

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من شؤد •