نشرة فسحة صبا الزيود البريدية - العدد #16 |
17 سبتمبر 2025 • بواسطة صبا الزيود • #العدد 16 • عرض في المتصفح |
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم يارفاق لقد تأخرت كثيراً هذهِ المرةاعذروني اكتب والحمدلله كثيراً وكل يوم تقريباً، ولكن عملية النشر تبدو مجهدة أحياناً كثيراً بسبب التعديل والحذف والإضافة والكثير من التنسيق.
|
|
تربية النفس أولاً "النفس كالطفل إن تهمله شب على حب الرضاع، وإن تفطمه ينفطم" ابن القيم |
ما هو أشقى من تربية الأنفس المحيطة بكم، هو تربية أنفسكم، فلا جهاد أفضل وأحسن وأصعب من جهادك لنفسك وتربيتك لها ومحاولاتك الدائمة لأن تسير بها على الطريق المستقيم. |
تربية النفس هي عادة تكتسبها مع خوض الكثير من التجارب في الحياة، وقد لا تكتسبها لا لشيء وإنما فقط لكبر في نفسك أو عقدة طفولية ما زالت تلازمك في عمر الثلاثين. ما نتحدث عنه هنا هو التعلم الدائم والتربية المستمرة لنفسك، فلا بد لكل شخص منا من عيوب ولا بد لكل شخص منا صفات يريد أن يتخلص منها ويجد في نفسه حرجًا منها، لربما سلوكيات أو أفكار لم يستطع التخلص منها لسنوات، يأتي الأطفال إلى الدنيا ليعلمونا معنى التربية لنفس أولاً، ليوقظونا على عيوب وسلوكيات لطالما تجاهلناها بحجة ضعف أنفسنا أو عدم مقدرتنا على التخلص منها، ولكن الأطفال يشعروننا بالخجل من أنفسنا، حتى نجابر أنفسنا على التخلص من ذلك السلوك أو تلك الفكرة التي لازمتنا سنينًا وسنين. |
لا أدعي المثالية هنا، ولكن أعرف حق المعرفة بأن من أصعب مشاق الإنسان في الدنيا هي نفسه، ومواجهة النفس أصعب بكثير من مواجهة مشاكل وسلوكيات أبنائنا، فحتى ولو ذكرتنا عيوبهم بعيوبنا تبقى المواجهة الأصعب هي مواجهة أنفسنا ووضعها في موضع التعديل والتجريب لتعديل فكرة أو سلوك معين. |
فالسلوكيات والأفكار لا تتغير بين ليلة وضحاها، تتغير مع الوقت مع الجهد الحقيقي لتغييرها، وهذا لا يعني أبدًا بأن نصل للكمال في الدنيا فمهما حاولنا لن نصبح كاملين ولن نصبح أفضل أمهات وآباء على وجه الأرض ستبقى هناك عيوب وسلوكيات قد تحتاج لتغيير وتحسين مدى الحياة، فالإنسان كائن خطاء بطبعه. |
ما علينا مواجهته هنا هي أنفسنا وخاصة مع تلك السلوكيات الواضحة للأبناء والتي يتشربونها كلإسفنجة، ومن أجلنا أولاً ثم من أجلهم ليستطيعوا رؤية القدوة الصالحة أمامهم، فالآباء والأمهات هم مرآة الأطفال، ومهما كانت سلوكياتنا سيتشربوها عاجلاً أم آجلاً لذا علينا أن نحاول أن نجعل طريقهم لإصلاح أنفسهم في المستقبل أهون وأسهل، ولنجعل صورتنا أمامهم في تحسن دائم وفي سعيٍ مستمر. |
بعض السلوكيات لدينا أوضح من غيرها، وتؤثر عليهم بشكل مباشر أكثر من غيرها، سأحكي لكم هذه الحكاية التي حصلت لي مع طفل من أطفالي: في فترة ما بعد ولادتي لطفلي الثاني كنت أعاني نفسيًا وجسديًا في تلك الفترة كثيرًا، فقط كانت أمي رحمها الله تدخل المستشفى وتخرج كثيرًا بسبب العديد من الأمراض لديها، لذا كنت أقلق كثيرًا وأجد نفسي في كثير من الأحيان أصرخ على طفلتي الكبيرة بغير إرادة مني على أخطاء تافهة ولا تستحق، حتى أني عندما أدرك فعلي سريعًا ما أندم وأعتذر من طفلتي وأعد نفسي بأني لن أكرر هذا مرةً أخرى، فقط كان سلوكًا نمطيًا مزعجًا وبسبب الكثير من التوتر والضغط، المهم بعد مضي فترة على تلك السلوكيات وقد انتهت والحمد لله عندما عاد وضعي لطبيعته، لاحظت بأن طفلتي بدأت تصرخ صراخًا عاليًا جدًا عندما تريد طلب شيء ما، وعندما لم أكن أستجيب لها تصرخ أكثر، فأدركت حينها أنها نسخت السلوك وبعدها أصبح رد فعلها للرفض، أي صار عادة لديها. |
الحمد لله بعد فترة تجاوزنا الأمر سويًا ما إن عدلته بنفسي، واستطعت شرح مشاعر طفلتي لها وكيفية التعامل معها أصبح أوضح واستطعنا التخلص منه والحمد لله. |
كانت هذه الحكاية تلخص لكم أننا لسنا مثاليين وتحدث منا الكثير من الأخطاء بسبب ضعفنا أو بسبب ظروف تحدث حولنا، وبأن الأطفال يفعلون ما نفعل بدقة عجيبة، لذا قبل أن نكون حذرين معهم باستخدام ألفاظ معينة أو سلوكيات مزعجة، يجب أن نحاول تصحيح أخطائنا ما استطعنا لا أن نبرر لأنفسنا ما يحصل منا بسبب الإرهاق والتعب وغيره، الأخطاء تحدث ولكن التصحيح يجب أن يحدث كذلك. |
ليس علينا أن نكون كثيري القلق من سلوكياتنا السلبية أحيانًا تجاه أطفالنا أو أنفسنا ولكن نحتاج أن نكون واعيين لها، مدركين تأثيرها علينا وعليهم، ومع إرادة قوية والقليل من العمل سيتحسن الوضع حتمًا. |
التعليقات