نشرة نـجد البريدية - العدد #1 |
20 فبراير 2025 • بواسطة نـجد • #العدد 1 • عرض في المتصفح |
مساء خميسي سعيد
حكايات عشوائية… ولكن ليست بلا معنى! |
|
![]() |
قد تتساءلون: كيف تكون الحكايات عشوائية، ومع ذلك، ليست بلا معنى؟ لكن أليس كل ما يمر بنا في الحياة جزءًا من نص طويل لم يُكتب بعد؟ أحيانًا، تكمن الحكاية في جدال عابر، وأحيانًا في وردة لم تُشترَ، وفي كثير من الأحيان في تلك اللحظات التي كنا نظنها بلا قيمة، فإذا بها تحمل رسالة خفية نكتشفها متأخرين. |
في ذلك العصر الرمادي من يوم إثنين عادي، لم يكن في ذهني شيء سوى وردة بيضاء، بسيطة كفكرة لم تُثقلها الاحتمالات بعد. |
دخلت محل الزهور بنية واضحة، بيضاء تمامًا كزنبقتي الرقيقة التي جئت لأشتريها. لكن، وكما هي العادة مع الحياة، لم يكن للبساطة أن تمر بسلام. |
حين سألت عن السعر، جاء الرقم مرتفعًا بما يكفي ليجعلني أتوقف. التفتُّ إلى البائع، ورحت أتحقق من الوردة بين يديّ، ثم قلت: هذه زنبقة أليس كذلك؟ فلماذا تحاول أن تمررها على أنها كازابلانكا؟ |
هنا بدأ المشهد يأخذ منعطفًا آخر. |
بنبرة من اعتاد الجدال، قال البائع بثقة: بل هي كازابلانكا الفرق واضح! |
لكنني لم أكن ممن يمكن أن تمر عليهم هذه المغالطات مرور الكرام. نظرت إليه، ثم إلى الوردة مجددًا وكأنني أحاول إقناعها بأن تكشف عن حقيقتها، وقلت: لا، هذه زنبقة. الكازابلانكا أكبر، عطِرة، وبتلاتها منسابة أكثر هذه ليست كذلك. |
وهكذا، وجدتُ نفسي فجأة في قلب محاضرة غير مخطط لها عن تصنيف الأزهار، حيث يحاول كل طرف إثبات أن بصره، أو ربما بصيرته، أدق من الآخر. المشكلة الحقيقية لم تكن الوردة، بل الفكرة: كيف يمكن لليقين أن يكون موضع مساومة؟ وكيف يصبح ما هو واضح، موضع شك، فقط لأن أحدهم قرر ذلك؟ |
وهنا، اسمحوا لي أن أطرح سؤالًا جانبيًا – ولكن جوهريًا في نفس اللحظة: ما الفرق بين الزنبق والكازابلاكا؟ |
هل تعلم/ين، عزيزتي القارئة، عزيزي القارئ، أن الفرق بين زهرة الزنبق والكازابلانكا يشبه تمامًا الفرق بين الكزبرة والبقدونس؟ كلاهما أخضر، كلاهما يبدو متشابهًا لمن لم يتفكر جيدًا، لكن الفرق واضح تمامًا لمن يملك عينًا خبيرة لا تُخدع بسهولة. |
ظل الجدال قائمًا وكلانا لم يكن على استعداد للتنازل. لحظة بعد أخرى لم يعد الأمر مجرد مسألة سعر، بل مسألة مبدأ: هل يمكن أن أدفع ثمن كازابلانكا وأنا على يقين أنني أمام زنبقة متخفية؟ |
وفي لحظة من تلك اللحظات التي ندرك فيها أن التمسك بالموقف أهم من أي شيء آخر، وضعت الوردة جانبًا رفعت رأسي عاليًا، ثم خرجت دون أن ألتفت… تاركةً وردتي العزيزة هناك كأنها لم تكن، في مشهد يليق بانسحاب استراتيجي من معركة غير متكافئة. |
هل خسرت الوردة؟ ربما، لكنني ربحت شيئًا آخر قناعة راسخة بأنني لن أخدع في أسعار الزهور بسهولة. وربما، فقط ربما، تركت البائع يفكر مرتين قبل أن يسعّر زهوره في المستقبل. |
في الحياة، ليست كل المعارك تُخاض من أجل النتيجة، أحيانًا نخوضها فقط لنثبت لأنفسنا أننا كنا على حق، وأن لا أحدًا يستطيع أن يغير قناعتنا بسهولة. |
![]() هذه هي الوردة التي تسببت في جدال لم يكن متوقعًا، وقد كان على مرأى ومسمع الجميع. رغم كل ذلك لا يسعني إلا أن أُثني على جمالها الذي جعل الجدال يستحق كل لحظة. ومع ذلك، قررت في النهاية تركها كما هي....... |
كانت هذه البداية، وأعدكم أن القادم قد يحمل جدالًا جديدًا أو ربما وردة أخرى لم أشترها. |
موعدنا مساء الخميس القادم |
حتى ذلك الحين، أطيب التحايا |
![]() |
التعليقات