نشرة مُلهِم البريدية - العدد #33 - إحياء الينابيع

14 يوليو 2025 بواسطة نشرة مُلهِم #العدد 33 عرض في المتصفح

إحياء الينابيع

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين

وبعد

إنّ من القضايا الجوهرية التي تشغلُ فئةً من طلّاب العلم، قضية التجديد، والسؤالات المتعلّقة بمجالات التأثير والبحث عن مواضع الإضافات العلمية المُمكنة والمُثمرة، وحماسٌ واندفاع نحو الإتيان بما لم يأتِ به الأولون.

وتنقسِم فئةٌ منهم إلى قسمٍ اّتبع الوهم المُعطّل للكثير من الطاقات الكامنة والمثبط للكثير من العزائم الراشدة، وهمٌ مجازه: أنّ العلم قد وصل منتهاه، وعباقرة المسلمين وأعلامهم قد وصلوا بالعلم مالم ولن يصله من بعدهم، فأين لنا بالتجديد المفيد.

ولا خلاف في أنّ خِيرةَ العُقول وجهابذة العلم، قد سطّروا وتبحّروا وأنتجوا ما لا يُمكن لمعاصرٍ إنتاجه بذات الغزارة العلمية، إلا إنّ من سبقنا في مختلف العصور والأحوال والطبقات، فهموا وأدركوا أنّ بإمكانهم السير في ظلّ هذا الوهم والاكتفاء بما سطر وقررّ من سبقهم، وعاشوا في ظلّ اجتهاداتهم، دون تمحيص أو تنقيب أو استفادة تناسب أعصارهم، مُكبّلين بما كتب السابقون.

إلا إن أهل الحصافة قد فهموا التجديد على حقيقته، وأدركوا أنواعه وصوره، ومن أبرز صوره النافعة، تفسير ما سَطر الأولون، واستخراج زُبدة أفكارهم من شتى الفنون.. فقرأوا ومحّصوا، وأجادوا الإضافة والتحقيق، وأخرجوا ما كان مقرراً عند من سبق بحُلّة تلائِم تحديّات واحتياجات عصورهم.

وهُنا أريد أن تحلّق معي في خيالك أيها القارئ، وتتخيّل آلافاً من الينابيع الغنيّة بمائها العذب الصافي المتلألئ تحت أشعّة الشمس، هذه الينابيع حُبست وتوقف جريانها بحبس حابس، وفي ذات الوقت، ينشغل قومٌ محتاجون لكلّ قطرة منها، ينشغل هؤلاء مدّخرين طاقاتهم وما يملكون من موارد وأدوات في التنقيب عن ينابيعَ جديدة، متجاهلين تلك الينابيع الكامنة المحبوسة المليئة بجلّ ما يتمنون وما هم محتاجون..

في هذه الصورة مثالٌ حيُّ للفئة الأخرى، القسم الذي وجّه طاقته وأفنى زهرة سنينه، متجاهلاً ينابيع متفجّرة زاخرة واعتاض عنها بالبدء صفرا.

ولو أنّه تأمّل الثغور من حوله، وأدرك الكنوز المنسيّة، لعلِم أنّ هناك ألوفاً مؤلّفة من الميادين المنتظرة لمن يملأها مبتكراً في حلولها، ومجدداً في الخطابات الصالحة لزمانها، والمعين هو هو هو، إلا إن التعويل على ذوي العقل والإجادة في حُسن الغرف، والتوظيف.

ولو أمعنوا النظر، لوجدوا أنّ جلّ ما انتُفع به ممّن سبق من أهل العِلم والحِكمة، هو نِتاج فٍهم دقيق لما كُتب، واستيعابٌ لما سُطر، وبِناءٍ فوق بُني، وتوظيٍف لما ركد ونُسي.

مشاركة
نشرة مُلهِم البريدية

نشرة مُلهِم البريدية

هي نشرات بريدية ترسل أسبوعيًا على مشتركيها ومحتوى هذه النشرة تعظيم أثر طلاب العلم، يشارك في كتابة محتواها كُتّاب مميزون، مهتمون بمجالات تعظيم أثر طلاب العلم.

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من نشرة مُلهِم البريدية