لا تدع الأعذار توقفك

بواسطة مودة #العدد 12 عرض في المتصفح
 تحديات تواجه المبدع: "كيف تحافظ على زخم الكتابة"

قضيت الأسبوع الماضي في تجربة تعلم مميزة، وذلك بحضور ورشة عمل في التخييل التاريخي مع الكاتب الرائع علي المجنوني. خططت للرحلة قبل يومين من بدء الورشة، وسافرت إلى الدمام أحمل الشوق إلى الجو المكثف من التعلم، والتعرف على أدباء مبدعين، ولقاء الأصدقاء.

أن تضع نفسك من جديد في ساحة التعلم والممارسة يتطلب "اتخاذ قرار" هذه الكلمة قالها لي أحد الأصدقاء معلقًا على الكاتب الموهوب يقول: "من المؤسف أن لديكِ الموهبة لكنك لم تتخذي القرار بأن تصبحي روائية". كان وقع الكلمة عميقًا في داخلي، لأنه بجانب شكوك الكاتب في موهبته، وكسله بالأعذار المتكررة، تأتيك كلمة تعيد فيك الاعتراف بتجاهلك لهذا القرار. فعلاً كانت النية موجودة لكن القرار الجازم بالعمل لم أتخذه لوقت طويل.

كانت هناك أسئلة كثيرة خلال الورشة تتعلق بتقنيات الكتابة، لكنني فضلت الاحتفاظ بها حتى أبدأ بالكتابة، الكتابة، الكتابة. وبعدها ستظهر كل الأسئلة وأجوبتها في الطريق. التحدي في الكتابة أنها من السهل الممتنع، لأنه يسهل عليك أن تكتب بكثافة، لكن تعصف بك شواغل الأيام فتنفلت منك كما لو أنك نسيت الكتابة.

تخلص من المحرر في داخلك

إحدى عثراتي المستمرة تكمن في "المحرر الجلاد"، فمن أول سطرين أكتبها لا أسمح لنفسي بإكمالها إلا بعد مراجعتها خمس مرات وتعديلها وتصحيحها وتطويرها، حتى أعلق ولا أستطيع الاستمرار، كما لو أنني أركز على زاوية من اللوحة وأضع الطبقات من الألوان فيها دون انتباهي برسم كامل اللوحة. وأنا أكتب الآن لهذه النشرة قررت ألا أرى إلا أصابعي على لوحة الكتابة حتى لا تسقط عيناي على خطأ فأنشغل به.

كسر العادات الكسولة

للكاتب كما الرسام عاداته الكسولة في اختلاق الأعذار، وإيهام نفسه بوضع الأدوات أمامه، وتجهيز مكان العمل وتهيئتها بانتظام، ثم بعد ذلك ينشغل باتصال أو مسلسل يتابعه، أو دعوة من صديق على قهوة. أعترف بأن عدوى الكسل ستستمر لأيام لن تنتهي وستكون حججك مقنعة، لكن ماذا لو كان مزاجك ذلك اليوم لا يسمح بالعمل، والكواكب والنجوم في مزاج سيء، هل ستتوقف؟ لأنك إنسان لست بآلة؟

لا يهم كل أعذارنا، نعم المزاج سيء، والوضع لا يُطاق أحيانًا، وسيكون هذا اليوم ثقيلًا لكن أرجوك اسمعها مني: واجه كل أعدائك الداخليين الذين يسحبونك للتمدد والنوم عدة مرات والاستحمام. ابدأ الكتابة ولو بالكلمات الأولى.

التدفق يأتي من الكلمات الأولى

قبل أن أشرع في الكتابة أتوه كثيرًا بفكرة "من أين أبدأ؟" وتبدو الأفكار مشوشة وضبابية. هل سأكتب عن لماذا نكتب؟ أو أكتب قصة قصيرة "عن الرجل الذي يكنس الصحراء" أو أعتذر بانشغالي عن كتابة نشرة الأحد الماضي؟ كل هذه الأفكار لن تهدأ إلا بعد أن أنطلق بالكتابة.

لا تبالي بالمسودات

تشغلني المسودات التي أكتبها عندما أكون في حالة اللاكتابة، وحينما أعود إليها أجد بعضها لا يستحق إلا الحذف، والبعض الآخر يحتاج لتعديلات بسيطة وتنشر. لكن ما أحاول في هذه المرحلة هو أن أستمر بالكتابة دون الانشغال بها، بل حتى نشرها وإن لم أكن راضية عنها، فقد قالها لنا المجنوني في الورشة بأن بعض الكتابات التي أنشرها قد تكون لاحقًا مشاريع لأعمال أوسع، فلا تطيل التفكير في المسودات أو فيما ستنشر، فقط استمر في الكتابة.

تقيأ العمل الأول

هذه نصيحة أحد الكتّاب عن بدايات الكتابة، وارتباكك المستمر حول العمل الأول، والصراعات التي تدور حولها. فهو يهون عليك بأنك لن تنضج حقًا إلا بعد العمل الثاني، لذا أخرج نفسك سريعًا من العمل الأول ثم طور نفسك لاحقًا.

المشروع القادم

قمت بتطوير مسودة عمل روائي خلال ورشة العمل، فقد استفدت كثيرًا من فكرتي الأولى التي بدأتها قبل ٣ سنوات، لكن تشكلت ملامحها بوضوح من خلال ملاحظات المجنوني والمشاركين. وفي عشاء الأصدقاء قلتها بتحدٍ غير مدروس أنني سأقدم المسودة الأولى منتصف أكتوبر المقبل "المهم أن أورط نفسي".

بسمه1 أعجبهم العدد
مشاركة
نشرة مودة البريدية

نشرة مودة البريدية

هذه نشرة شخصية أكتبها للأصدقاء حول تأملات تلامس سعينا للحياة الطيبة، وأطرح التساؤلات التي تزعجني أو تلهمني للتفكر بها، أنشر يومي الأحد والأربعاء.

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من نشرة مودة البريدية