حذار حذار من الإحسان الضار Toxic Charity

تحياتي

من المفاهيم المهمة التي تغيب عن بال العاملين في المجال التطوعي والانساني تحوّل الإحسان إلى إحسان ضار بمن يتلقاه وهو مفهوم مترجم من المصطلح (Toxic Charity) كما طرحه روبرت لبتون (Robert Lupton) في كتابه Toxic Charity، الأثر السلبي للعطاء المستمر من جانبٍ واحدٍ، الذي يمكن أن يؤدِّي إلى اعتماد المتلقين على المساعدة بدلاً من تمكينهم، بما يجعلهم يعتقدون أنّها حق لهم ويغضبون بعد ذلك إذا لم تمنح لهم.

يمر مفهوم الإحسان الضار وفق المراحل التالي:

التقدير (Appreciation): يشعر المتلقي بالامتنان عند تلقي المساعدة لأول مرة، إذ يكون العطاء في هذه المرحلة مفيداً، ويُنظر إليه بإيجابية، كما أنّه يحل مشكلة فعلاً للمتلقي، فهو بحاجة حقاً إلى المساعدة.

الترقب (Anticipation): مع تكرار العطاء، يبدأ المتلقي في الترقّب، إذ يصبح متشوقاً لاستمرار الدعم، ويقضي وقته مترقّباً متى ستكون المرة التالية، وتكون هذه المرحلة حماسية له.

التوقع (Expectation): بعد فترة من تكرار الدعم وتحوله لأمر متكرر، يتحول الترقب إلى افتراض الحصول على المساعدة دائماً، ويبدأ المتلقي بالتخطيط بناءً على هذا الافتراض، إذ يبدأ بتخطيط حياته أو مشترياته بناء على توقُّع الحصول على المساعدة.

الاستحقاق (Entitlement): مع مرور الوقت، وتكرار المساعدة بشكل دوري وربّما روتيني، يشعر المتلقي بأن الدعم المستمر حق مكتسب، ويتحول من مصطلح دعم أو إحسان إلى حقٍّ مكتسب كراتب أو تعويض أو معونة دورية، ويبدأ المتلقي بالإيمان بأنّه يستحق هذا العون دون أن يبذل مجهوداً إضافياً للحصول عليه، ويغضب إذا ما حصل أي تأخير عليه.

الاعتماد (Dependency): في المرحلة الأخيرة، يصبح المتلقي معتمداً بشكلٍ كليٍّ على هذه المساعدة، مما يفقده القدرة أو الرغبة في التصرف بشكلٍ مستقلٍّ أو حتَّى العمل أو تحسين وضعه بجهوده الشخصية، وبذلك لا يمكن إيقاف المساعدة مستقبلاً حتى لو تغيرت الظروف التي دعت لها لأنها لن تقود بالأشخاص إلى العمل وإنما للبحث عن مساعدةٍ جديدةٍ.

دورة حياة الاحسان الضار

ينتقد لبتون هذا النهج الخيري، مشيراً إلى أنه يعزز دورة الاعتماد على المساعدات ويبني أشخاصاً تفترض استحقاقها لذلك، كما يقوِّض قدرة الأفراد على الاعتماد على أنفسهم.

يجب أن يركِّز الإحسان الحقيقي على التمكين (Empowerment) أو الدعم في مرحلة أولى أو ثانية لا أكثر، وليس الدعم الدوري الذي يعلِّم الناس على الركون. في الواقع، يجب أن يُدعَم التمكين ليُشجع الأفراد على تطوير المهارات والموارد التي تمكِّنهم من تحقيق الاكتفاء الذاتي على المدى الطويل، بدلاً من ترسيخ نظام يعتمد على المساعدات الدائمة دون أي استراتيجية للتنمية والكلام للكاتب.