النفس الثانويّة/ثانويّة النفس

بواسطة شهد #العدد 3 عرض في المتصفح
أن تكون الخيار الثانِ لنفسك—هذه النشرة توعويّة—

تبدأ حياة الإنسان في "نفسه" ومع "نفسه" ثم يكبر ليتبرمج بخطورة على ما يجعل هذه النفس ثانويّة وليست أولوية، فيضيع إحساسه بنفسه داخل هويات ينشؤها له مجتمعات تأثر بها أو أناس من حوله، ليتحول صراعه من الإرتقاء بحياة نفسه إلى البحث -أساساً- عنها!

مرحبًا يا أعزاء! أتمنى أنكم بأفضل أحوالكم اليوم.. فموضوعنا لهذا اليوم قد يبدو جذاباً لتصنيفه كملاحظة نفسيّة لظواهر تشجع بلا وعي طمس النفس، إما بفعل العدوى النفسيّة أو العلاقات الأولى السيئة كالعلاقة الآمره والناهية بين المرء ووالديه.

وكأنما يصبح حديث النفس حينها: [ انفصل عمّن تكون لكي تكون ماتريد أن تكون ] وكم هذه الجملة مليئة بالأخطاء الإدراكيّة! 

فالمسألة لا تخلو من تطرق حساس تجاه مكنونات النفس والمؤثرات الإجتماعية من حولها.

وأخترت عنوانين لأغراض لغويّة ولأشمل المقصد كاملاً فخذوا الفرق بينهما:

هناك فرق غير ظاهر بين من يضع نفسه ثانياً، ومن يعتبر نفسه ثانويًا على الدوام. لكن كلاهما ينتجان المأزق نفسه بإضاعة ذواتهما! فمن يضع نفسه ثانياً سيكون "تابع" في حياته أكثر من "مُتحكم" فيها وسيكون لديه _غالبًا_ شخصٌ ما يختار له خطواته التالية ويحسم له حتى أصعب قراراته.

أما من يعتبر نفسه ثانويًا فهو كسمكة مشلولة تستقي حركتها من حركة الموج حولها فيسيّره مايضعه الآخرون كأولويات في حياتهم لينتج فهماً لنفسه من خلال تحركاتهم فيعيش حيرة  كـ "أدرس طب ولا هندسة؟" لكونهما أشيع خيارين مرغوبين من أقرانه ولا توجد داخله أي ميول شخصية لدراسة تخصص ما بعينه. 

ولهذه المسألة جذور عميقة ضاربة في دواخل الإنسان تعود للتاريخ النفسيّ التراكمي لكل منهما، فتفرض هذه العوامل عليهما تهميشًا للذات وإسكاتاً للميول والرغبات والنزعات الطبيعية حتى أن النفس في هذه الحالتين لا يمكن أن تُستنطق ولا أن تُستعتب فهي ضائعة الإرادة فاقدة لقدرتها على جسّ طريقها الخاصّ بفعل هذا التعقيد. 

ومن أخطر مايمكن أن يحدث؛ أن يضيع الإنسان نفسه الحقيقية، ذلك أنه لن يبلغ أي مطامح ومساعي في الحياة إلا مراوغة لنفسه، وتصبح حتى أمانيه فاسدة لكونها مستقاة من غير نفسه. 

لكن الحياة تستلزم السواء، فحتى المرضى يخضعون لما يجعلهم أسوياء مجددًا.

لذا، وفي كل مرة يعيشان فيها تعقيدًا لا تتمكن خبرتهما السابقة من معالجته يحدث "نداءٌ داخلي" للنفس. 

فمن مزايا الله علينا، أن نفوسنا تُنعش بسرعة تفوق إستجابة قلبنا المادي، تعود للتجسّد رغم تخبئتها بصرامة وإكراهها على الألم، فتنجح في الوصول إلى ضفة النجاة والتأثير على فردها فهي كالحياة التي تعيشها؛ تنظم الأمور قدر الإمكان لإعادتها إلى نصابها الصحيح. 

عدا أن عدم وعي صاحبها تجاه نفسه الثمينة يجعل جهودها تضيع هباءً وهدرًا، فهو متمسّك بإرضاء الآخرين ومحاولة نسخ حياتهم مع تصور راسخ أن نفسه لن توفر له عيشةً كريمة!

بينما النماذج التي يتم إستنساخها بالفعل قد تعيش حياة سعيدة، وتمارس هوايات مريحة، وتؤمن بما يساعدها على عقيدة تُبلسم جراحاتها، وتتعامل مع الآخرين بناء على شعورها الطيب تجاه نفسها لكن هذا لأنها نفسٌ نظمت هذه الضغوطات بما لا يجعلها تنقلب على ذاتها. نفسٌ غير مذعنة؛ ولا تسمح بقيادة وجودها نحو المجهول وتدرك كافّة مسؤوليتها في الإختيار والفعل.

نهايةً؛ كانت هذه النشرة توعويّة ومبنية على ملاحظات نفسية-شخصية، فإن كنت تشعر أنك من أحد هذين التصنيفين، أو تشعر بضياع ذاتك وتكريس طاقاتك لإستنتساخ حياة لا تشبهك أستشر إخصائياً نفسياً أو طبيباً! 

حتى نشرة أخرى ألتقيك فيها؛ كُن أولوية نفسك. 

مشاركة
شؤد •

شؤد •

كبسولات معرفيّة من جُعب الإثراء ومواضيعٌ إبداعيّةٌ شيّقة، تأتيكم بشقّين: هزلٌ وجِد، لتُثبت الرسالة قدرتها على اللمعانِ وراء الوسيلة!

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من شؤد •