3 أمور تساعدك على التوازن بين الحياة الشخصية والعمل

صورة من بنترست لأب يلعب مع طفله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

حيَّ الله رفقاء الدرب.. وأهلًا بالمشتركين الجدد.. أسأل الله أن يوفقني لما يفيدكم

"بابا.. متى تأخذ إجازة.. أبي ألعب معك!"

"ماما.. متى تكونين فاضية.. أبي أجلس معك.. أبي أسولف!"

يسمع الآباء والأمهات العاملون، والمنشغلون مثل هذه الكلمات كثيرًا.. وأنا منهم.. لذلك قررت التغيير.. لماذا؟ لأنه لا ينبغي من الأساس في الحياة المثالية التي ننشد، أن نصل إلى المرحلة التي يطلب فيها الأبناء مثل ذلك! هذا حق من حقوقهم يُفترض أن يحصلوا عليه بدون طلب؛ فكيف إذا طلبوا؟!

المشكلة أن كثيرًا من الأبناء يظلُّ يردد مثل هذا الطلب مرارًا حتى يتحقق.. وربما لا يتحقق 😭

أنا أُقدّر أننا نعمل لأجلهم.. ولكن ما أثّر فيّ بشكل كبير.. أن السنوات تمرُّ، دون الاستمتاع بطفولتهم.. ولا لحظات شبابهم، ولا بجلسات ودٍّ وصفاء مع آبائنا الذين تمنوا مثل هذه اللحظات كثيرًا.. وإن طالت بنا الحياة لنشعرنَّ بما شعروا 💔

ولكي تشعر معي بعمق ما أقول.. افتح ألبوم الصور في هاتفك الآن، وانظر إلى صور الراحلين! هل عصف بك الحنين؟ كان بيدك أن تقضي وقتًا أطول معهم.

ثم انظر إلى صور أبناءك قبل 3 سنوات فقط! كانوا في مرحلة عمرية ما أجمل اللعب معهم فيها، أو ما أجمل الجلوس والحديث معهم فيها.

كذلك أسرتك بشكل عام؛ اقتحم عالمك المزدحم، واقتنص لهم فيه فرصًا دورية تكون لهم.. قبل أن يكبروا.. أو يرحلوا. ما يخفف عني ألم رحيل خالتي رحمها الله، أنني حافظت مؤخرًا على ديمومة زيارتها بضعة ساعات أو أيام رغم المسافات بيننا، لأراها وتراني، واطمئن على صحتها، كانت تسعد بزيارتي كثيرًا.. وفي نفس الوقت تأسف لمشقة الطريق بيننا.. ولكنها كانت تشعر بحبي لها، واهتمامي لها.. وبها ❤️‍🩹 كنت أحسب أنها تطيل البقاء بيننا.. فقد عزمت على زيارتها كثيرًا.. ولكن القدر كان أسبق! فالحمدلله على كل حال.

هذه الأوقات التي تقضيها بين أهلك وأحبتك هي أهم من كل أموال الدنيا وأعمالها.. نفسيًا وجسديًا وروحيًا.. أنت بحاجة إليها قبلهم حتى لو لم تشعر بذلك الآن.

ولو استشعرت أهمية وجمال هذه الأوقات التي تقضيها معهم وبينهم، فإنها ستكون بمثابة الوقود النفسي لتعود للعمل بطاقة أكبر..

أعتقد أن الكثير ممن يقرأ لي يوافقني الرأي.. ولكنه يُعاني كما أُعاني من معضلة الوقت وإدراك التوازن بين الحياة الشخصية والعمل، لذلك رسمت لك هذه الخريطة الذهنية التي ستساعدنا بحول الله أن نحيا حياة أفضل، (ربما التقاط شاشة للخريطة الذهنية يُبقيها حيّة في ذهنك. فتتذكر أنك قد قررت التوازن).

خريطة ذهنية للتوازن بين الحياة الشخصية والعمل صممتها بواسطة كانفا

أولًا: تحديد الوقت

1. تخصيص وقت للعائلة:

للحفاظ على العلاقة الأسرية رغم ظروف العمل القاسية، يجدر بنا إيجاد وقت تجتمع فيه الإسرة، ويجب علينا حمايته من اللصوص (كالهاتف، الاتباطات خارج العائلة). إن اجتماع الأسرة يوميًا على مائدة الطعام جيد، ولكنه لا يكفي 🤚 لا بُدَّ من جلسة أسرية ولو أسبوعية تكون للأسرة وبالأسرة فقط -تطرحُ أثناءها كل مشاغلك خارج أبواب المكان.. عش واستمتع بهم.. ومعهم-.

2. تحديد ساعات للعمل:

وهذه أهم نقطة صحية لك أنت قبل الآخرين، لا ينبغي أن تحمل هموم العمل، وأشغاله معك طول اليوم، للعمل وقته الخاص الذي ينبغي أن يكون له فقط، ثم إذا انتهى، يُغلق كل شيء حتى موعده القادم في الغد..حينما تتبنى هذه القاعدة ستحصل على:

1. ضرورة إنهاء كل أعمالك في وقتها المحدد.
2. الإنتاجية والإنجاز.. لعلمك بعدم إمكانية الترحيل إلى وقت لاحق من اليوم.
3. وقت كافٍ للقيام بأي أنشطة أخرى ضرورية أو مهمة أو تحبها، كالزيارات، ممارسة الرياضة، التنزه، ووقت الأسرة.

وربما تتساءل كيف يمكنني ذلك؟ 🤔 أكمل معي:

ثانيًا: إدارة الوقت بفعالية

وتكون بطريقتين:

1. تحديد الأولويات:

حينما تحدد الأولويات التي لا يمكن الاستغناء عنها، ستدرك كم يضيع وقتك في أشياء يمكنك الاستغناء عنها! فإما أن تحدد وقت ثانوي لعملها بدلًا من استحواذها على الوقت الأساسي، أو تُفوّض آخرين للقيام بها بدلًا عنك.

تحديد الأولويات يرسم حياتك بوضوح.. يتبقى عليك التنفيذ.

2. استخدام الجداول الزمنية والخطط:

بعدما تعرف أولويات يومك وثانويّاته، أرسم جداولًا زمنية أو خططًا لتنفيذها، تساعدك الخطط الزمنية في إدارة حياتك بشكل كبير؛ إنها طريقة جيدة تمكنك من رؤية وقتك.. إن صحّ التعبير.

إن كنت بحاجة لجداول أو خطط أو أجندة جاهزة، فهي متوفرة بشكل كبير وأشكال متعددة عبر الانترنت، أو في المكتبات، بإمكانك الاطّلاع عليها واختيار ما يناسبك. وقد وضعت لنفسي أجندة صممتها بشكل مبسّط جدًا وحسب احتياجي، وهي مجانية يمكنك طباعتها لنفسك. في الحقيقة أن كل بناتي أُعجبن بها وطلبنها مني أيضًا، فطبعتها لهن ولصديقاتهن.. كم يسعدني حينما تأتي صغيرتي في اليوم التالي لتُريني أنها أنهت مهام الأمس 😍، وكذا وصلتني أصداء جميلة عنها عبر منصة إكس. ربما تفيدك أنت أيضًا.

ثالثًا: الاسترخاء والعناية بالنفس

مع كل هذه المهام (مهام الأسرة والعمل) لا ننسى أنفسنا وسط الزحام..

فممارسة الرياضة بانتظام، يعني صحة أفضل ⬅️ سعادة وصفاء ذهني وقدرة على التفكير ⬅️ إنتاجية أفضل ⬅️ حياة أفضل.

وأخذ إجازات منتظمة هي كل ما تحتاجه.. لا تنسَ حاجة روحك إلى إجازة من العمل! إنها الربيع السنوي الذي يُنشّط روحك وصحتك، بعد عناء وتعب أشهر متواصلة.. تأتي الإجازة لتُريح جسدك المنهك، وعقلك المُثقل.. المهم أن لا تستحضر مهام العمل معك إلى الإجازة 🙃 وإن كان بإمكانك أن تقضي أيامًا منها في السفر أو تغيير المكان للاستجمام، فأنت هكذا تكون أخذت إجازة بالفعل.. إن مجرد الترتيب لها سعادة.. وترتيب للحياة.

في الختام.. أشكرك حيث وصلت معي إلى هنا.. أرجو أن أكون قد وفقت في إشعال شمعة في طريقك نحو التوازن بين الحياة الشخصية والعمل.. يمكنك مشاركة العدد مأجورًا لمن ترى أنه بحاجة لشيء من التذكير.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته