"ألا فلتربوا أبناءكم على كثير من الشر، لا ليكونوا أشراراً، لكن حتى يتقوا من الناس شر الناس." كان الهدلق بمقاله هذا يريد ان يبعدَ شر الناس بالشرِ الفرداني للمرء، كما هو مشهور:' افضل طريقة للدفاع هي الهجوم" فكأنما يعني بأن خير طريقة لصد الشر شر يواجهه.. ولكنني-وللأسف- أرى المقال ينقصهُ بعض الشر، لم تعجبني-بعد القراءة الخامسة للمقال- تلكَ النبرة الخيرية التي جاءت بأطراف الكلام، ربما كنتُ اودٌ القول ان تُربوا اولادكم على الشر، لا لتتقوه بل لتصنعوهم رجالا، لا أستطيع تخيل رجل ليس له جانب شرير وقاسي، أشعر بأنه سيمتهن من الناس، ولن يجد خيرا الا بذلك الشر الذي بنفسه! بل وسيكون الخير الذي يصنعه شرًا عليه! قال رجل لآخر : فلان يسيء القول فيك، فقال له: عجيب، مع أن لم أحسن إليه"، ولا زلت اذكر القصة التي ذكرها البير كامو لذاك الشخص الذي وضع لافتة عليها « مهما كان المكان الذي اتيت منه ، تعال وانت على الرحب والسعة . » فما كان من المقاومين-تعبير البير-الا ان دخلوا وبقروا امعائه! الا انهم لو لم يروا خيره لما اروه شرهم! وأزيدُ على ما ذكرت ان الناس-وانا منهم- قد يتهمونه بالشر الخفي! ويقولون لعله يخفي شرا بداخله بسبب خيريته الظاهرة، ويبدأ يصبّر بعضهم بعضا ليثبتوا كلامهم، انتظر سيظهر شره.. كأن ليس للمرء شرٌ قط تظهره نفسه! كأن الخيرية هي الصفة العامة! الا اننى أرى الشر يطفح بين الناس، ولا أرى الا قليلا من الخير، وان شئت فراقب افعالهم، انما هي شر، برره قصد خيري. قد تعارضني بهذا، وربما جاء ببالك فكرة اخرى وانت تقرأ، وبدأت بالرد على كلامي، وسترد ربما بطريقة طوباوية، بأن الخير مهم، وتبدأ بسرديات ما اسميهم "الخيريين" لعلك تغفل يا صديقي انه كان لديك في يوم ما، بلحظة ما، لحظة شريرة.. وقعت بنفسك! لا اقول انك نفذتها، بل وقعت وجالت بنفسك وربما استولت عليك وربما قد تشعر بلذة اذا نفذت ذاك الشر، ولكنّ خيريتك منعتك، وانا لا الومك، بل دائما ما كنت هذه الصورة التي ذكرتها لك، ولكن سأوصيك بشيء، الا فلتفعل ذاك الشر، ولتقسو كلما استطعت، وقبل كل هذا تعلّم ان تضع الشر بمكانه. على انني كتبتُ آخرَ جُملة وانا خجلٌ من نفسي، لأنني اضفت الخير فيها بذكري وضع الشر مكانه، ولكنني عرفت لماذا كان بمقال الهدلق طرف خيري، وقد بيّنه بالعنوان، بئسَ هذا الناس الذين يفهمون كلامنا بغيرِ ما نقول وبغير ما يعرفون مننا! بئس والله.
|
التعليقات