بداية

بواسطة Nada Abbas #العدد 1 عرض في المتصفح
على مُفترق الحرف وجادَّة السَّطر أقف، أكتب حينًا وأقرأ أحايين. عسى أن تُعرِّجَ على نشرتي فتسعد، أو في أسوأ الأحوال تمضي سلامًا بسلام.

صباح الخير والنور والسرور.

أنا ندى، أم وزوجة، طبيبة سابقًا وكاتبة محتوى حاليًا، توقّفت عن ممارسة مهنة الطب لأسبابٍ من أهمها الأمومة. لم تنقطع علاقتي بالطب ولا أظنها ستفعل، فلا زالت الاستشارات الطبية للعائلة والأصدقاء مستمرة. أما رحلة الكتابة الجميلة باقيةٌ ما شاء الله ذلك.

***

لماذا الآن؟

منذُ مدةٍ ليست بالقصيرة وأنا أفكر في كتابة نشرةٍ بريدية، لكن التردُّد كان يكسب المعركة التي كنتُ أخوضها بينه وبين الإقدام على هذه التجربة. فأنا لا أعرف هل سأستمر أم أنني سأتوقف؟ هل سأقدّم ما يستحق المتابعة؟ لا أدري، ولن أدرى ما لم أجرّب.

وها أنا اليوم اتَّخذ القرار، وابدأ في رصِّ الحروف على اللوحة البيضاء الماثلة أمامي. قرَّرت أن يصدر العدد الأوَّل في عيد ميلادي؛ لتكون هذه النَّشرة هديتي لنفسي.

هديةٌ مميزة أختمُ بها عامًا كان مختلفًا عمّا سبقه من سني عمري من الناحية المهنية، وأستقبلُ عامًا عسى أن يكون أجمل من جميع النواحي.

فتاة منهمكة في الكتابة. أنشأتها بواسطة الذكاء الاصطناعي

فتاة منهمكة في الكتابة. أنشأتها بواسطة الذكاء الاصطناعي

قبل وبعد

لم تكن الكتابة مهنتي، ولم أفكر في جعلها كذلك إلا هذا العام، أنا في الأصل طبيبة، والكتابة هوايتي التي أحب منذُ أيام المدرسة، والأمر الذي أدركته عندما قررت أن أكتب بحسب طلب العميل، أن شتّان ما بين هذا وذاك.

فمهما كانت براعتك وقدرتك على التفنّن في الكتابة، إلّم يُعجب العميل بما كتبت؛ فكأنك لم تكتب شيئًا، وهذا كان يُصيبني بالإحباط والشعور بالفشل، ولكن في لحظةٍ ما أدركت أن رفض العميل لا يعني أن ما كتبته سيء، هو فقط لم يناسبه أو لم يكن على هواه، وقد يجده عميل آخر نصًا رائعًا. ولولا اختلاف الأذواق لبارت النصوص.

ومن الفروقات التي وجدتها بين مهنة الطب وكتابة المحتوى: 

بصفتي طبيبة فأنا صاحبة القرار، أفحص المريض، وأطلب التحاليل اللازمة، ثم أصل للتشخيص، لأصف بعدها الدواء ويتبع المريض تعليماتي، لكن في كتابة المحتوى القرار ليس لي، وإنما للعميل، هو من يقرر إن كان ما كتبته مناسب أم لا بغض النظر عن رأيي.

وكان عليَّ التأقلم مع هذا الوضع المختلف، والتصالح مع فكرة أن القرار الأخير ليس لي، بل وحتى لا يتبع (بروتوكول) أو حتى قواعد محددة، وهنا بالطبع لا أعني قواعد الكتابة بحد ذاتها، وإنما قواعد ذوق العميل إن كان بإمكاني تسميتها كذلك. 

من المعتاد أن يذهب المريض ليستشير طبيبًا آخر؛ ليطمئن أكثر أو يبحث عن بدائل علاجية، هذا الأمر جعلني متقبّلةً لفكرة أن يبحث العميل عن عرضٍ يناسبه عند غيري من الكُتّاب (مع تحفظي على أسلوب فعله لذلك)، فهو يبحث عن النّص الذي يتوافق مع ذائقته وميزانيته في ذات الوقت.

كما نفعل جميعًا عند شراء سلعةٍ معينة، ونصوصنا التي نراها بعين الوالد لأطفاله، مجرد سلعة بالنسبة للعميل أو وسيلة من شأنها أن تحقق له غرضه سواءً في التّرويج لمنتجه أو أيً كان هدف النّص الذي طلبه.

الأمر الأخير (حاليًا) هو مناقشة الأمور المادية، أنا بطبعي أخجل عند التحدّث عن المال، وفي المستشفى أو العيادة كانت هذه الأمور منوطةً بأشخاص آخرين، وأنا أؤدي عملي في مداواة المرضى، لأتلقّى راتبي دون تأجيل أو مفاوضات أو طلب عربون.

لكن العمل بصفة مستقل أصعب ما فيها -بالنسبة لي- هو مناقشة السعر، ولا زلت حتى الآن أُسلّم النّص قبل أن أخذ من العميل أي مبلغ، لتبدأ رحلة المماطلة والانتظار، على سبيل المثال: سلّمت ملفًا تعريفيًا لجهةٍ ما قبل شهر ولم يصلني المبلغ حتى اليوم.

وجعٌ وغصّةٌ وكثيرٌ من العِزّة

لا أدري ما هو التّوصيف الصحيح لما أشعر به بسبب ما تمرُّ به غزّة 💔!

هناك وجعٌ يقتات على ما تبقّى بداخلنا من إنسانية، وغصّةٌ تكتّم الأنفاس فلا يكاد يدخل لصدورنا من هواءٍ إلا القدر الذي بالكاد يسمح لنا بالاستمرار في هذه الحياة حتّى يحين موعد الرحلة الأخيرة.

تشتعل النّيران في غزّة وقلوبنا، وترتفع الأكف تضرّعًا للّه أن يجعلها بردًا وسلامًا عليهم، وإحياءً لما مات فينا من أملٍ بنصرٍ قريب وعسى أن يكون ذلك قريبا.

وما بين غَزّةٍ وعِزّةٍ، نقطةٌ أُريدَ لها أن تطمس الحقيقة، ولكنّها صعدت مع أرواح الشُّهداء لتكشف العِزّة التي علّمها أهل غزّة لكلّ هذا العالم الجبان.

طفل مبتسم يحمل علم فلسطين.

Photo by Latrach Med Jamil/ Unsplash

طفل مبتسم يحمل علم فلسطين. Photo by Latrach Med Jamil/ Unsplash

أخيرًا

شكرًا لأنك منحتني هذه الدقائق الثمينة من وقتك، بملاحظاتك أسعّد، وباشتراكك في نشرتي قلبي يطّرب.

Wafaبيان كاتبة إعلانات2 أعجبهم العدد
مشاركة
نشرة Nada Abbas البريدية

نشرة Nada Abbas البريدية

على مُفترق الحرف وجادَّة السَّطر أقف، أكتب حينًا وأقرأ أحايين. عسى أن تُعرِّجَ على نشرتي فتسعد، أو في أسوأ الأحوال تمضي سلامًا بسلام.

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من نشرة Nada Abbas البريدية