الرسالة فوق الطاولة

بواسطة محمد الأحمدي #العدد 6 عرض في المتصفح

90 ملم عرضًا، 55 ملم طولاً، أسود اللون، مصمت الشكل، ظرف عادي للعين العادية، بداخله رسالة ستجعل بقية عمري نعيم أو جحيم.

لا أصدق أني أنا المستيقظ العجل والمدقق في أدق مواعيده (المقاطع لصديق عمري بسبب تفاقمٍ بدأ من تأخره على موعدنا) لي ساعة أجلس على طرف سريري الذي ولمدة عشرة سنوات (منذ قرعي أبواب الرابعة عشرة) لم أتأخر يومًا في ترتيبه، إلا اليوم.

ما زلت أجلس على طرف سريرٍ عانى مصارعة جسدي لخمس ساعات. وظيفتي ستبدأ في نصف ساعة، لكن ما الوظيفة إن كانت حياتي في هذه الورقة المختبئة داخل ظرف جهنم -أو الجنة؟

يتصدى سريري للنافذة وأنام دون أن أسدل الستائر حتى لا تشرق شمس يومٍ جديد وتنساني نائمًا، لدي هذه العادة، أريد أن أكون آخر من ينام وأول من يستيقظ، ليس حبًا في الحياة لكن كرهًا في الموت. أضع منبهًا لم يوقظني يومًا، فقبل السادسة والنصف عيني ترحب بساعات اليوم الجديد.

روتين استيقاظي يقتضي التالي:

خمس دقائق لتوديع عالم الأحلام واستعادة وعيي، دقيقتين لغسل فمي ووجهي، ثم أحمل كتابي وأحضّر قهوتي، أقرأ حتى الثامنة، بعد ذلك، أستحم لربع ساعة، ثم أغيّر ملابسي في ثلاث دقائق، أخفق بعض البيض، بلا ملحٍ أو زيت، أتبله بالجبنة الصفراء المبشورة وأتناوله في السيارة لأصل لعملي قبل التاسعة بدقائق قليلة (زحمة المدن وصلت إلى مراحل سخيفة لا توصف).

أفعل كل هذا بانتظام لثمانية أشهر دون أن أفوت يومًا، حتى تصل رسالة بحجم كف يدي عبر مندوب لا يدري ما يحمل لتعصف بنظامي دون أي اعتبار لشيء.

الساعة الثامنة، وأنا ما زلت أحدّق بالورقة: أقالت نعم أم قالت لا؟

تذكرت شيكسبير وأطلقت نخرة "نكون أو لا نكون، هذا هو السؤال". لماذا جعلت الأمر رومانسيًا؟ لماذا أرسلت لها رسالة بخط اليد وأخبرتها ألا ترد إلا بنفس الطريقة؟! لماذا لم أتصل بها وأخبرها بنيتي وتجاوبني بما في خلدها وننهي الأمر هُنا والسلام؟ لماذا لم أخبرها:

هيه، هل تريدين الزواج؟ فترد: هيه أنت، وأهلك، ألم تعلمك أمك كيف تتحدث؟ نعم أريد الزواج، أهذا سؤال؟

ولكن ما الذكرى التي ستولدها مكالمة كهذه؟ تشجّع يا أحمق، كله ظرف بداخله رسالة صغيرة وأنت متأكد من حبها، تعرف أنها تريدك، وأنك تريدها، وإن كان الحكم في الفترة الأخيرة ضبابيًا نوعًا ما، فرغم أن الخيانة لن تقع إلا أن الحماس فتر، والشعلة ضعفت والكلام قل (ودل!).

لم نتحدث منذ ثلاثة أيام، فقد أخبرتها أني أحتاج لمساحةٍ شخصية، أرجو ألا تظن أن إرسالي لتلك الرسالة كان نتيجة ذعرٍ ومحاولة يائسة لرش الزيت على النار. يا الله، أستظن ذلك؟!

ماذا سأرد إن قالت لي في الرسالة:

أعرف أنك لم تتقدم بطلب الزواج مني إلا بسبب الأشهر الماضية، لا تقلق يا أحمق، أنا لن أتركك بسبب شجارٍ أو إثنين. لا يجب أن تتقدم لخطبتي كل مرة تشعر أن علاقتنا فترت.

كيف سأرد؟! وأين أشيح بوجهي عن هذه الفضيحة!

لن أستفيد من مصارعة عقلي هنا، سأذهب أولًا لغسل وجهي وفمي، فنظافة هذين أهم خصال في الحياة الزوجية التي هي عنوان تلك الرسالة. وقفت وبخطى فتى أراد الذهاب لغرفته بعد صراخ أباه عليه خرجت من غرفتي.

دخلت إلى الحمام، نظرت إلى المرآة قليلًا، أفكّر: هل كنت لأتزوجني؟ ثم جاوبت نفسي بلا حاسمة وسريعة. الحمد لله أني لن أتقدم لنفسي.

فتحت الصنبور، فهبطت الأفكار بدل الماء.

ماذا لو؟ وماذا لو؟ ماذا لو؟ ثم ماذا لو؟

لا أعرف كم قضيت في الحمام، لكن الأفكار غمرتني حتى صرخ بي عقلي فخرجت. هذه المرة تجاهلت الرسالة وكأن نظامي لم يسقط على يدي ثورة ما بداخلها. لبست وبسرعةٍ لم تترك لي أي وقتٍ للتفكير هاجمت الظرف بتكبرٍ وجهلٍ جعلني -للحظةٍ- أعتقد أن سرعة قصدي لها ستحل مشكلة ترددي على فض الظرف وقراءة المظروف. مددت يدي وأردت خطفه.

أمسكت به، وسقط قلبي: كان من الصعب حملهما سويةً في الوقت ذاته.

آخ، كل رسائلها لي كانت تحمل قلوبًا وملصقاتٍ على الرسالة، لماذا هذه الرسالة (التي هي أهم رسالة!) لا يلتصق بها ما يفضح نيتها؟

حسنًا، يجب أن أذهب لعملي، سأعود للرسالة في نهاية اليوم.

                                                                        (2)

وصلت متأخرًا، فساعتي البيولوجية التي لم تخطئ طيلة تلك السنين، سقطت عقاربها لتدمر خلايا عقلي المسؤولة عن إحساسي بالوقت وأنا مستيقظ.

لم يكن هُناك أحدٌ ليحاسبني، لم يحول ذلك بيني وبين توبيخي لنفسي.

جلست في ذلك المكتب المريع بين خمسة عشر موظفًا، غرفةٌ زجاجية تفصلنا عن بقية المبنى، ضيقة الأبعاد، خانقة الإحساس، طويلة لكن عرضها لا يسمح لشخصين أن يمرا بالتحاذي. بها طاولةٌ بنية واحدة كأفعى شيطانية تمتد وتلتف كيفما شاءت لتغطي المكتب كاملًا، وتلك الكراسي السوداء الهزازة، بعضها مهترئ يصدر أصواتًا محفزة للقتل. وذلك الزجاج الملوث بجميع أنواع الملاحظات يحبسنا عن بقية المبنى، يا الله من الطمّاع الأحمق الذي أخترع فكرة المكاتب المشتركة؟!

كم تثقل هذه الساعات الثمانية روحي، وهذا الإحساس المُذِل الذي لا يبدو أن أحدًا يعيشه غيري، على الأقل في السجن الحقيقي لا يعاملك الناس بأنك محظوظٌ لوجودك فيه. لو أن الكتابة تغنيني عن ساعات العذاب هذه. رغم أن مهنتي متعلقة بالكتابة، إلا أن أنواع الكتابة ليست سواء.

كل يومٌ آتِ هُنا لأعمل ساعتين، وأحدّق بالناس يتظاهرون بالعمل أو يقضون وقتهم بأحاديث عابرة في الساعات الست الباقية. في أكثر أيامي حظًا أستطيع إغماض عيني، وأحلق إلى فضاءاتٍ بعيدة أرى فيها خططًا مستقبلية.

بيدي هذه الأيام "هاملت" أقرأ فيه وأقرأ، لكن لو كان شيكسبير بذاته زميلي، ما رحمني ذاك من عذاب جهنم هذا.

ما يرحمني هو حُلمي، وما أنا على وشك أن أفعله، الدار الأدبية التي أطلقتها أخيرًا، الحلم الذي أقترب لدرجة أني أستطيع لمسه، واحتضانه. أقترب الحلم (أقترب حقًا!) وهذا يجعلني ابتسم، وأسهر، وأضحك.

في اللحظة التي أصل فيها شقتي، أنكب على الكتابة، والإدارة، والتخطيط، والتنفيذ وكأن غدًا غير آتٍ، ولكني أفعلها ليأتي غدٌ يجعلني أتوق لفتح عيني، غدٌ يجعل عالم البشر يستحق أن أحيى فيه كما العالم خلف أهدابي.

أما اليوم، فأنا لا أعرف إن كنت أريد الذهاب للمنزل أو أريد أن ينقضي هذا العذاب، فعودتي للمنزل أو "العزبة" كما تطلق عليها أمي (وكم أكره هذا الاسم) يعني أن الرسالة تنتظرني ولا شيء أستطيع فعله غير فتحها، أو الاعتراف بجبني، وأنا لن أفعل ذلك، ليس اليوم.

كم كنت تكره التردد، فالتردد مقبرة الحياة، وكم صرخت على هذا وذاك أن يقدموا، والآن أنظر لنفسك، بكل جبنٍ تتردد، يُذهلني تناقضك.

أنت الكاتب الخطير الذي لا يخشى كتابة أي نصٍ مهما عظمت جرأته، أنت القارئ العاطفي الذي يحب أدب الرسائل، تخشى فتح رسالة بريئة.

عظم التردد من عظم المكانة، فماذا إن قالت لا؟ أنت لا تعرف من أنت بدونها، لم تسمع معها "يا لك من شخصٍ غريب" رغم أن هذه الجملة صارت كصديقٍ عزيز بالنسبة لك، ولكن عدم سماعها له وقعٌ جميل على الأذن. أتفهم ترددك، وأبغضه.

بقيت حتى الـ 5:30 أسمع عقلي يمزقني تمزيقًا، متظاهرًا بأن عملي لم ينتهِ رغم أني لم أقرأ سطرًا واحدًا اليوم، لا من مهامي ولا من شيكسبير.

أفكّر بها وبالظرف، لو كان الجواب نعم، فالحياة رائعة، والعقول مقترنة، والأدب يزدهر، الكاتب يتزوج الناقدة، ربما تصطدم الرؤوس بسبب طبيعة أعمالنا، ولكن مثل هذه الاصطدامات تنتهي بقبلةٍ، وضحكةٍ، وحضن.

ولو كان الجواب لا، فأنا الكاتب المكتئب المنعزل ذا المزاج السيء، أحنق بلا سبب، وأعلق ببذاءة بلا سبب، رغم أن السبب موجود أمام الجميع، لكن لا يراه غيري وغيرها.

سحبت قدمي كشخصٍ قُتِل صديقه في أرض معركةٍ أقسما ألا يغادراها إلا سويةً، وصعدت سيارتي، أفكر بآلاف السيناريوهات الأخرى، وبالظرف الأسود اللعين، وحينها خطرت في بالي فكرة سخيفة ولكنها ممكنة:

لماذا لون الظرف أسود، إن لم يكن لعزائنا؟

                                                                  (3)

الرسالة أمامي، لم أرجُ أن يطول الدوام يومًا قبل اليوم، ماذا لو؟ ماذا لو!

"هُناك العديد من الاحتمالات، كل خطوةٍ نتخذها لأي جهة هي ملايين الخطوات التي لن نخطها في الجهات الأخرى أختر طريقك، ولا تنظر أبدًا للخلف!"

وهُنا والآن أنا لا أريد أن أخطو إلى أي جهة غير جهتك.

لماذا ترفضين؟ رفضك لن يكون منطقيًا إن جاء، وهل يعقل أن ترفضينني برسالة؟ أتهينيني لهذه الدرجة؟ أتجرؤين؟

ثم زفرت، هذا الغرور التي تصفيني به عندما تضيقين بي ذرعًا.

أرسلت لها رسالة فترد علي برسالة، هي ليست مسؤولة عن هذا القدر المفزع من التفكير فيها الذي أعذّب نفسي به، آه.

وقفت بأقدامٍ كأرضٍ زارها زلزال، لا أشعر بركبتي، ولا أشعر بجسدي، حتى عندما أمسكت الورقة لم أشعر بيدي تلامس شيئُا، أخذتها وتفصد العرق من جبهتي ويداي حتى كدت أغرق الظرف الصغير. ألا يوظفون قرّاء محترفين يقرأون عنّا الرسائل التي لا نقوى على قراءتها ثم يخبرونا بسرعةٍ فحواها؟

لو كانت هُنا لأخبرتني بلهجتها الساخرة "توقّف عن التصرف كقطة نبَح أمامها صبي مشاكس". حسنًا، فضّيت الختم عن الظرف، وأخرجت المظروف.

                                                               (4)

على الطاولة جلسا، هذه أول مرة تصطاد عينها عينيه، قبل دقائق تصافحا ثم احتضنا نصف احتضانة، ليس لقل حب ولكن لفرط خجل. تركت جسدها على قميصه الأبيض رائحة مسكٍ فيها من الأناقة ما يُثقلها ومن الخفة ما رفرف له قلبه. أمسكت بيده وقادته إلى الطاولة الشاغرة. لم يستطع أن ينظر في عينيها رغم كم الحب، تلاقت عيناهما مرة، فضحك ولم تضحك. تبسمت فمد يديه فأمسكت بهما. حلت القلوب مكان العيون، وخُلِقت الفراشات في بطنها فدغدغت خاصرتها، فأطلقت ضحكةً خجولة، ثم تنبهت لتعرّق يده.

"يا ساتر، يدك غارقة!"

"أعرف!"

توردت وجنتاه وأراد سحب يده بطلف، لكنها شدت عليها ووضعتها على قلبها وهزّت رأسها رافضةً. أصبحت تنظر له الآن، تصطاد مكان ذهاب عينيه لتنظر إليه ورغم كل محاولات الهرب، أوقعت به مراتً لا تحصى. في كل مرةٍ كان يضحك، ثم يضع يديها على قلبه هو ويضحك مجددًا وجسده بأكمله يكاد يذوب سخونةً.

حدث اللقاء الأول قبل ثمان سنوات، العلاقة اشتد بنائها اليوم، لكن هذا الأساس هو ما قام عليه هذا البناء. ضحكةٌ خجلة، ابتسامة دافئة، فراشاتٌ مشاكسة وأعينٌ مغرمة تتلاحق هُنا وهُناك.   

                                                              (5)

توسط حضنها، كلاهما ملاقٍ للبحر وأجسادهما تذوب في بعضها كلوحةٍ هي ما يتخيلها الناس عندما يوصفُ الحب. أحاطت بجسده كمن يكتنز إكسير الحياة، أو إكسير السعادة. وأمطرته بوابلٍ من القبل كل ما داعب وجناتها نسيمٌ بارد يخفف لهيب الشمس العامودية فوق رأسيهما. توردّت وجنتيها، من الحر، ومن التصاق جسديهما. هو كان خاملًا يغرق في قطن الحب، حتى فكّر بذاك الموضوع الذي أرّقه لشهورٍ الآن. وبينما ابتسم مع كل قبلة قلبه اثقلته الأفكار، هي تعرف الموضوع، فلم يكن هُناك داعٍ لأي مقدمات، وبلا أيها دخل في صلب الموضوع.

"تعتقدين أقدر أكوّن دار نشر؟"

لف رأسه نصف التفافة وصحح ما قال.

"أعرف أني أقدر.. لكن هل سأعيش معتمدًا عليها؟"

أطلقت تنهيدة خفيفة وقبلت جبهته، وكطفلٍ صغير لم يبالِ، فهو كان ينتظر الجواب على أحر من الجمر.

"طبعًا، لربما يكون هذا كلامًا مبتذل بالنسبة لك، لكني أؤمن أن أي شيء تحبه من كل قلبك، وتبذل وقتك لتصبح جيدًا فيه، تستطيع تحقيقه"

لم يرد، أطرق يفكّر، أو يتخيّل نفسه على المنصب أو معدمًا بلا مال، أو الإثنين سويًا فهذه طريقته في التفكير.

"أسمع.."

اكتست نبرتها بالجدية، ووضعت راحتيها على كتفيه، ثم لفته ليقابلها، نظرت في عينيه وأخبرته.

"حتى نصل إلى أي مكان هُناك ملايين الخطوات التي يجب أن نخطوها، بعض الأماكن خطواتها أطول، أصعب، أكثر، ولا تعطينا نفس القيمة المادية، لكن لكل مكانٍ خطواته وقيمه المختلفة. وهُناك العديد من الاحتمالات، كل خطوةٍ نتخذها لأي جهة هي ملايين الخطوات التي لن تُخطى في الجهات الأخرى. أختر طريقك، ولا تنظر للخلف!

                                                              (6)

فضّ الرسالة أخيرًا. تربَّع فوق خزانة الملابس، لم يدرك ذلك ولم يدرك أن رأسه ملتصقٌ بسقف الغرفة فلا مشتت أقوى مما هو على وشك قراءته. كنغمة حميمية مألوفة، دمعت عينيه أول ما سمع كلماتها المكتوبة على الورقة.

"لا أعرف من يستطيع أن يبكيني ويضحكني في الرسالة ذاتها غيرك.

من يقول أشياءً بسخف "أنتِ الرياح وأنا الهشيم فذريني"؟!

لا أعرف معنى هذه الجملة حتى، ولا أعرف كيف تتبعها بـ "لم أشعر بأني مفهومٌ قبلك". سردُك القصصي ركيك جدًا يا أستاذ كاتب، غير مسموحٍ أن توكز قلبي بهذه الطريقة. ممنوع!

فترتنا الأخيرة لم تكن جيدة، وطلبك لأتركك لبعض الوقت أحزن قلبي، لأني أعرف أنك لم ترد مساحةً فقط بل أردت أن نبتعد عن بعضنا قليلًا، وهذا لا بأس به، لكنه محزن قليلًا، وهذا لا بأس به أيضًا، بل هو صحي، وإن كنت سأتحملك لحياةٍ كاملة يجب أن نبني ما بيننا على ما هو صحي. وهذا معناه أني سأشتاق لك أكثر وأكثر، الشوق المؤلم اللذيذ.

أحيانًا أشعر أنك تريدني أن أكون سكون جنونك، وطمأنينة شكوكك وهذا مُتعِب في أحيانٍ كثيرة، ولكن لأجلنا أنا هُنا.

لم أعرف حبًا كهذا قبلك، ولا أعرف إن وجد حبٌ كهذا قبلك، مجرد فكرة أنك هُنا، أني أكتب هذه الرسالة لك. آه، كم أرجو أن تكون هذه المشاعر هي كل شيء، فأنا أحبك، وأنت تحبني...

ولكن المسافة..

ولكن الطموح..

ولكن الأهل..

آالجنون هو الحب؟

إن لم يكن كذلك كيف لي أن أغض الطرف عن كل العواقب التي ذكرت؟

لكنه ليس الجنون فقط، فالحب هو الجنون، والتفهم، والصبر، والتضحية، ومن أجل تلك اللمسة، ومن أجل تلك الضحكة، ولعيني تلك العيون...

حسنًا لم أجاوب سؤالك، سؤالك يقول: هل تتزوجيني على سنة الله ورسوله؟ 

لا، سؤالك لا يقول ذلك فعلًا، إن كنت رجلًا طبيعيًا بعقله لقلت ذلك، ولكن رجلي أنا لا يسأل بهذه الطريقة، بل عنده الطريقة البلهاء التي يتحدث بها. لهذا أسمح لي أن أجاوب على سؤالك بنفس مستوى السخف التي سألتني به:

نعم، أنا أريد أن أصرخ في إذنك وأضع طقم أسنانك بالخطأ ظنًا بأنه طقم أسناني. أحبك."

ابتسم، وشعر بقبضة فرط التفكير تفك تلابيبه وتتوارى خلف جوابها. يعرف أن هذه القبضة المحكمة ستعود قريبًا، فور ما يحدث ما يستجدي وجودها مجددًا. فعقله كقصة، لا يستطيع العيش دون صراع.

مشاركة
- مُحمد ينشر:

- مُحمد ينشر:

نشرة بريدية يشاركك فيها محمد كل يوم إثنين ما كتب بكّل حواسه وجوارحه، وكل بين فتر وفترة ما تعلّم في الكتابة.

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من - مُحمد ينشر: