مذكرة زمردية - العدد #54

صفحة مقتصة من مذكرات مجهولة، وجدت بين بساتين الجوري والياسمين، معتقة ومعبّقة بالورد.

وديعة3>

                                                      عذوبة اللقاء

مذكراتي العزيزة، 

يطري على بالي البدو الذي يسمون بناتهم «قمره» قاصدين ليلة اكتمال البدر وسطوع نوره، فهي قمراء، مُشعة، تسر الناظرين. تأسرني هذه التسمية إذ أجدها رقيقة ومفعمة بصادق المحبة. 

واليوم، ولأول مرة، ألمس القمرة في وضح النهار، متبلورة في جوهرةٍ صغيرة، بــوزن عصفورةٍ تمدّ جناحها لأول مرة، تستعد لرؤية زرقة السماء، بقلبها الصغير ومقامها الكبير، وشجاعتها رغم الرعشة!

«عذبةٌ أنتِ، كالسماء الضحوكِ، كالليلة القمراء، كالورد، كابتسام الوليدِ» -أبو القاسم الشابي

هذه العصفورة المرتعشة، من انسام التكييف متى ما هبّت، ونورِ الغرفةِ لا سطع، ونقصِ الحليب إن غاب.. تسكنُ فور تلك المسحة الحانية، وتدفئ في كنف القلوبِ الخفّاقة. لا تُميّز الوجوه، ولا تحفظ الأسماء؛ إلا انها تحس بألحان القلوب وهي تعزف أنغام المحبة، وتنصت لذات الأصوات التي سمعتها طيلة التسعة أشهر. 

ألتقينا لأول مرة، وتلاقت قبلات الجبين، يا لها من عصفورةٍ وديعة لا أمل تقبيلها! ويا لها من غرابة، أن أحنّ للقائها وأعد الدقائق لرؤيتها، وكأنني.. منذ زمنٍ بعيد انتظرها. يا لهذا القلب الذي يذرف المحبة كالهتان فرحًا بـرضيعةً صغيرة لا تعلم اسم خالتها بعد! 

ما أرقكِ وألطفكِ.. رسمك الإله أجمل رسمةٍ، بدائرية وجهك الجميل، ورمش عينيك الطويل، وأنفك الأحمر الصغير. 

16 سبتمبر 2025 - الثالثة فجرًا حين بزغت شمس لينا. 

كاتبتكم المعهودة التي تشارك مذكراتها بحذر!: عهد🌷

*إذا أعجبتك أعجبتك هذه النشرة أطّلع على أخواتها السابقات(:

مذكرة مجهولة - العدد #42 - نشرة نَجوى عهد | هدهد

حلقة الوعي🌴- العدد #36 - نشرة نَجوى عهد | هدهد