ضع مبدأ الوفرة ضمن مبادئك

بواسطة شهد #العدد 2 عرض في المتصفح
أكيد في الآونة الأخيرة تردد كثير مصطلح "وفرة" على أسماعك، وبديت تتسائل جدياً "إيش هي الوفرة؟" …

مرحباً! موضوعنا اليوم يدور حول الوفرة, وحاولت عشانك أتتبع مصادر متينة للموضوع لكني اكتشفت ان ماله مصادر معينة لكونه مفهوم عام تطور في حقل تطوير الذات، لكن عشان تفهم معي معنى الوفرة خلنا نستعرض مبدئياً بعض أشكالها والأمثلة عليها في نشرتنا لليوم

فلنبدأ مع أبسط أشكال الوفرة عشان تستوعب بقية النشرة، فأحد أمثلة الوفرة تلك: هي إمتلاء مشروب القهوة الخاص بك على قد كوبك بالملّي/بالضبط وتكبير كوبك راح يكبر نصيبك من القهوة معه! 

وحتى تخيّرك اليومي بين مقاسات الأكواب في درج المطبخ -يعتبر شكل من أشكال الوفرة!

حتى قدرتك على شرب أكثر من كوب تعتبر وفرة عندك! قدرتك على الإرتشاف متى ماوددت، والسهولة والبديهية في التعامل مع النعمة، وقدرتك على إشباع نفسك بلا تفكير مضني بكيفية الوصول. كلها خصائص تشير للوفرة في حياتك. 

خذلك مثال آخر؛ توافر الماء المتدفق من بداية إستحمامك اللي أخذ ساعة حتى نهايته، هذا ما يُسمى بالوفرة! 

حتى الوقت الفاضي من ضمن أشكال الوفرة في الحياة! 

[نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة، والفراغ] -النبي محمد (ص)


والوفرة هي حالة أو شعور يملأك بالتفاؤل والشُكر والرضا مهما كانت أحوالك الفعليّة، الوفرة شعور عميق بأن عطاء الله لك سابق لأوانه حتى قبل ان تطلبه، شعور يذكرك بإطمئنان أن رزقك كلّه محفوظ وموفور، غير معرّض للسرقة أو التنافس أو لأي زعزعة خارجيّة. 

والنقطة المحورية اللي يحملها هذا الإدراك هي أن الوفرة حالة شعورية قبل تكون حالة مادية أي قبل أي مثيرات مادية تستطيع التناغم مع لحن الحياة المتمثل في السعة والعطاء والرحمة، فالوفرة حالة تستشف فيها نفسك أثر النعمة على حياتك، وتطمئن لدرجة أنك احياناً تنسى أن النعمة نعمة بفعل وفرتها الدائمة!

هنالك الكثير ممن يمتلكون وفرة مادية تقول لنفسك ”ما بالهم لا يُسعدون؟“ لكن داخلهم شعور بالشحّ يعزل الشعور التلقائي بالوفرة المصاحب لأي نعمة. وهذا يقودنا للتأكيد والتذكير مجددًا بأن الوفرة حالة شعورية قبل أن تكون حالة مادية! 

وتصدُر الوفرة من قناعة قوية؛ أن الكون ذو موارد ضخمة غير متناهية، وأن الله يعطي بلا حدود للخيرات الموجودة فيه! 

قلت مرة عن الوفرة…

قلت مرة عن الوفرة…

ويتفق جميع حاملي مفهوم الوفرة على أن كل شيء بالحياة هو بالضرورة وفير! حتى لو توقفت مواردنا عند حد معين هذا ماينفي حقيقة وجود الوفرة بكل درجاتها المعقولة وغير المعقولة كما لا ينفي أنها مستعدة بقوة الله الواهب الرازق لغدق حياتنا بمُحرك واحد: هو ذلك القرار الإلهي.

فمبدأ الوفرة، مبدأ مُنسجم مع طهارة القلب اللي تحثنا عليها كل الأخلاقيات الدينية والإجتماعية، فلما تؤمن بالوفرة تسلّم السلطة الوهمية بإدارة حياتك إلى الله ذو السلطة الفعلية، ومالك أي وفرة قد ترجوها. وبمثل هذا الإيمان بهذا المخزون الفيّاض بالخير والنِعم؛ تبطّل تحسد أو تغضب لرزق غيرك ويصبح تسلل المشاعر التنافسيّة-السيئة أقل إيمان يخبرك أنك موفور وأن الغير مهما أمتلك فهو لا يُقصيك أو يُنقصك من شيء! 

فكّر بالوفرة من منظور خلاياك: تصوّر الوفرة في خلايا جسدك، يمتلك الإنسان مليارات ومليارات من الخلايا الخاصّة به، والتي لا يمكن -بطبيعة الحال- أن تتعرض للإنتزاع أو السرقة أو حتى للإستهلاك من البيق-بوس الجسد! 

يمكن مانقدر نوصل كلنا للماديات الملموسة قد مانقدر نعيش داخلياً وفرة الشعور بالغنى, أو وفرة الشعور بالنجاح, أو حتى وفرة الخيالات الجامحة اللي تغير من مزاجنا للأفضل! فالشعور أداة لدى الجميع, والشعور هو شِباك للوفرة! وهنا حقيقة كامنة تدل على أن كلنا قادرين نشعر -رغم مختلف المُثيرات- بتلك المشاعر الجيّاشة نفسها! وهذا يؤكد للمرة الثالثة أن الوفرة بدأت شعوريّة مو بحاجة لأي مادة، فهي مطمحنا من أي سعي مادي لكن لما تظهر في حياتنا، حتى قبل الوصول للمحطة المنتظرة، ألا يثير هذا الدهشة عن الوفرة؟ 

تتجلى روحك المحلّاة بالوفرة على هيئة قلب سليم؛ لا حسد ولا كره لمن هم أفضل منك. تصنع لك إيمان عميق بأن الله سيفاجئك حتى بالأفضل من توقعاتك، فشعور الوفرة يرفع درجة إتصالك مع الخالق ويمتعك بقلب شفاف أكثر؛ راضي ومتسامح مع أي معطيات ومتغيرات! وإن لم تكن هذه جنتك في قلبك فماذا تكون؟

أختم نشرتي بهذه القصيدة التي أُحب: 

‏"وتشاءُ أنت من البشائر قطرةً

‏ويشاءُ ربُك أن يُغيثك بالمطر

وتشاءُ انت من الأماني نجمةً

‏ويشاءُ ربُك أن يُناولك القمر

‏وتشاءُ انت من الحياة غنيمة

‏ويشاءُ ربُك أن يسوق لك الدرر

‏وتظلُ تسعى جاهدا في همة

‏والله يعطي من يشاء إذا شكر"

‏* غازي القصيبي

حتى نشرة أخرى، تذكروا أن تكونوا مُنفتحين على الوفرة، فهي دائماً منفتحة عليكم! 

Jude1 أعجبهم العدد
مشاركة
شؤد •

شؤد •

كبسولات معرفيّة من جُعب الإثراء ومواضيعٌ إبداعيّةٌ شيّقة، تأتيكم بشقّين: هزلٌ وجِد، لتُثبت الرسالة قدرتها على اللمعانِ وراء الوسيلة!

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من شؤد •