نشرة فسحة صبا الزيود البريدية - العدد #13 |
7 أغسطس 2025 • بواسطة صبا الزيود • #العدد 13 • عرض في المتصفح |
السلام عليكم يارفاق يصلكم العدد الحادي عشر من نشرة فسحة يوم الخميس الموافق 7 آب من العام 2025
|
|
كيف حالكم يا رفاق؟ بما أن مواعيد النشرات بدأت تتغير، أردتُ أن أقول إني لن أعتذر اليوم عن ذلك، ولكن سأقول إن شاء الله ستستمر النشرة مرة في الأسبوع كما كانت بإذن الله، وإن تغير اليوم الذي تُنشر فيه. |
هذا اليوم بالتحديد الذي ستُنشر فيه هذه الكلمات هو يوم مميز ومهم بالنسبة للأمهات والآباء في الأردن، لأنه اليوم الذي ستصدر فيه نتائج الثانوية العامة "التوجيهي"، ولا بد أن الآباء والأمهات في هذا اليوم يعوِّلون كثيرًا على هذه النتائج بأن يضع أطفالهم الذين أصبحوا بالغين اليوم رجالًا ونساءً في المستقبل على قدر المسؤولية والجهد، ولم يكن هذا الجهد قليلًا ولا بسيطًا، فنحن هنا لا نتحدث عن توفير المعلمين والمعلمات لأبنائهم، بل نتحدث عن تسعة عشر سنة قضاها هذا الطفل في كنف أهلهِ مُلبى جميع احتياجاته، وإن نقصت الكماليات. |
نتحدث هنا عن سهر أيام المرض والعافية، عن الخوف والجهد والسعي الذي سعى هؤلاء الأهالي في سبيل تحقيق معيشة جيدة لأطفالهم، على وجه يرضيهم ويريحهم، لكي يصلوا في النهاية إلى ذلك الطريق المستقيم في تحقيق سبيل جديد وطريق أول في العمل في الميدان، والسعي في الحياة وتبليغ الرسالة التي بلغها آباؤهم من قبلهم. |
من هذا المنطلق أحدثكم اليوم من واقع تجربتي الشخصية، لا مع أطفالي لأنهم ما زالوا صغارًا، ولكن مع نفسي ومع من حولي ممن خاض هذه التجربة، تجربة الثانوية العامة وما بعدها، وكيف تغيرت فيها مسارات حياتنا وكيف اختلفت حياتنا عن توقعاتنا، وكيف علينا أن نجعل من توقعاتنا طبيعية لا خارجة عن المألوف، ولا مبالغة في التفاؤل، ولا مائلة إلى اليأس والقنوط، توقعات بسيطة وليست كثيرة ستجعل من أطفالنا مستقرين نفسيًا وحتى جسديًا، وهذا لا ينطبق على الثانوية العامة فقط، إنما ينطبق كذلك على كل المراحل الدراسية. |
لا ترفع سقف توقعاتك جدًا، ولا تخفضها جدًا، التوسط مطلوب، والتخفف كذلك. لا تجعل أحمالك كثيرة وقلقك عصيبًا بسبب سنة دراسية واحدة، فالطفل هو كائنٌ خلقه الله، وهو أعقد من كل هذه المنظومات التعليمية، وهو خليفة الله في الأرض، فلا تحصره بهذه السنوات التي أجبرتنا منظوماتنا التعليمية على قبولها كمسارٍ للحياة. |
فمسارات الحياة لا تنتهي، وانظر حولك جيدًا للشباب المتخرجين من الثانوية العامة، وللمتخرجين من الجامعات، كيف تغيرت مسارات حياتهم عما درسوه في المدارس والجامعات، فكم نسبة الطلاب الذين يعملون في نفس مسار شهاداتهم الأكاديمية؟ وكم نسبة الطلاب الذين أجبرتهم الحياة على قبول مسار آبائهم لإتمام أعمال العائلة؟ وكم من الطلاب خاضوا مسارات لا علاقة لها بكل هذا، فقط لأن الله أراد وقدر؟ |
الله سبحانه الذي خلقنا ووهبنا الحياة، وهبنا معها هباتٍ كثيرة مختلفة، قد لا تشملها المسارات الأكاديمية، وكتب أرزاقنا بشكلٍ عجيب، إن تفحص الناظر في كل رزقٍ ممن حوله لاكتشف أعجب الأرزاق، فسبحان الرازق المعطي، وسبحان الوهاب. |
أنا اليوم أحاول أن ألفت نظركم لشيء في غاية الأهمية، هو أن السعي والرزق قد يكونان مختلفين، بما قسمه الله وكتبه علينا قبل أن نولد، فلا تأخذكم أنفسكم حسرات على ضياع سنة دراسية أو غيرها، فليست هذه النهاية وقد لا تكون هي البداية كذلك، وهنا أنا لا أبرر الكسل والتقاعس عن عدم تحصيل العلامات الجيدة في المدارس والجامعات، ولكن كلٌّ يسعى على قدر استطاعته، وعلى قدر هباته، وما أراد الله له أن يكون. |
فتبصّروا بأبنائكم جيدًا، وحاولوا أن تكتشفوا مبكرًا ما المسار الأمثل لهم، وما الذي سيكون أصلح لهم ولحياتهم ولدينهم ولأمتهم بعدها. |
فالمسار الأكاديمي خيار، والمهني خيار، والزواج وبناء الأسرة بعدهما أو حتى في أثنائهما خيار، وكلٌّ ميسَّرٌ لما خُلق له. |
فاللهم بارك لنا في أبنائنا، واجعلهم هداةً مهتدين، لا ضالين ولا مضلين. |
![]() |
التعليقات