لنصعد السلم المتحرك ! - العدد #9

بواسطة ريم المسعري #العدد 9 عرض في المتصفح


في واحد من إنتاجات السينما الغربية، والذي كان يحكي قصة ممثلة مشهورة لمسلسل تلفزيوني يومي تذاع حلقاته منذ أكثر من عشرين عامًا،

مصوّرا شخصيتها المثالية والقريبة من القلب.. ونجاحها اللامتناهي، والتي أسرت قلوب مشاهديها على الإطلاق، خاصّة.. ربّات البيوت.. ولم لا تكون كذلك..؟ وكل شيء في حياتها يدعوها للسعادة والابتهاج،

فهي ناجحة، محبوبة، ثرية، وذات أثرٍ فعّال على المجتمع، لكن الحقيقة كانت بخلاف ذلك تماما..

فهي لم تكن بذات السعادة التي ظنّ الجميع أن حياتها تتمحور حولها، فهي على الرغم من كلّ شيء تملكه، ومن كل النجاحات التي حققتها، وكل الأشياء التي تمنتها وحدثت لها كانت بائسة، يائسة، و تشعر بالوحدة القاتلة في كل لحظات حياتها؛ بسبب عملها في وسط فني ملئ بالدسائس والحقد و الكراهية، والمنافسات غير الشريفة،

الأمر الذي جعلها تعتاد الذهاب إلى مقرّ التصوير يوميًا وسط حالةٍ من الخوف والقلق والعصبية..وينتهي بها الأمر وهي تصرخ في وجوه الآخرين بانفعال مفاجئ، وتنتابها حالات البكاء.. ولا تستطيع أن تثق بمن حولها..

وفي أحد المرات، وبعد فراغها من تصوير أحد المشاهد ذهبت لصديقتها الوحيدة تشكو إليها حالها المرير وتواصل بكائها بلا انقطاع..في حين ظلّت صديقتها منصتة بهدوء، وحينما انتهت طلبت منها بابتسام أن ترافقها:" هيّا .. لنذهب من جديد إلى السلّم المتحرك !".

كانت الصديقة المخلصة تأخذها إلى مجمع تجاري وتركبان معاً السلّم المتحرك، وكل واحدة منهن تركب في الاتجاه المعاكس للآخر..ثم بعدة فترة تصرخ صديقتها في دهشة محاولة لفت الانتباه إليها -وكأنها لا تعرفها- :" يا إلهي إنها أنتِ!! الممثلة المشهورة!"

فتتوالى إندهاشات وصرخات النساء في كل اتجاه ويندفعن نحوها لأخذ صورة تذكارية أو توقيع وهن يمطرونها بوابلٍ من كلمات الإعجاب والإطراء ..وهنا ينتهي دور الصديقة بعد أن أدّت دورها العلاجي الهام لصديقتها الحزينة

فتبتعد عن الزحام، وهي تلمحها قد تبدل حالها، وزالت آثار الكآبة والتعاسة من وجهها و توردت وجنتيها بمشاعر الحب الصادق المحيط بها.

وهكذا.. بعد ساعاتٍ تقضيها الممثلة بين محبيها، تعود إلى بيتها وقد استعادت رغبتها في الحياة والتفوق والتألق.

وفي غمرة انشغالنا بالحياة، وضجيج المسؤوليات حولنا و الآثار السلبية التي تتركها الحياة علينا بين حين وآخر..ألسنا جميعا في حاجة لصعود السلم الكهربائي؟

فنحن لا نشعر بالسعادة في وسط من يكرهوننا ويضمرون الحقد لنا.. فلا أمان نرجوه منهم ولا فرح نستشعره بقربهم وإحساس الثقة في أنفسنا يتضاءل بوجودهم ، والأمر تماما بالنقيض إذا ماكنا في وسط من يحبوننا ويسعدون لرؤيتنا ويدعمون نجاحاتنا،

فنحن أناسٌ مختلفين ..ننتشي فرحاً بهم ونتفاءل بقربنا منهم.. ونسعى دوماً لنكون محط آمالهم، بل إننا نسعى لبذل جهدٍ أكبر من أجل أن نلامس توقعاتهم فينا، ولنحتفل وإياهم بفرحة نجاحاتنا، التي لم تكن لتكون لولا فضل الله، ثم دعمهم، ووجودهم بالقرب منا..

هل تشعر بالوحدة واليأس وفقدان الثقة بنفسك ومن حولك ؟

اصعد السلّم الكهربائي المتحرَك! واذهب لمن يحبونك حبًا غير مشروطا، ويعتزون بك و لا يحملون لك مشاعر العداء والكراهية. واحتمِي بهم – بعد الله – من شرور الأنفس و الإحساس المؤلم بتفاهتك وعدم جدواك في الحياة.

- حبيت أشاركم هذه المقالة القريبة لقلبي، كتبتها ونُشرِت في مجلة حياة عدد ١١٨ /يناير ٢٠١٠م 

نشرة ميرةJanetرغد4 أعجبهم العدد
مشاركة
بريد ريم

بريد ريم

أكتب عن البراند الشخصي، الجرافيك ديزاين، و بعض التساؤلات عن حياة المبدعين

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من بريد ريم