نهاية عام - العدد #3

أنا ندى، زوجة وأم، طبيبة سابقًا وكاتبة محتوى حاليًا، توقّفت عن ممارسة مهنة الطب لأسبابٍ من أهمها الأمومة. لم تنقطع علاقتي بالطب ولا أظنها ستفعل، فلا زالت الاستشارات الطبية للعائلة والأصدقاء مستمرة. أما رحلة الكتابة الجميلة فباقية ما شاء الله ذلك.

صباح الخير أيها القارئ العزيز/

كان من المفترض أن تصلك هذه النشرة صباح الإثنين، ولكن المفروض شيء والواقع شيءٌ آخر.

ستكون هذه النشرة وداعيّة لعام 2023م بكل ما فيه من حزنٍ وفرح، وبما أنجزته فيه مع بعض الإخفاقات😬.

كانت هذه السنة هي انطلاقتي في عالم كتابة المحتوى الفسيح، بكل ما يحتويه من دهاليز وساحات، لم أستطع التجول بجميعها بعد.

شكر وامتنان 🙏🏻 

تعلّمت الكثير وما زال أمامي الأكثر، والأهم من ذلك قادتني هذه الرحلة للتعرف على أشخاصٍ رائعين، لم أقابلهم وجهًا لوجه، ولكني أبحرت في غِمار حروفهم واستمتعت بها وتعلّمت منها، وأود أن أستغل هذه الفرصة لشكرهم 🙏🏻

• على رأس القائمة الأستاذ: يونس بن عمارة، مؤسس مجتمع رديف، الأب الروحي في عالم كتابة المحتوى بالنسبة لي.
• الأستاذة مريم بازرعة، التي لا تبخل بوقتها وخبرتها في كل مرة الجأ فيها لها.
• عُلا، التي كنت أتحمّس لأشارك بعض مما أكتب تحت الهاشتاق الذي أطلقته (#كوكب_الكتاب).
• سعدى، حسابها غنّي ولا تبخل بالرد على أي استفسار. 
• صابرة عبد المجيد، التي استفدت في بداية دخولي عالم كتابة المحتوى من خطتها لتعلّم كتابة المحتوى، حيث كان تنفيذي لجميع المهام حافزًا لي في النشر دون تردد أو خوف من آراء الآخرين.
• دليلة بن رقاي، اللطيفة والتي أتحمّس لقراءة نشرتها الحمام الزاجل، بحروفها الجميلة دون تكلّف والتي أشعر عندما أقرؤها أنني جالسةٌ مع دليلة، نشرب الشاي وأسمعها تتكلم بتلقائية ودون تحذلق.
• أستاذ عبد العزيز آل رفده، استمتع بقراءة نشرته البريدية، وطريقة عرضه لأفكاره.
• أستاذ م. طارق موصلّلي، ممتنة له جدًا، كانت متابعته لمدونتي وتعليقاته المُشجِّعة دافعًا لي للاستمرار في تحدي رديف، أما مدونته فهي غنيّةٌ جدًا بتجاربه الواقعية، ومؤخرًا نشرته الدسمة أنصحك بألا تفوتها.
• هند الرقيقة، التي تتولى حساب رديف في منصة X، وتدير مساحاته بصوتها الجميل والمريح الذي يعطيني طاقة إيجابية.
• شهد، أحب محتواها وأهتمُّ بقراءة تغريداتها ومدونتها.
• جميع أعضاء مجتمع رديف فردًا فردا، شكرًا للجميع على تعاونكم وعدم بُخلِكم بأي معلومة وعلى نصائحكم النابعة من عصارة معرفتكم وخبراتكم.
• شكرًا لكل العملاء الذين وثقوا بي وسلّموني كتابة أعمالهم.

أنا والعملاء

من المشاكل التي واجهتها ولا زلت، العميل الذي يظن أن كاتب المحتوى حاوي، يملك قبعةً سحريةً 🎩، ولكن لا يخرج منها الأرنب وإنما المحتوى الذي يريده هو بالرغم من عدم إعطائه لأي تفاصيل عن مشروعه أو حتى ما الذي يدور في باله، يطلب كتابة ملف تعريفي على سبيل المثال، ثم لا يقدم أي معلومة عن عمله إلا الاسم، وعندما تطرح عليه الأسئلة لتحاول الحصول على المعلومات، تأتيك الإجابات ناقصة أو غير ذات علاقة 🕳️.

فتحاول قدر الإمكان البحث بنفسك عن أي مصدر قد يُساعدك 🔍، مثل الاطلاع على ملفات تعريفية لشركات أخرى منافسة، أو أي شيءٍ يتعلق بنفس نشاط الشركة أو المؤسسة، وبعد أن تعرض ما كتبت على العميل، يمطُّ شفتيه بامتعاضٍ لا تراه، ولكنك تشتُّمه في كل حرفٍ يكتبه في رده عليك، ويخبرك بأن ما كتبته لا يرتقي لما كان يأمله، بل أنه لولا الاحترام لقال لك ما هذا الهراء!؟ 😒

ويرفض تمامًا أن يكون هو السبب، نتيجةً لعدم إعطائه للتفاصيل التي طلبتها منه، أو حتى توضيح ما الذي يدور في رأسه، وما هو شكل المحتوى الذي يسعى للحصول عليه، وبعد معركةٍ طويلةٍ تحاول فيها التسلّح بكل رباطة الجأش والصبر اللذين تملكهما، يعطيك المعلومات على مضض ولسان حاله يقول: (ما هذا الكاتب الفاشل!؟ كيف لم يعرف هذا بنفسه؟ 🧐 يبدو أن مجال كتابة المحتوى قد بدأ في جمع الكُتّاب الفشلة تحت مظلّته).

أُبشّرك عزيزي القارئ أن المعركة انتهت برضا العميل وتناولي للعديد من حبوب دواء الصداع 😵💫 💊مع احتراق عددٍ لا بأس به من الخلايا العصبية 🔥.

على النقيض، هناك العميل الذي يعرف تمامًا ما الذي يريده وكيف يريده، التعامل معه مريح حتى وإن كان نوع المحتوى الذي يطلبه صعبًا، على الأقل أنت تعرف ما الذي عليك فعله وما هي النتيجة التي يجب أن تقدمها له، وتنسى كل التعب والإجهاد بمجرد أن تسلّم له المحتوى😄، بالإضافة لذلك، هذا النوع من العملاء يُقّدر مجهودك، لأنه مدركٌ لما مررت به أثناء البحث وجمع المصادر والعصف الذهني وإعداد الخطوط العريضة للمحتوى وصولًا للمُخرَج النهائي.

أما الصنف الثالث، فهو من يُمطُرك بالعديد من الأسئلة، حتى تظن أنك في مقابلة لنيل شهادة الدكتوراة في كتابة المحتوى 😎(بالطبع لا وجود لشيءٍ كهذا)، ثم بعد أن يتيقن أنك قد وصلت لمرحلة الإرهاق العقلي 🫨😵 يطلب منك بخبث الثعلب أن تكتب له نصًا تجريبيًا ليطمئن قلبه أنك قادرٌ على أداء المهمة التي سيطلبها منك، وأيًا كان ردك سواءً بالسلب أو الإيجاب، فأنه في الحالة الأولى سيذهب غاضبًا مستاءً من سوء تعاملك 🤬، وفي الثانية سيأخذ منك النص ويفرّ فرار الغزالةِ من الأسد 🏃🏻.

رواية ورأي 

من الروايات التي قرأتها هذا العام وأثّرت بي ولم أستطع التخلّص من المشاعر التي أثارتها بداخلي لفترة طويلة، رواية بيت خالتي وكنت قد كتبت عنها سابقًا ما يلي:

عندما وجدت رواية (بيت خالتي) لأحمد خيري العمري، لم يشدني العنوان، ولكن لأني كنت قد قرأت له من قبل رواية (ألواحٌ ودسر) وأحببتها، قررت أن أقرأها.

في البداية أوحى لي العنوان برواية اجتماعية، هادئة بأجواء أسرية دافئة، لكن مع توغلي في الرواية، اكتشفت أن بيت خالتي ليس ذلك البيت الجميل، ولا تنبعث منه روائح الكعك الشهي، بل هو مجردٌ من أي مشاعرٍ جميلة، مليءٌ بصنوف الألم والعذاب.

للرواية أربعة أبطالٍ رئيسيون:

أنس خزنجي، مخرج الأفلام الوثائقية والذي تبدأ الرواية بانتحاره، ويلعب دورًا محوريًا في الأحداث رغم موته في الصفحات الأولى.

يزن الغانم، (ابن خالة أنس) الطبيب النفسي الذي اكتشف عن سوريا وحربها وهو في ألمانيا أكثر مما عرفه عندما كان فيها، ليتنقل بين الصدمات تتلاقفه الواحدة تلو الأخرى، ربما لأنه عندما نظر للأمور من بعيد رأها بشكل مختلف.

نور نجّار، الفتاة القوية والغامضة، التي فتحت ليزن الطريق لمعرفة المعلومات التي أخرجته من منطقته الرمادية بكل قسوة، والتي حرَّكت بداخله تساؤلات عديدة، وأشغلت عقله وفكره، واحتلت مساحةً كبيرةً من يومه.

أما البطل الرابع فهم كل من تعذّبوا وعُذِّبوا، وصاروا جثثًا، بعضها دُفنت، والأخرى تنتظر انتهاء الكابوس المستمر، لتُغمض عينيها بسلامٍ للمرة الأخيرة. كل الذين ظنّوا أن لهم صوتٌ يُسمع، ورأيٌ يمكن التعبير عنه، بغض النظر إن كان صحيحًا أم خاطئًا.

كنت أظن أن الشهادات الموجودة من خيال الكاتب، فجميعها كانت مؤلمة ومفزعة وكابوسية، ولكن الصدمة الأكبر كانت عندما اكتشفت أنها حقيقية. النهاية أيضًا تصفعك بقوة، وتتركك في حالةٍ من الصدمة.

لا أدري هل أنصحك بقراءة هذه الرواية، أو أن أطلب منك أن تفرَّ منها إذا كان قلبك لا يحتمل قسوة ما فيها، القرار لك ولكن إذا اخترت أن تقتحمها، عليك بالتسلح بالكثير من التحمل ورباطة الجأش.

أخيرًا

شكرًا لأنك منحتني هذه الدقائق الثمينة من وقتك، بملاحظاتك أسعّد، وباشتراكك في نشرتي قلبي يطّرب.
وإن وجدت أن ما بها يستحق المشاركة فشاركها ولك جزيل الشكر.
دمت بخيرٍ ولطفٍ وعافية.