نشرة نـجد البريدية - العدد #10 |
4 مايو 2025 • بواسطة نـجد • #العدد 10 • عرض في المتصفح |
من دفتر جلسات عقلي
|
|
![]() |
في هذا العدد من "دفتر جلسات عقلي" لا تقرؤون نصًا عاديًا، بل تحضرون جلسة مغلقة بين الإنسان ونفسه، جلسة لا تُعقد في قاعات المحاكم بل في زوايا القلب، حيث لا جمهور ولا وكلاء، فقط ضمير يطرح الأسئلة، وذاكرة تقاطع حديثك متى شاءت. |
أحيانًا، لا نكون بحاجة لصديقٍ ولا لمرآة، فقط نحتاجُ إلى محاكمةٍ داخلية، فكلُّ إنسانٍ يخوض جلسةً سريةً مع نفسه، محكمةٌ بلا جمهور، ولا محامٍ حقيقي، بلا مذكرات جواب واعتراض، فقط عقلٌ مزدحمٌ بالأدلة، وقلبٌ يقف على منصة الشهادة، في هذه الجلسة، لا نحمل أوراقًا، بل نحمل قلوبنا. في تلك اللحظة تأخذنا الذاكرة إلى كل لحظة ظننا فيها أننا قد نكون أقوى مما نحن عليه الآن، نجلس فيها مع انفسنا، نستنطق صمتنا ونستمع لكلّ الأصوات بداخلنا التي تجاهلناها طويلًا، في هذه الجلسة لم أحمل أوراقًا، بل حملت قلبي وهذا ما دار بيني وبين ذاتي: |
هذا الأسبوع وجدتني أجلس أمام نفسي، لا كضحية، ولا كجلاد... |
بل كامرأة تبحث عن معنى في فوضى الشعور، فأنا في مثل هذه اللحظات أكون القاضية، والمدعية، والمتهمة، ومحامي الدفاع، بل الحُكم نفسه: |
نجد القاضية: |
نظرتُ إليّ كما لو أني غريبة. ما الذي أفعله بكل هذا الحنين؟ أين أضع الخيبات التي لم أملك شجاعة مواجهتها؟ في صمت القاعة، أي عدلٍ هذا حين تكون الخصم والحَكم؟ هل وجدتِ جوابًا لما تسألين عنه؟ حين تجرّين نفسكِ إلى المقصلة ثم تطلبين الرحمة؟… أيّ عدالة تُنصف روحًا خذلت نفسها؟ |
نجد المدعية: |
أنا صوت الواقع الذي لا يُجامل. رفعتُ دعوى على نفسي وبالأخص قلبي: لماذا استسلمتَ سريعًا؟ لماذا خضتَ معارك لا تخصك؟ كل تلك التنازلات، وكلّ الصمت من سمح به؟ |
نجد المتهمة: |
أقف هناك، يداي خلف ظهري، وقلبي في الواجهة لم أُنكر ضعفي، لكنّي أخفيتُه جيدًا. ارتكبتُ جريمة التأجيل، أرجأتُ قراراتٍ مصيرية كي لا أُجرح، فانتهى بي الأمر مجروحة على كل حال. |
نجد محامية الدفاع: |
تقدّمتُ أنا، الجزء الرقيق مني دفاعًا عن بقايا الأمل قلتُ دفعًا: حتى الذين يبدون أقوياء يخافون من محاولة واحدة أخيرة." وربما كان التغاضي والرحيل طريقةَ نجاتي الوحيدة في لحظةٍ ما. |
الذاكرة: |
جاءت كعادتها... لا تُستدعى بل تحضُر حين تشاء، قالت: "أتذكّرين؟ كنتِ تُحبين ببساطة، كنتِ تضحكين دون حذر، وتؤمنين أن الجميع أنقياء مثلك" ثم صمتت كأنها تركتني أمام مرآة مكسورة، أرى فيها نسختي القديمة. |
الحكم: |
صدر الحكم: لا براءة كاملة ولا إدانة مطلقة، فلا إدانة لحنينٍ كان رفيقك، ولا تبرئة لمن خدعك، الحكم واضح: فالقلوب تُعذر حين تحاول، وتُحاسب حين تُفرّط. |
وحتى نلتقي في الجلسة القادمة، تذكّروا: لا أحد يحاكمكم بصدق كما تفعلون بأنفسكم، ولا تُغلقوا دفاتركم بعد، فما زال فيها متّسع للصفح، وللبدايات. |
📬لكلّ من قرأ هذه النشرة: هل سبقت أن خضت/ـتِ جلسة مرافعة مع نفسك؟ |
![]() |
التعليقات