دع خيالك يتحدث - العدد #2

أنا ندى، زوجة وأم، طبيبة سابقًا وكاتبة محتوى حاليًا، توقّفت عن ممارسة مهنة الطب لأسبابٍ من أهمها الأمومة. لم تنقطع علاقتي بالطب ولا أظنها ستفعل، فلا زالت الاستشارات الطبية للعائلة والأصدقاء مستمرة. أما رحلة الكتابة الجميلة مستمرة ما شاء الله ذلك.

أتأمّل لوحة المفاتيح القابعة أمامي ولا أدري عمَّا أكتب! هناك ضجيجٌ من الأفكار الصاخبة يدوي في رأسي. تُداعبني الحروف وكلٌ منها يدعوني لاختياره، يبدو أنه لا مفر ولا بد من إسالة بعض الحبر على جنبات الورق.

منذ بدأت الحرب على غزّة والكتابة أعلنت الحداد بالنسبة لي، كان قلمي في كل حدثٍ جلل طوع بناني، يسمح لكل ما يعتمل بصدري بالتجسّد على هيئة خاطرة أو قصة قصيرة، لكن الحال مختلف مع ما تمرُّ به غزّة، فكل المشاهد التي نراها تفوق الوصف ولا أظن أن أي أبجدية لها القدرة على الشرح أو التعبير.

ما هي العبارات المناسبة لوصف مأساة طفل لم يعرف عن الطفولة إلا اسمها؟ يغفو على أصوات الصواريخ بعد أن ينتصر عليه سلطان النوم؛ ليصحو وقد انهار سقف منزله عليه وسحق عظامه الغضّة وآماله في حياة طبيعية مثل أطفال العالم.

تعددت القصص التي نقلتها لنا شاشات التلفاز، وما خفي أعظم وأكثر ألمًا. فاللهم انصرهم وأجبر كسرهم وكسرنا.

مع عميل

كان هناك عميل محتمل الفترة الماضية، طلب مني كتابة سكريبتات قصيرة لفيديوهات ستُعرض في منصة إنستغرام، بعدما أنهيت المطلوب، بلّغني رغبته في تحديد موعد لاجتماع، ولأسباب خاصة أخبرته بعدم إمكانية إجراء الاجتماع، ويمكنه تقديم ملاحظاته في رسالة صوتية، فما كان منه إلا الاختفاء دون أي كلمة أو تعليق.

هنا قد يقول أحدكم أن طلب الاجتماع من حقه، صحيح أتفق معك، ولكن ما الغرض الأساسي من ذلك؟

أليس السبب هو تقديم الملاحظات أو طلب تعديلات؟

هل التسجيل الصوتي لا يؤدي الغرض؟ بل إنه أفضل حيث يمكن مراجعته أكثر من مرة، والتأكد من إتمام جميع الطلبات أو التعديلات.

أصدقكم القول أن ردة فعله كانت صفعة قاسية، وكأن العمل الذي تعبت أثناء جمع المعلومات اللازمة له وكتابته لا قيمة له، ما وصلني من هذا الاختفاء هو الاستعلاء والاحتقار، لكن بعد بعض الوقت أدركت أن لكل شخص منظوره الأخلاقي للأمور، أما الأهم هو أنه لم يكن مقدرًا لي العمل مع هذا العميل.

على صعيدٍ آخر، استمتعت الشهر الماضي -ولا زلت-بكتابة محتوى إنستغرام لتطبيق يختص بتقديم هدايا بطريقة مختلفة. الجلوس بهدوء ومحاولة جلب الأفكار وتخيّل مشاعر المُهدي والمُهدى له، تجلب لي السعادة وكأنما الهدية ستُرسل لي.

دائمًا ما أعتمد أسوب الخيال في كتاباتي، أحب تخيّل المشهد الذي أكتب عنه أمامي كما لو كنت أشاهده على شاشة التلفاز، ارسمه بالكلمات، وأضيف عليه من مشاعري ليتجسّد أمامي. أدعوك أنت لمحاولة عمل نفس الشيء، تخيل المشهد أمامك وراقب انفعالاتك ومشاعرك تجاهه ثم اسمح لحروفك بالتدفق دون قيدٍ أو شرط، حتى وإن كنت تكتب عن علبة ثقاب أو دورة لتعلّم الهندسة الكيمائية. 

جرّب هذه الطريقة ثم أخبرني بالنتائج، ولكن تذكر لا تشطح بخيالك فتكتب أشياء غير قابلة للتصديق، غير خاضعة للمنطق، لأنك تتحول حينها من كاتب لمهرج.

شكر لا بد منه

بالإضافة للمحتوى السابق، كتبت بعض النصوص الأخرى التي تنوّعت في مضامينها، وهذا يقودني حتميًا للحديث عن مجتمع رديف الرقمي والأستاذ يونس بن عمارة، في هذا المجتمع الراقي بقيادة متميزة وأمينة من الأستاذ يونس، تعلمت الكثير عن كتابة المحتوى بأنواعه المختلفة، وكتبت في مجالات لم أكن أظن يومًا أنني سأقتحم أسوارها، لكن بفضل دروس أستاذ يونس ونصائحه وتوجيهاته أمكنني ذلك.

شكرًا أستاذ يونس، وشكرًا لكل أعضاء رديف الأكارم. نصيحة لمن أراد الالتحاق بمجتمع داعم يتعلّم فيه وينهل من معين الكتابة الرقراق؛ فلينضم لرديف دون أي تردد، ستشكرني لاحقًا على ذلك لا محالة.

أخيرًا

شكرًا لأنك منحتني هذه الدقائق الثمينة من وقتك، بملاحظاتك أسعّد، وباشتراكك في نشرتي قلبي يطّرب. وإن وجدت أن ما بها يستحق المشاركة فشاركها ولك جزيل الشكر. دمت بخيرٍ ولطفٍ وعافية.