هل يؤرقك الشعور بمتلازمة المحتال؟ لا تقلق.. إليك الحل الناجع.

بواسطة مريم الهاجري #العدد 43 عرض في المتصفح
يا رب لُطفك بعبادك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

صباحكم مشرق بنور الله وذكره ☀️

هل مر عليك شعورٌ أنك البطل الفولاذي، ذو الإنجازات والنجاحات الخارقة؟ هل تذكر تلك الدقائق والساعات، بل الأيام والشهور والسنوات التي قضيتها في نصبٍ وسهر لأجل تحقيق هذا النجاح وإحراز ذاك التميّز؟ هل ترى أن النجاح الذي نلته مكافئًا للمجهود الذي بذلته؟ إذًا دعني أُبارك لك وأُشاركك فرحة النجاح.. أنت في الطريق السليم 👏

على الضفة الأخرى من الشعور.. تمر بك لحظات تشعر معها أن النجاح الذي حققته لا يوازي التعب الذي بذلته 😒 أو أنك لا تستحق كل هذا الثناء، لأنك ترى أن ما أحرزته كان نجاحًا عاديًا، أو أمرًا يجب على مثلك فعله، أو حقٌ للمجتمع والآخرين يجب عليك بذله، أو أنك ترى أنك أقل مما يتوقعه منك الآخرون أو عنك! مع أنك باذلٌ مكافح؛ لدرجة تشعر حينها بأنك مخادع، وتخشى انكشاف حقيقتك 😯

صورة معبرة عن الشعور بمتلازمة المحتال من بنترست

صورة معبرة عن الشعور بمتلازمة المحتال من بنترست

توقف لحظة عن غيهب التفكير هذا، ودعني أسألك.. ما هي الحقيقة التي تخشى انكشافها؟ هل هي تعبك وجهدك، هل هي مثابرتك وكفاحك.. دموعك وقصتك التي نقشتَها على جدار الزمن! لماذا تنخفض عندك قيمة الاستحقاق على شيءٍ قد بذلته! إذا كنت تبذل الوقت والجهد والتفكير، وأحيانًا الصحة والمرح، إذا كنت تعمل وتكافح.. ألا تستحق أجرًا على ذلك سواءً كان ماديًا أو معنويًا.. لماذا ترفض حتى الثناء.. أو مجرد الشعور بأنك ناجح؟!

لعلك لا تعلم أن ما تمر به من هذه المشاعر الحزينة يقاسمك به ثلثي البشر.. إذن لا تقلق 🙃 ولا تُطفئ النور عن رؤية نجاحاتك، إذ أن ما يقرب من 25-30% من الناجحين والمميزين مصابون بمتلازمة المحتال! و70% من البالغين قد مروا بهذا الشعور ولو لمرة واحدة في حياتهم.. لذلك أبشر.. فليس الأمر كما تخاف.

ولعلك تتساءل ماهي متلازمة المحتال التي ربما شعرت بها يومًا؟

إنها ظاهرة نفسية لا يستطيع فيها الناس استيعاب إنجازاتهم، بمعنى أنك تشك في إنجازاتك وتقلل منها، وتخشى أن تكون منافقًا محتالًا. وأول من استعمل هذا المصطلح هي طبيبة الصحة النفسية د. بولين كلانس، ود. سوزان آيمس في عام 1978.

وكما ذكرت آنفًا لا تقلق.. لأنك لست وحدك! بل يُشاركك هذا الشعور خلقٌ كثير. فـ آينشتاين على سبيل المثال يصف نفسه بأنه "محتال لا إرادي" لأنه يرى أن عمله لا يستحق كل هذا الاهتمام! وغيره الكثير.. 

والآن لنعرف أكثر..

ما هي الشخصيات المعرّضة للإصابة بمتلازمة المحتال؟

قد يتعرض أي شخص للإصابة بمتلازمة المحتال في أوقات خاصة وتحت ظروف خاصة، ولكن هناك أنماط معينة من الشخصيات هم الأكثر عرضة للإصابة بها:

1. الباحث عن الكمال:

هؤلاء الأشخاص يُكلّفون أنفسهم ما لا تُطيق في سبيل الحصول على الكمال حتى لو كان ذلك مستحيلًا في الواقع، وهذا ما يدفعهم إلى التركيز على إخفاقاتهم مهما كانت بسيطة، بدلًا من الاحتفاء بإنجازاتهم مهما كانت عظيمة.

2. متعدد المهام:

يعتقد هؤلاء أن لديهم القدرة على القيام بمهام متعددة في نفس الوقت، وإنجازها بكفاءة، وعند اصطدامهم بالواقع، ومع أول تقصير، يشعرون بأنهم مخادعون ويبدؤون في لوم أنفسهم.

3. الاستقلاليون:

لا يُحبذ هذا النوع التفويض في المهام مهما كانت بسيطة أو غير مهمة، ويميلون إلى القيام بكل المهام، وعدم طلب العون من الآخرين، وعند العجز عن الأداء الكامل لجميع المهام، يشعرون بالتقصير وعدم الكفاءة، مما يُورثهم الشعور بأنهم مخادعون.

4. الخبراء:

يربط هؤلاء النجاح بالإلمام بكل شيء، ولا يقبلون من أنفسهم أقل من ذلك، ويُعزّز شعورهم بمتلازمة المحتال عدم معرفتهم ببعض الأمور سواءً في مجالهم أو غيره، مما يضطرهم إلى الاجتهاد أكثر وأكثر أو يُداهمهم هذا الشعور: أنهم مخادعون!

هل مر بك شعور أي من الأنماط السابقة؟ هل ترغب في معرفة المزيد؟ دعني أفصّل لك قليلًا..

علامات تدل على الشعور بمتلازمة المحتال:

  1. إجهاد النفس بالعمل للتغلب على الشعور بعدم الكفاءة.
  2. استصغار المرء لقدراته أو مهاراته، وعدم رؤيتها على حقيقتها.
  3. عدم الثقة بالذات عند الحديث عن الإنجازات أو المساهمات.
  4. السعي نحو الكمال.. فإما أن يُنجز تمامًا وبنجاحٍ منقطع النظير، أو أنه فاشل.
  5. الشعور بالذنب وأنه مخادع للأشخاص الذين يرون تميزه وقدرته ومهاراته.
  6. الشعور بأنه أقل من الآخرين علمًا ومعرفة.
  7. الشعور بأن الآخرين يبالغون في توقعاتهم الإيجابية عنه.
  8. الشعور بأن نجاحاته التي حققها لم تكن -بعد توفيق الله- بسبب اجتهاده ومهاراته وذكاءه، وإنما كان للصدفة أو للآخرين دورٌ في ذلك.
  9. الشعور بعدم الاستحقاق للمكانة أو الثناء التي يحصل عليها بسبب اجتهاده ومهاراته.
  10. الشعور بالتوتر ورفض مدح وثناء الآخرين عليه وإعجابهم بأعماله.
  11. الخوف من الفشل، أو الاستبعاد، أو أن يُخالف توقعات الآخرين عنه فتتغير نظرتهم له في حال عدم الإنجاز.

وعند الاستغراق أكثر في الشعور بمتلازمة المحتال وعدم معالجتها قد يترتب على ذلك بعض المضاعفات مثل:

  1. التسويف، وتأجيل البدء بالأعمال أو المهام حتى اللحظات الأخيرة، مما يضاعف الشعور بالألم لضرورة الإنجاز في الوقت المحدد.
  2. الاستغراق أكثر مما ينبغي في إنجاز ومراجعة الأعمال، مما يفقده الشعور بلذة النجاح عند الانتهاء.
  3. ازدياد التوتر واستمراره قد يكون عاملًا مساعدًا للإصابة بالاكتئاب.

والمفارقة، أن العديد ممن يُعانون من متلازمة المحتال، هم ناجحون فعلًا، وتنال إنجازاتهم إعجاب الآخرين وثناؤهم، وما من سبب واقعي يستدعي شعورهم بالاحتيال أو أنهم غير أكفاء، أومعاناتهم التي أوجدوا أنفسهم فيها! 

وقد شخصنا المشكلة.. إذًا لنعرُج على الحل:

  1. الالتجاء إلى الله والتضرع إليه بالدعاء، فإنه لن يكون شيئًا إلا ما أذن الله به سبحانه.
  2. رؤية الواقع على حقيقته، ورؤية النجاحات التي تم تحقيقها والاحتفاء بها، وتجاهل المشاعر السلبية المرافقة لها، وعدم الاستسلام لها أو التوقف عندها.
  3. تقبل فكرة "بذل الجهد قدر المستطاع" وعدم المبالغة أو المطالبة بتأدية المهام على أكمل وجه في حال كان ذلك مستحيلًا، أو صعبًا في أفضل الأحوال. والرضا بالنتيجة بعد بذل الجهد قدر المستطاع، ومكافأة النفس على ذلك بدلًا من لومها.
  4. عدم المقارنة بالآخرين، لاختلاف الظروف والقدرات، والأعمال والمهام.
  5. التحدث عن النجاحات مع الآخرين كالأهل والأصدقاء، لاكتشاف مميزاتك ومهاراتك بدون مبالغة ولا تقليل.
  6. الخروج من منطقة الراحة عند البقاء فيها طويلًا بحجة عدم الإنجاز.
  7. الاقتصاد في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، أو تركها بالكلية إذا لزم الأمر، فالإفراط في متابعة المشاهير والمنجزين، يُورث شعورًا بالنقص والخيبة.
  8. عند تطور الحالة، يُنصح باللجوء للمختصين للمساعدة في تخطي الحالة الراهنة.

واعلم أن الشعور بمتلازمة المحتال ليس مرضًا نفسيًا، فاطمئن، لأنها حالة شعورية، يمكنك التخلص منها بتطبيق الخطوات التي تناسبك مما ذكرته أعلاه.

والآن.. دعني أسألك.. هل مرَّ بك هذا الشعور -أعني متلازمة المحتال- من قبل؟ هل تجاوزته؟ أخبرني كيف؟

وهل أفادك هذا العدد.. شاركني رأيك في التعليقات.. وإن رأيته مفيدًا.. فكرمًا منك شاركه مع الآخرين ليعم النفع.

وفي ختام هذا العدد.. سأصدقك القول أنني أشعر نوعًا ما بشيء من "متلازمة المحتال" وأني لم أُعطِ الموضوع حقه!

في حين أن الجانب الآخر من عقلي يخبرني أني قد الْتزمتُ في البحث والكتابة بأسلوبي المتّبع في النشرة، وهو تقريب المعلومة في أبسط صورة للمتلقي، بحيث يحصل على أكبر قدر من الفائدة بلا عناء.. وهأنذا استمع إلى عقلي وأُطيعُ -متوكلةً على الله- وأضغط زر النشر 🤩

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لطلب خدمات الكتابة
مشاركة
عـمـــــــــق

عـمـــــــــق

على سبيل الفضول والبحث والطموح كل اثنين ستشرق "عمــق" بها شيئًا من قناعاتي وقراءاتي وعاداتي كي نرتقي معًا

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من عـمـــــــــق