نشرة مُلهِم البريدية - العدد #17 - لقاء مع خبير

بواسطة نشرة مُلهِم #العدد 17 عرض في المتصفح


لقاء مع خبير

تعريف بالخبير:

أ.د. فيصل بن سعيد بن عبدالله بالعمش

أستاذ (بروفيسور) في الفقه المقارن بقسم الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة الملك عبدالعزيز

له عدد من البحوث والرسائل العلمية المنشورة.

أسئلة اللقاء وأجوبة الخبير:

1- كيف يكون حقل البحث العلمي مسارا من مسارات التحصيل لطالب العلم؟

البحث العلمي مهم جدًا لطالب العلم اليوم لأن كثيرًا من القضايا المعاصرة في العلوم الشرعية التي يحتاج الناس الإجابة عنها والحكم الشرعي فيها، الوصول لهذا الحكم يحتاج لمهارات البحث العلمي، فطالب العلم إذا افتقد هذه المهارات سيتوقف عند ما حفظه من كتب السلف وما فيها من مسائل لكن بلا شك سيكون بعيدًا عن قضايا المجتمع المعاصرة وستكون فائدته للناس من حوله محدودة، بل حتى كثير من مسائل العبادات التي يكثر السؤال عنها وبعض القضايا التي تمر على الناس يحتاج فيها طالب العلم لملكة البحث للوصول إلى المعلومات، مثل فتاوى العلماء في هذه المسائل، وكذلك بعض الأحاديث النبوية التي تمر عليه يحتاج إلى ملكة البحث للوصول للحكم على هذا الحديث، هل هذا حديث صحيح أو ضعيف أو غير ذلك، فبلا شك فقدان هذه الملكة البحثية سيجعل التحصيل العلمي قاصرا عند هذا الطالب.

2- هل ترى دكتورنا أن البحوث العلمية ساهمت في نشر العلم وبثه للناس (عامتهم وخاصتهم)؟

نعم كثير من الأبحاث المعاصرة انتشرت كثيرًا بين عامة الناس وقرءوها واطلعوا على ما فيها وعرفوا الأحكام الشرعية المرتبطة بها فنفعت كثيرًا من عامة الناس وخاصتهم، كذلك طلبة العلم قرَّبت لهم هذه الأحكام والمسائل، بل اليوم المجامع الفقهية قبل أن تنظر في أي قضية تستكتب بعض المتخصصين ليكتبوا لها أبحاثًا علمية رصينة متخصصة في القضية التي ستناقشها ثم يطلع عليها أعضاء المجمع وبناءً عليها يبنون الحكم الذي يخرج به المجمع.

فلا شك عندي في هذا، لكن ليست كل الأبحاث حققت هذا الإسهام، فكثير من الأبحاث العلمية هي حبيسة أرفف المكتبات لم يستفد منها أحد، كالأبحاث المتخصصة جدًا التي لا يستفيد منها عامة الناس، بل ولا حتى الخاصة، وهذا بسبب التوسع الكبير جدًا في منح درجات الماجستير والدكتوراه وكثرة الأبحاث، وإلا فالأصل بلا شك أن البحوث العلمية أسهمت مساهمة كبيرة في بث العلم.

3- ما أهم المهارات التي ينبغي للباحث اكتسابها؛ حتى يكون لأبحاثه أثر وفائدة؟

المهارات البحثية كثيرة جدًا، لكل لعلي أركز على أهم 3 مهارات:

الأولى: معرفة المصادر: فطالب علم أو باحث ليس لديه إلمام واسع بمصادر هذا العلم لن يستطيع أن يكتب بحثاً جيداً، والمصادر في العلوم الشرعية بحر لا ساحل له، مصادر كثيرة جداً، ما بين كتب السلف وأبحاث المعاصرين، وفي كل مصدر ما لا يوجد في غيره، فلا يغني كتاب عن كتاب مثلاً ما يقولون، فطالب العلم لابد أن يكون لديه اطلاع واسع على هذه المصادر وكيفية الوصول إليها، ويعرف التعامل معها، ويعرف في الجملة اهتمامات كل مصدر من المصادر ومنهجه ليتمكن من كتابة بحث علمي نافع ومفيد.

المهارة الثانية: مهارة التعامل مع البرامج التقنية في العلوم الشرعية: فهذه البرامج تعين الباحث فهي توفر له وقتاً كبيراً جداً في الوصول للمعلومة، في الفقه مثلاً التعامل مع جامع الفقه الإسلامي للوصول للمعلومات الفقهية، في الحديث التعامل مع جامع خادم الحرمين لخدمة السنة النبوية للوصول للأحاديث والحكم عليها في وقت وجيز، فبلا شك هذه البرامج ستعين الباحث إعانة كبيرة، وتوفر عليها أوقاتاً كثيرة.

المهارة الثالثة : مهارة النقد: فلا يسمى الباحث باحثاً دون أن يملك المهارة النقدية، لأنه سيصاب في مقتل في أبحاثه، وسيقع في كثير من المزالق في أبحاثه، فلابد أن يمتلك الباحث مهارة النقد بدرجة عالية جداً، يعرف كيف يمحّص كل معلومة تمر عليه، لا يقبل كل معلومة كمسلّمة، فكل معلومة يقرؤها أو يسمعها لابد أن تدقق وتمحص ويتأكد من صحتها، فيرجع ويراجع، وهذا سيجعله يتوثق من كل ما ينقله ويكتبه، أما بدون هذه الملكة فسيقع في كثير من الإشكالات، سيقدم معلومات مغلوطة، سيسلّم لبعض الباحثين من قبله بمعلومات قد لا تكن بنيت على أساس جيد، بل حتى بعض السلف ذكروا بعض القضايا لا تسلّم لهم، فالباحث الذي يسلّم دائما لكل ما ينقله في الغالب ستجد نتائجه ليست بالنتائج السليمة.

ربما تكون هذه أبرز ثلاث مهارات والمهارات كثيرة جدًا.

4- الشكوى عامة في كون الأبحاث الأكاديمية -في غالبها- حبيسة المكتبات، وحِلْس الرفوف، فما أسباب ذلك؟ وكيف يمكن أن يكون لها أثر بين الناس؟

كما ذكرت السبب في ذلك هو الهدف، أصبح الهدف من البحث العلمي هو مجرد البحث وليس الخروج ببحث نافع للناس، سواء العامة او الخاصة، وسبب وجود هذا الهدف هو موضوع الشهادات اليوم الماجستير والدكتوراة والترقيات العلمية للأساتذة في الجامعات ونحو ذلك، فهم ملزمون بالبحث فلم يبدأ واحدهم البحث لأنه يريد أن يبحث في موضوع يحصل به على شهادة ماجستير أو شهادة الدكتوراه أو يترقى به في الجامعة، فأي موضوع يوصله لهذا الغرض سيبحث فيه، لذلك كثير من هذه الموضوعات موضوعات ميتة، موضوعات مقتولة بحثاً، موضوعات لا تفيد عامة الناس وربما حتى الخاصة، موضوعات دقيقة جداً لا يلتفت اليها أحد، لكنها مجرد بحث يحصل به على مقصودة، فهذا السبب الذي جعل الرفوف مليئة بالأبحاث التي لا ينظر إليها الناس.

لكن البحث الجيد والنافع سيخرج وسيجد طريقه إلى الناس، وهي نسبة ليست بالكبيرة، في ظني لن تتجاوز 5% من الأبحاث التي تكتب هي الأبحاث التي تخرج للناس ويستفيد منها العامة أو على الأقل الخاصة، وأما الباقي فيحصل به المقصود من نيل للدرجة أو الترقية أو نحو ذلك وانتهى أمره عند هذا الحد.

ريمنشرة مُلهِم البريديةمحمد أحمد4 أعجبهم العدد
مشاركة
نشرة مُلهِم البريدية

نشرة مُلهِم البريدية

هي نشرات بريدية ترسل أسبوعيًا على مشتركيها ومحتوى هذه النشرة تعظيم أثر طلاب العلم، يشارك في كتابة محتواها كُتّاب مميزون، مهتمون بمجالات تعظيم أثر طلاب العلم.

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من نشرة مُلهِم البريدية