خَطْبـ

بواسطة شهد #العدد 12 عرض في المتصفح
نشرة مخصصة لتكريم المخذولين إجتماعيًا

"قد يعطيك الإختلاف أفضل مافي الدنيا لكنّه سيسلبك تلك الراحة الإجتماعيّة"

 اخترت أن أبدا كتابتي بهذا الإقتباس، والذي اقتبسته حقيقةً من لحظة صدق يائسة باغتتني.

فبعد شعوري المتزايد أن الخارج يستعدّ لإضرام العار فيّ إن عشت تمايزاتي الطبيعيّة -كإنسان- وبغير تلك الملاءمة الإجتماعية، يحتدم الأمر ليوقفني على مفترق طرق خطير: إيجاد عالم آخر.

على الغالب أنه عالم داخليّ، يصبح فيه المرء؛ كلّ الناس المفترضة حوله. نعم، فهو يكفي لشغر أدوار الجميع بنفسه. فمسيرته من الوحدة، علمته ذكاء إحاطة عالمه بالأوهام. -الوهم بالمناسبة، عوضٌ لا أحد يمتنّ عليه!- عالم من الوهم به الإنسان حُر طليق، لكنه فاقد.

قد لا يهدر طاقاته في محاولة شرح نفسه لآخر، لكنه سيضع -عوضًا عن تلك المعاناة- عينه بعين الظلام. والمساحة  الشعوريّة المفتوحة في منطقة مظلمة مُغلقة، شيء خطير وغير إعتيادي. فهذه المنطقة المطفئة تواجهُ عادةً بسيوف آخرين تتطاعن مع الظلام. وفقًا للسياق الطبيعيّ.

عندما أنظر للخلف، لشهد التي كنتها، تلك الطفلة التي أصف نظراتها بالخارقة. بدأت منذ مهدها إستغراب إسمها، -شهد! هل هذا هو فعلاً الإسم الذي سأنعت به طوال حياتي؟-  

أعتقد أنها طردت من عالم التشابه، رغم أني لا أتذكر الخطيئة ولا الظروف. حاولت لاحقًا الرجوع إليه. بل وكسب قبوله وأنا على بابه للقفز مباشرة داخل كنفه، هذا الكنف الذي يشبه خلية نحل متآزره، نحلات تطن معًا، تعمل معًا، تتلقى الظلم معًا. لكن لاحظت في كبري، بعقل ناضج، أن كل مكان قد يشتمل على نزيف ومعاناة، لا جديد معي، عدا أن أولئك المتآزرين كخلية نحل يعيشون اجتماعاً شعورياً مُنفرداً عمن يعيش مشاعره مجتمعةً وحده. 

وكانت طريقة تفكيري تفترض، أنه للعودة إلى خلية النحل التي ولدت حقيقة بداخلها -ولكني تضخمت أكثر مما تسمح به، باديًا لمن حولي أني اهشمها- أن عليّ فعل الكثير مما يتعذر على شخصيتي تمثيله. لأخرج من هذه المحاولات المريرة، للبحث عن مأوى يحتويني. وأحذر كل الحذر، إن كنت تعتقد أني ظننت الإحتواء سيجيء من إنسان أو مجموعة إنسية أخرى. بل تسربت طموحي إلى أن أكون في كنف الله، وشيئًا فشيئًا، أشعر أن لا أحد حقيقيّ وثابت غيره. 

كم كان غير مفهوم بالنسبة للإنسان، ألا تحتويه جذوره. وكيف ولا؟ وهو مولودٌ من رحم مجتمعه المتآزر، أولم يعطيهِ مجتمعه حزمة من الإشتراكات؟ أو الأذن ليصبح مشرفًا على الحياة المجتمعيّة؟ فقد أثر ذلك، الحس الطبيعيّ للحياة الإجتماعية. لا يلوم، ولا يحزن، ولا يوزع أنينًا إعتراضيًا، لكنه يهتز دوكًا لذلك الإستبعاد الذي يشعره.

يُستبعد المرء بالصور النمطيّة التي تصنفه، فهي تتعارض مع تصورات عالمه الداخليّ والإنطباعات التي يريد أن يعطيها عن نفسه. يشعر بمرارة عندما لا يستطيع وصل واقعه المجتمعيّ مع واقعه الداخليّ، فهذا الكائن يقتات على تفوقه وإنتصاره بصنع الإرتباطات والدوائر الإجتماعيّة. لكنه بدلاً من ذلك، فقد السيطرة في الأوساط التي تتطلب ظهورًا إجتماعيًا، ويعرف أن عليه أن يكون «في الوسط الإجتماعيّ» حتى وإن كان مسرحية غبيّة، لا يكسب فيها أحد ذاته. 

ويا لذلك الآخر، الذي وإن كان يبدو عليه الغرق داخل خليّة نحله، إلا أن قلبه يشتد تعاطفًا عندما يقاطع أصوات الطنين، متأمّلاً أسى المطرودين وهم يغادرون أماكنهم، متعاطفًا حتى مع مالا يفهمه عنهم. ليقول بداخله: ”أنا آسف، كم وددت إخباركم أنكم لستم بمعيوبين أو مخطئين، فشعوري الإنساني بكم يدلّل على ذلك.“

مشاركة
شؤد •

شؤد •

كبسولات معرفيّة من جُعب الإثراء ومواضيعٌ إبداعيّةٌ شيّقة، تأتيكم بشقّين: هزلٌ وجِد، لتُثبت الرسالة قدرتها على اللمعانِ وراء الوسيلة!

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من شؤد •