كيف تُحوّل بيتك إلى ثكنة عسكرية أيام الاختبارات؟ [اللواء الكمال قائدًا]

بواسطة مريم الهاجري #العدد 27 عرض في المتصفح
أنت تجلب السعادة، وأنت تُقصيها.. حسب مزاجك

عدد جديد بنكهة الاختبارات

بسم الله الرحمن الرحيم

في السنوات السابقة، كان موسم الاختبارات موسم كارثي بالنسبة لي، البيت أشبه بثكنة عسكرية، صراخٌ يُصوّبُ سهامهُ نحو الجنود العُزّل إلا من كتبهم، أما هم -يا ويح قلبي- فلا تسمع إلا همسا! 

وهذا أمرٌ طبيعي في بيت أي أُمٍّ تنشدُ الكمال!

صورة لساحة معركة بين قائد ومجموعة فرسان 

صورة لساحة معركة بين قائد ومجموعة فرسان 

وقد ألتمسُ العُذر لي في ذلك، لأني لا زلت أرى أن أي شخصٍ لا يُعاني عقليًا ولا جسديًا، ويعيش في بيئة متوافقة، يستطيع أن يحصل على الامتياز، أو على الأقل جيد جدًا مرتفع في معدله لو أراد. إلا بعض الحالات الفردية التي لا يُقاس عليها.
ولم أكن أرضَى بأقل من ذلك، ولهذا يُعتبر موسم الاختبارات في بيتنا موسم كارثي، عندما يصطدم طلبُ الكمال بالضجر وفقدان الدافع واللامبالاة، والنتيجة الطبيعية لهذا الاصطدام: بيتٌ متوتر، صداعٌ دائم، ضغطٌ مرتفع، وشكوى من جميع الأطراف، كلهم يشكو كلهم 😖

اهدئي أيتها الأم العزيزة 🌷

لمّا لم تعجبني النتائج الأسرية التي أوصلتنا لها حالة التوتر هذه وما يصاحبها، مما أثر على علاقتي بأبنائي، درستُ حالتي وغيّرتُ طريقتي.. وإليك بعضًا من النتائج التي حصلت عليها.

الاستعداد النفسي لمفاجأة ما بعد الاختبارات:

  1. مهما كانت النتيجة التي ستُنشر يوم الأربعاء القادم؛ علينا جميعًا تقبلها والرضا بها لأنها بأمر الله.
  2. يكفي الأبناء المخفقين، أو الذين حققوا نتائج أقل من التوقعات كُليماتٍ تُوقظُ حسّهم، كي لا يفقدوا متعة الإجازة، فهي من حقهم بعد أشهر قضوها على مقاعد الدراسة. أما المتميزون فأغرقوهم بأطنانٍ من الكلمات تقديرًا لجهودهم، والاحتفالية البسيطة التي تشعرهم بمدى فخركم، وسعادتكم بهم، احتفالية تفرحهم ككعكة منزلية، أو وجبة عشاء بسيطة بقالب جميل تكفيهم إذا ما أُطلق عليها حفلة نجاح.
  3. عيشوا أسبوع الإجازة كأن لم يسبقه تعبٌ أو غضب، ولن يعقبه تعبٌ أو همٌ. بالمختصر استمتعوا به. أنت من يجلب السعادة، وأنت تُقصيها.. حسب مزاجك.

5 أمور لفصل دراسي ناجح، وأسرة سعيدة:

  1. بعد 10 أيام تقريبًا سيبدأ الفصل الدراسي الثالث، مَن أخفق من أبناءك أو قصر، أهده بعض المديح، اكتشف معه قدراته، عاتبه على تقصيره، ساعده في رؤية هدفه، وشاركه رسم الخطة له. لا بد أن يُدرك أنه يتحمل مسؤولية دراسته وحده، أما أنت فيتقطع قلبك عليه، ولكنك لن تستطيع مساعدته ما لم يبادر هو.
  2.  لا بد أن يكون الاجتهاد، والحث على المتابعة من الأسبوع الأول، استمعوا إلى شكوى أبنائكم، أحاديثهم، حتى الممل منها، كونوا أنتم الصدور المفتوحة لهم، بعض المواقف يحتاجون فيها دعمكم وتوجيهكم، وبعضها يكفيهم أن تسمعوا منهم.
  3. عدد كبير من الطلاب لا يكره المدرسة، وإنما يكره التكليفات والتعب، لكنه لا يُفرّق بين الأمرين، بيّنوا أنها مستقبله هو يرسمه بالطريقة التي يشاء، لا مجال لأن يكون شيئًا آخر غير كونه طالبًا، بعد التخرج يستطيع أن يختار ما يريد إن كان مميًزا، أو يقبل بأي شيء إن كان دون ذلك. لا بد أن يتحمل مسؤولية نفسه في سن مبكرة وقبل العاشرة تدريجيًا.
  4. يجب أن يُدرك الأبناء الثوابت واللوازم التي لا جدال فيها من البداية. كل صباح كانت صغيرتي ذات الثمانية أعوام تبكي وتريد أن تغيب بأعذار واهية مثل فلانة تصرخ عليّ! ووو.. في وقت مناسب ذات يوم، جلست معها وبينت لها صفاتها الإيجابية وأنها أصبحت كبيرة، وقلت لها أن الغياب بدون سبب مقنع مرفوض ألبته، وإن كان ثمة أمور تزعجك في المدرسة اذكريها، لنعالج ما يمكن معالجته الآن، وما استدعى ذهابي معك للمدرسة غدًا ذهبنا لأجله سويًا، فعرضتْ عليّ موشحًا عريضًا من الأعذار التي تمت معالجتها كلها في ساعتها، وما عادت تبكي كل صباح (أدركتْ الثوابت).
  5. لا تطلبوا الكمال من أحد ولا من أنفسكم، فالكمال عدو لكل ما هو عظيم. ولكن تذكروا وذكروا أبناءكم  بقول المتنبي:

ولم أرَ في عيوب الناسِ شيئًا                       كنقصِ القادرين على التمامِ

الديوان

واشحذوا هممهم بقول أبي القاسم الشابي:

ومن لا يحبُ صعود الجبال                            يعشْ أبد الدهر بين الحُفَرْأُباركُ في الناس أهل الطموح                            ومن يستلـذُّ ركـوب الخطـرْ 

الديوان

وأفضل من ذلك كله لفت النبي الكريم صلى الله عليه وسلم إلى علو الهمة حتى في الدعاء، حيث قال فيما رواه البخاري: {فإذا سَأَلْتُمُ اللَّهَ، فاسْأَلُوهُ الفِرْدَوْسَ}. وإن كانت الجنة مطلبًا، لكنه أرشدنا لعلو الهمة بأن ندعوه أن يرزقنا أعلاها. رزقنا الله وإياكم ووالدينا الفردوس الأعلى.

كانت نشرتي هذه كخواطر أم متفائلة، عدد اليوم عدد مختلف في طريقته عن الأعداد السابقة، متفق معها في مضمونه من إدارة الذات ونشر الوعي، فإن أصبت فمن الله وحد، وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان فأستغفر الله منه وأتوب إليه.

إن رأيت العدد مفيدًا فهذا من فضل ربي علي، ولكي يتم النفع فضلًا شاركه مع الآخرين. وإن لم تكن مشتركًا وأعجبك ما أكتب فاضغط زر الاشتراك ليصلك كل جديد. وإن أحببت أن أكتب عن موضوع معين فشاركنا به في التعليقات. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لطلب الخدمات واتساب
مشاركة
عـمـــــــــق

عـمـــــــــق

على سبيل الفضول والبحث والطموح كل اثنين ستشرق "عمــق" بها شيئًا من قناعاتي وقراءاتي وعاداتي كي نرتقي معًا

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من عـمـــــــــق