لنصنع عامًا مذهلًا

بواسطة مريم الهاجري #العدد 46 عرض في المتصفح
العصاميون أقبلوا بحبٍ على الحياة.. فرأتهم.

صورة من بنترست للأيام المتبقية من العام

صورة من بنترست للأيام المتبقية من العام

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

مرحبًا بكم المشتركون الجدد، ومن شاركني رحلة الـ 46 عددًا

الثلاثون من ديسمبر.. ومضى عام كامل.. بكل لحظاته التي نُقِشَتْ في ذاكرتنا.. والتي تلاشتْ! تلك الضحكات والدمعات، تلك المحاولات والإحباطات، التفاؤل ولحظات اليأس، قمة النجاح وقاع الفشل.. ساعات المرض المُنهكة، وشهور الصحة المختبئة خلف نشاطات الجسد، وحلاوة الروح، وسعة الأُفق، واتّساع الأمل..

تلك الاجتماعات الجميلة حينما ارتوينا من قُربِ أحبابنا بعد فراق، ثم اجتاحتها اجتماعاتٌ متلفحةٌ بالسواد، فلا تسمع إلا الأنين، يوم كنا نبكي من عزَّ علينا فراقهم للأبد 😭

مضى عام 2024 وأصبح من الذكريات..لم يتوقف عند لحظات الفرح، ولن يتوقف عند لحظات البكاء.. ستمضي بنا الأيام.. وسنكبر عامًا آخر، إن أمدَّ الله في أعمارنا، فأي حياة سنختار؟! لذلك لنشحذ عامنا الجديد بوقود من لحظات الفرح الماضية.. ولنُغلِق نافذة الحزن على ما مرَّ بنا فيه، فما من فائدة تدعو لفتحها، واستنشاق عطرها المفقود.

بل لك الحمد يا رب.. أَنْ أبقيتَ فيَّ روحٌ بعد كل ما مرَّ، ولك الحمد أن ألهمتني أن أَسْعَدَ في حياتي، وأُسْعِدُ من حولي.. واتّخِذُ لي من العِبَرِ زادًا في رحلتي..

شكرًا لمن ساندني وكان الدّاعم لي.. شكرًا لمن وقف بجانبي في لحظات نجاحي وكفاحي، وفي لحظات ألمي وأحزاني.. شكرًا لمن واساني، وشكرًا لمن رسم البسمة على شفتي، شكرًا لمن أهداني كلمة حلوة، أو هدية قيّمة في نفسي أكثر من قيمتها في الواقع بمراحل.. فمن يُهديك يعني أنه يُحبك، ويُفكر بك، أو يُقدّرُك على أقل تقدير.. وهذا يكفي، لا تكن متطلبًا.

شكرًا لأولئك الأشخاص الذين أثْرَوا حياتي بكرمهم.. أو أثْرَوها بالدروس القاسية التي رفعتني حينما قرّرتُ ذلك.

لنبدأ العام الجديد بوداع لطيف للعام المنصرم، ونُلقي نظرة فأل وطموح للعام القادم، وكما قال دونالد ترامب حينما كان مُطوّرًا عقاريًا إذ ذاك:

ما دمت ستفكر على أية حال، فلتُفكّر في أُفِقٍ واسع

دونالد ترامب

وحتى نبدأ عامنا بدايةً جيدة تليقُ بنا ☺️ لنُرتِّب أفكارنا:

أولًا: مراجعة العام المنصرم من حيث:

1. لحظات الفرح والفخر والإنجاز

من المؤسف الذي لا بد من قوله، أن اللحظات القاسية والمؤلمة، لحظات الإخفاق والجُرح تعْلَقُ في الذهن أكثر من تلك اللحظات الحانية الجميلة، التي تَرْبُتُ على أرواحنا، أو تُهديها زهورًا من حديقة الحياة، كتلك التي تُهدى لكل السُّعداء، بل ربما ننسى حتى الأوسمة التي تقلّدناها في لحظات الفرح عن إنجازٍ قدمناه، أو نجاحٍ حققناه، ناهيك عن كلمات الثناء؛ لذلك فتدوين كل الإنجازات فور حدوثها، يساهم بشكل أكبر في رؤيتها، ومن ثم يُعين على تذكُّرها، كما أفعل أنا الآن، لقد احتواني الاطمئنان بإنجازي، وتعرفت على نفسي أكثر، أصبحت أكثر تقديرًا لما أقوم به، بل أكثر من ذي قبل، أجمع طيلة الشهر أعمالي وإنجازاتي، لأراها معكم في عدد أول اثنين من كل شهر، ليس استعراضًا لإنجازاتي أمامكم، بل أني لا أُشارككم منها إلا ما يُفيدكم، ولكن لكي -بالإضافة للفائدة التي تحصلون عليها من مشاركة ما قمت به- تعلمون أن هذا يُسمى إنجازًا، لأننا نظلم أنفسنا حين نعتقد أن أعمالنا وجهودنا اليومية لا تسمى ولا تُقاس بمقياس الإنجاز، ربما لأننا لا نحصل لأجلها على أوسمة أو نتقاضى مالًا! فأنا أُشارككم لتستفيدوا مما استفدت منه.

وفي النهاية  عدد أول اثنين يُثبت إنجازاتي في ذهني عمليًا، وعلى مراحل، أصبحت أراه مرة يوم دونته لحظة إنجازه، ومرة حينما راجعته، ومرة حينما نقلته من هاتفي إلى حاسوبي، ومرة على محرر هدهد، ومرة يوم راجعته، وأخيرة بعدما وصل إلى بريدي، فكيف يُنسى إنجاز كهذا؟! انظر لأول عدد اتّبعتُ فيه هذه الطريقة هل يعتبر تدوينك لإنجازك الحالي.. صديقك الصدوق لإنجازك التالي؟ (شاهد تجربتي) والعدد الثاني كيف أبصرتُ نجاحاتي في هذا الشهر من البداية؟

استذكار لحظات الفرح والفخر والإنجاز خير مُعين على إنجازٍ آخر، وهكذا.. تتوالى إنجازاتنا، نُراقب فيها كل لحظاتها.. ونعرف ما الذي ساعد على هذا النجاح، وما الذي أخّره، وما الذي كان بالإمكان أن يُساعدنا في أن يكون الإنجاز أسرع، أوضح، أكثر، أقرب، أفضل..

2. لحظات أو محطات إعادة التهيئة

إنها اللحظات أو المحطات -بالأصح- التي أنارت بصيرتي، وغيّرت طريقتي في التفكير. لا بُد أننا لجأنا في ساعةٍ من نهار، أو هزيعٍ من الليل إلى التوقف عن المُضي قُدُمًا في أمرٍ ما، أو مع شخصٍ ما، لحظات أو مواقف غيّرت نظرتنا للحياة، وللأشخاص، وللفرص والظروف، فما هي المواقف التي حثّتنا على اتخاذ مثل هذه القرارات والتي هي في الغالب قرارات مصيرية، تغيرت معها حتى طريقتنا في الحياة، وجعلتنا نُمعن النظر أكثر، لنكون ناضجين أكثر مهما كانت قسوتها، إلا أنها أنارت بصائرنا.. التأمل في مثل هذه اللحظات، يساعدنا على اتزان أكبر في التفكير، واتخاذ قرارات أقرب للصواب بحول الله.

فبالطبع لم يكن العام المنصرم ورديًا.. بل كان ملوّنًا بكل الألوان الموجودة في المقلمة 🙃 كانت هناك شوائب وعقبات، صدمات وإخفاقات.. والناجح من يتخذ منها سُلّمًا في طريق الرُقيّ، وعلى قسوتها، إلا أنها تجارب صقلت شخصيتك، وأثرت خبرتك، وأكسبتك معرفة بالأشخاص ومعادنهم، وحكمة في التصرفات، واتخاذ القرارات.

تبقّى أن ترى الجانب المشرق من هذه التحديات والعقبات والذي ساهم بشكل كبير في تطورك الشخصي أو المهني، وتُوظّفه فيما يسهم في تطورك الآن 🤩

ثانيًا: التطلّع والتخطيط للعام القادم:

1.الأحلام والأهداف

وقد صرنا على معرفة بأنفسنا، وما خرجنا به من جُعبة العام المُنصرم، نستطيع أن نُخطط لأهدافنا في العام القادم على بصيرة بحول الله، مستعينين بالله أولًا، ثم بكل طريقة أو أجندة قد تساعدنا في ذلك، ومنها طريقة "وضع الأهداف للوقت الراهن" التي ابتكرها جاري كيلر في كتابه الشيء الوحيد صفحة 147، وبشكل عام الكتاب جدًا مفيد، هنا ملخص له من قناة علي وكتاب. وهذه الطريقة أعني "وضع الأهداف للوقت الراهن" تكلمت عنها كثيرًا في مدونتي والنشرة البريدية فيما سبق، إن معرفة الهدف الكبير مهمة جدًا لرسم الحياة بطريقة واضحة.

فأصل الحياة أهدافٌ كُبرى مقسّمة على أيام ودقائق وساعات، تمضي من أعمارنا، اسْتُغِلّتْ أم أُهْمِلَتْ، طالع هذا الفيديو لبرايان تريسي لتفهم قصدي.

بعد تحديد أهم الأهداف لهذا العام، ستتضح لك الطريق التي ستسلكها كي تُحقق هدفك، ستعرف من أين تبدأ، وأين تتجه، وإن الْتبس عليك، فقليلٌ من التفكير والتأمل في ما يتعلق بأهدافك في العام المنصرم، واقتراح بعض الأفكار التي قد تساهم في تحقيق أهدافك، وإعمال قاعدة "ماذا لو" والتي يجري تجريبها ذهنيًا على كل طريقة توصّلت إليها لاختبار إمكانية تجريبها واقعيًا، إن التتبّع التسلسلي في قاعدة "ماذا لو" يُعدُّ تسلسلًا منطقيًا  مفيدٌ جدًا، لأنه يُبيّن إمكانية الطريقة، وفي أي نقطة ستصل إلى الطريق المسدود!

إن لم تُجدِ هذه الطريقة أيضًا، فالاستشارة نورٌ يُضيء لنا، ولكن من نستشير؟

  1. المُحب، ومَن يُهمه أمرك.
  2. الخبير فيما تريد السؤال عنه، فلا تسأل الطبيب -مهم بلغ علمه- عن أمور الهندسة.
  3. المتفائل، فالمتشائم يرى الشؤم في كل فرج، ويهديك منه بطيب خاطر للأسف!
  4. الصادق في النصح.

وبإذن الله تجد ضالتك.

2. خطوات عملية للتنفيذ

بعد معرفتك لأهدافك الكبيرة لعام 2025، يتبقّى عليك التنفيذ، فالمعرفة والتخطيط وحدهما لا يكفيان ما لم يكونا مقرونين بالتنفيذ، إذًا يحسُن أن يكون لديك:

  1. عزيمة متوكلة على الله، دائمة الالتجاء إليه بالدعاء والرجاء.
  2. أهداف واضحة ومحددة، وقابلة للتنفيذ، انظر مقالي هذا.
  3. تقسيم الأهداف إلى أهداف فصلية، شهرية، ثم مهام أسبوعية ويومية لتتمكن من الإنجاز الحقيقي لا الوهمي.
  4. الالتزام بالمرونة، من الطبيعي أن تختلف النتائج عن توقعاتك وتخطيطك.. هذا طبيعي جدًا، لذلك فالمرونة مطلب لكي تستمر في المُضي قُدُمًا نحو أهدافك، تساعدك المرونة في تقييم النتائج التي حصلت عليها والتوجّه بناءً على ذلك.
  5. الاهتمام بالتطوير المستمر، لأن البقاء على الحال نفسه لا يصل بك إلى أهدافك أبدًا.
  6. المثابرة والاستمرار وعدم الملل مهما يكن، التوقف بُرهة مقبول، ولكن الانقطاع والتقاعس مرفوض.

مختصر النشرة

  1. مراجعة نجاحات وإخفاقات العام المُنصرم والتزود منها.
  2. معرفة الأهداف الشخصية والمهنية، كتابتها، تقسيمها، ومعرفة الطرق المؤدية إليها.
  3. المرونة والاستمرار والاستثمار في التطوير.
  4. العائلة كنز الانسان الثمين، ووطنه الوفي، وحضنه الدافئ.
  5. ثقْ بنفسك أنك تستطيع أن تُنجز إنجازًا هائلًا كالآخرين.. لا شيء يمنعك.. ثقْ بنفسك.. وانضم لكوكبة المبدعين.. فهؤلاء المبدعون والناجحون لا يتميزون بحياة رُسِمَتْ كما يحبون، ولكنهم عصاميون ومثابرون، أقبلوا بحبٍ على الحياة.. فرأتهم.

لنصنع عامًا مُذهلًا معًا..

أرجو أن يكون هذا العدد مُلهمًا ومُحفّزًا، ومُداويًا لخدوش أرواحكم. شاركوني أهدافكم وخططكم للعام الجديد لأشاركها -بحول الله- في عدد خاص في الأسبوع الثاني من يناير بالرد على هذا البريد.

كنت معكم بكل إخلاص..

مريم الهاجري

كاتبة، مدربة، وصانعة تغيير

كان من المفترض أن يصلكم هذا البريد في السادسة من صباح اليوم.. ولكن لعطل في موقع هدهد تسبب في تأخير النشر حتى هذه الساعة 9.43 م

مشاركة
عـمـــــــــق

عـمـــــــــق

على سبيل الفضول والبحث والطموح كل اثنين ستشرق "عمــق" بها شيئًا من قناعاتي وقراءاتي وعاداتي كي نرتقي معًا

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من عـمـــــــــق