الفقد

2 يناير 2025 بواسطة محمد #العدد 2 عرض في المتصفح

في الليل لا ينفكُّ عنّي شعورٌ ما، لا أكاد ادري ما هو، وكيف يأتي؟ وأسبابه؟ بحثتُ عنه كثيرا، هو بداخلي ولكننا ضائعان معا!  وقد كنت اظنني وصلت لأسبابه لكي احلها وأتخلص منه في يوم ما، الا انه كان وهم، وما اسرع ان يجري الانسان خلف وهمه! كنت اقول لعلني قصرت بكذا وكذا ولم افعلٰ ما خططتُ له، الا انني فعلت ذات يوم ما خططت له وما زال الشعور يتلبسني في الليل، فعجبًا! ما الذي يريده هذا؟ هكذا تساءلت.. لم يرد، ولن يرد.. ماذا لو كان الشعور يُخبرنا ماذا يريد مننا؟ لا.. الشعور اذا تكلم افسد رونقه، دعهُ يصمت، الصمتُ خير.
لم أجدْ حلاً لمشكلة الشعور هذه، وكففتُ عن البحثِ، ولكنه اشبه بإنشراحٍ ضيق يصيبني في الليل، وهذا ليس تعبيرا غبيًا يجمعُ المتناقضات، ولكن هذا ما أشعر به! فلو سألتني عن اكثر الناس انشراحًا في الليل لقلتُ انا، ولو سألتني عن أكثر الناس ضيقا في الليل لقلت انا! ستتعجب وتقول: يورد الفاظًا سوقية! لا تتعجّل، قلت لك انني كففتُ البحث عن حلٍ للشعور، ولكنني بدأت البحث عن شيء أخر... عن ماهيته.  
تعلمت بالهندسة النماذج، اذا لم تجد حلا لمشكلتك، انظر لنماذج الاخرين وستجد حلا، اي اصنع شبيها وقارنه لتعرف الخلل، وكذلك فعلت، قلت ان مشكلتي انشراح ضيّق، فما الذي يجمع المتناقضات؟ فكرت بأقرب شيء معروف لدى المرء.. وكان بحثا طويلا، وأرقا صعبا، الى ان وصلت الى شيء ما.. نعم ذلك النموذج هو الفقد، لا شيء كالفقد، وقد وصلت لهذا بكلام وهذا هو: 

«هل هناك نسخة من الحياة لا تشعر فيها أن شيئًا ما مفقود؟ هناك دائمًا شعور بالفقْد؛ لأنه ببساطة شعور صحیح. کل اختیار في الحياة يستبعد خيارات أخرى، الأمر بهذه البساطة؛ لا يمكن مراوغة الفقد.. الحياة فقْد متتالٍ وامتلاك مؤقت»


الحياة فقد متتال! وامتلاك مؤقت، انهما يجتمعان في صدري في الليل، عندما اضع رأسي على الوسادة واراجع يومي، ماذا لو فعلت كذا؟ ماذا لو قلت كذا؟ يا ليتني اكملت كذا! نعم انا قد فعلت اشياءا اخرى ولكنني فقدت اشياءا غيرها  انا امتلكت فعلا، امتلكت شيئا، ولكنني يجب ان اكون فقدت اشياء.. انشرح صدري مما ملكته وضاق بما فقدت.. هل هكذا كل الأمر؟هل الفقد هو؟ ترى هل وصلت لماهيته؟ لا أدري.. ربما!

محمد هيلات1 أعجبهم العدد
مشاركة
نشرة محمد البريدية

نشرة محمد البريدية

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من نشرة محمد البريدية