شتّان بين "حصل ذلك بسبب" و"حصل ذلك على الرغم من ذلك"

بواسطة د. فادي عمروش #العدد 56 عرض في المتصفح
حين تُخبر شخصًا بضرورة القيام بأمر ما بطريقةٍ صحيحةٍ، قد يُخبرك بأنه ينجح رغم إتباعه طريقة خاطئة

تحياتي

من الفيديوهات الرائعة التي استمتعت بها، فيديو مميز قدَّمه الدكتور وائل أمين حول وهم الناجحين، إذ تناول ببراعةٍ مغالطة شهيرة تركز على السببية بطريقةٍ خاطئةٍ، فقد فرَّق بين "حصل ذلك بسبب" و"حصل ذلك على الرغم من ذلك"، موضحًا الخلط بينهما نتيجة تحيُّز النتيجة، إذ يركِّز الناس على النتائج ويعتقدون -خطأً- أنها السبب.

تحيُّز النتيجة ("Outcome Bias") هو الميل لتقييم جودة القرار بناءً على نتيجته بدلاً من الظروف المحيطة به وقت اتِّخاذه. بمعنى آخر، إذا أدى القرار إلى نتيجةٍ جيدةٍ، يميل الناس إلى أن يعتبروه قرارًا جيدًا، حتَّى لو كان مبنيًا على تفكيرٍ غير سليم. والعكس صحيح؛ إذا كانت النتيجة سيئة، فإن القرار غالبًا ما يُعدُّ قرارًا سيئًا، بغض النظر عن الاعتبارات المنطقية والمعلومات المتوفرة وقت اتِّخاذه.

من الناحية السلوكية، يشير تحيُّز النتيجة إلى تحدٍّ كبيرٍ في عملية صنع القرار، إذ يُقلَّل من شأن العمليات السليمة عند تقييم الأفعال بناءً على نتائجها فقط.  يمكن أن يؤدِّي هذا التحيز إلى تقديرٍ غير دقيق للمخاطر ويعوق التعلم من التجارب لأن الأفراد قد يكرِّرون الأخطاء بسبب نجاحات عرضية، أو قد يتجنَّبون أساليب قرارات جيدة لأنَّها قادت مرَّة إلى نتائج سيئةٍ بسبب ظروف خارجية.

على سبيل المثال، حين تُخبر شخصًا بضرورة القيام بأمر ما بطريقةٍ صحيحةٍ، قد يُخبرك بأنه ينجح مع أنّه يتَّبع طريقةً خاطئةً، ويُفسِّر ذلك بأنه نجح نتيجة أسلوبه بسبب ذلك، في حين أن الواقع يكون أنه نجح على الرغم من أسلوبه الخاطئ، وليس بسببه.

إنّه خلط بين نجح بسبب سلوك خاطئ وبين نجح على الرغم من قيامه من سلوك خاطئ.

يشير الدكتور وائل في هذا السياق لكتاب رائع شهير اسمه "ما أوصلك هنا لن يوصلك هناك" (What Got You Here Won't Get You There)، والعنوان الفرعي للكتاب "لماذا لا يحقق الناجحون المزيد من النجاح" لمارشال جولد سميث (Marshall Goldsmith)، الذي يُعدُّ المفكر القيادي الأول في العالم ودرَّب رؤساء دول. في هذا الكتاب، يتحدَّث جولد سميث عن اعتقاد الناجحين بأن كل ما يقومون به صحيح، ويُركِّز على استراتيجيته في تغيير القادة الناجحين بمعرفة المشكلات الموجودة لديهم ثمَّ تدريبهم على تغييرها.

غلاف الكتاب

غلاف الكتاب

يُشير الكتاب إلى أن الناجحين غالبًا ما يجدون صعوبةً في الاستماع إلى الآخرين بسبب تركيزهم على إضافة قيمتهم الخاصة. يمكن أن يمنعهم هذا السلوك من تعلم أشياء جديدة قد تكون مفيدة لتقدُّمهم، كما يحذِّر جولد سميث من أن الناجحين غالبًا ما يكون لديهم ميل لإعطاء آرائهم وتوجيهاتهم حتَّى عندما لا يُطلب منهم ذلك.

يعطي مثالاً على كيفية أن هذا السلوك يمكن أن يقلِّل من استقلالية وثقة الآخرين. أخيراً يناقش كيف أنَّ الأشخاص الناجحين قد يصبحون مقاومين للتغيير لأنَّهم يشعرون بالراحة في الطرائق التي أدَّت بهم إلى النجاح. في الواقع، يمكن أن تمنعهم هذه المقاومة من التكيُّف مع التغيُّرات الجديدة التي تتطلَّب أساليب وأفكارًا مختلفة.

دمتم غير متحيّزين

فادي

Muthanna AL-HumadilujainAsma5 أعجبهم العدد
مشاركة
نشرة خارج الصندوق البريدية

نشرة خارج الصندوق البريدية

نشرة دورية تصدر كلّ يوم سبت، يصدرها د. فادي عمروش تتضمن فكرة خارج الصندوق مع اغناءها بالروابط وما بين الكلمات، لتقول وجدتّها

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من نشرة خارج الصندوق البريدية