عـمـــــــــق - العدد #16

بواسطة مريم الهاجري #العدد 16 عرض في المتصفح
هل تأملت قوله تعالى في الحديث القدسي: {أنا عند ظنِّ عبدي بي فليظُنَّ بي ما شاء} ومضيت في حياتك بناء على تأثير هذا الحديث في نفسك؟... إذن أنت إيجابي 

كلما تعرّفت على شيء بصورة أكبر، أتقنت مهارة التعامل معه، ووثّقتَ العلاقة معه إن كانت حميدة، أو حفظت نفسك منه إن كانت غير ذلك.

في الأعداد الماضية تعرفنا على صورة الذات، وكيفية بناء صورة ذات إيجابية.

وللاحتفاظ بذواتنا إيجابية، واثقة، مقدّرة ومتقبلة لشخصياتنا، علينا أن نبقى إيجابيين دائمًا معها، مهما تلاطمت بنا أمواج الحياة التي لا تصفو بشكل دائم لأحد، كما قال الشاعر التهامي:

طُبعتْ على كَدَرٍ وأنتَ تريدها                      صفوًا من الأقذاءِ والأكدارِوإذا رجوتَ المستحيلَ فإنما                        تبني الرجاءَ على شفيرٍ هارِ

للشعور الإيجابي تأثير قوي ومهم على الإنسان، كما يقول أليس بوتر:

التفكير الإيجابي يجعل الإنسان أكثر تحملاً وصبراً في مواجهة صعوبات الحياة، لأنه يمد الإنسان بالطاقة التي تولد القوة والثبات. كما يجعل الإنسان أكثر قدرة على بناء العلاقات مع الآخرين، والتعامل معهم بثقة في النفس، بل إن التفكير الإيجابي ضروري لتنمية الثقة بالنفس.

بالونات ملونة فوق شاطئ البحر وقت الشروق. الصورة من بنترست

بالونات ملونة فوق شاطئ البحر وقت الشروق. الصورة من بنترست

قد يعتقد البعض أن الإيجابية بشكل عام، والشعور الإيجابي إنما هما شعور فطري يتمتع به أشخاص وُلِدوا به ونشأوا عليه! نعم هذا صحيح! ويكون في أجمل حالاته، لكن من قال إنه حصري لهم ولا يمكن اكتسابه؟ إن أي شخص يمكنه اكتساب الشعور الإيجابي مثله مثل أي عادة أخرى يرغب بالتحلي بها، لأنه ناتج عن تغيير في طريقة الإنسان في التفكير. تقول الكاتبة ليندا ديمنجو في كتابها (كيف تلمع كنجم في عملك):

إن التفاؤل سلوك مكتسب، وأنت يمكنك زيادة مستوى تفاؤلك، وبمجرد أن تتخذ قرارً بتحويل نظرتك للمستقبل إلى نظرة إيجابية لأقصى حد، فعندها تفتح أمامك أبواب فرص لم تكن تعرف أنها موجودة.

كما يشير د. مارتن سيلجمان عالم النفس الأمريكي في كتابه (تعلم التفاؤل) إلى أهمية التفاؤل والشعور الإيجابي بقوله:

إن المتفائل ينهض بسرعة من أي هزيمة، ثم يبدأ الكرّة بقوة من جديد، بينما يستسلم المتشائم، ويسقط في بئر الإحباط عند أول أزمة تواجهه، وينجح المتفائل بسبب مرونته في تحقيق المزيد في العمل، وفي المدرسة، وفي ميدان اللعب، كما يتمتع بصحة أفضل.

نظارة عدساتها مزينة بالورد وألوان جميلة. الصورة من بنترست

نظارة عدساتها مزينة بالورد وألوان جميلة. الصورة من بنترست

ويقول جيلبرت أوكلي في كتابه (احصل على قوة الشعور الإيجابي):

إن أهم شيء يجب تذكره أن تكون إيجابيًا في كل وقت؛ فالشعور السلبي يؤدي إلى نتائج سلبية.

دعني أسألك: هل رأيت متشائمًا حقق نجاحًا مقصودًا؟

إن الإنسان لحظة التشاؤم لا يرى الخيارات المتاحة أمامه، ويصبح تفكيره ضعيفًا لا يتسم بالعمق، بل يجلب له المشكلات. تقول يوشا بيوري:

عندما تواجهك مشكلات فاعلم أن عقلك محمل بالسلبيات.

فالإنسان المتشائم، يغيب عنه الفكر المتوازن في أحلك الظروف، مما يجعله غيرُ قادرٍ على اتخاذ قراراتٍ راشدة؛ إذ أّن التشاؤم هو أقصر الطرق للإخفاق.

ولعلك تقول: إنك تتحدثين كثيرًا عن التفاؤل والشعور الإيجابي، فكيف يحصل عليه المتشائم ذو الشعور السلبي؟

فأجيبك: أن من رحمة الله أن ذلك ممكنًا كما أسلفنا، والقرار بيدك أنت. قال تعالى في سورة الرعد: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ۗ}. لذلك توجد قواعد إن حرصت على تطبيقها مستعينًا بالله، ستتمكن من اكتساب وتنمية الشعور الإيجابي:

1.الدعاء في كل وقت وحين مع حسن الظن بالله بأنه قادر على إسعادك، وتحقيق أمانيك، وتغيير حياتك وواقعك للأفضل، تعلّق بفرج الله، موقنًا بأن من عنده يأتي الفرج، وأنه سيستجيب دعاءك ولن يردك خائبًا.

2. تعويد النفس على النظر إلى الجوانب الإيجابية في الحياة والناس، فالتركيز عليها يجعلها تكبر.

3. إيقاف الأفكار والمشاعر السلبية مباشرة عندما تخطر بالذهن، والتدرب على التخلص منها. تقول جيل ليند:

تأكد من القضاء على أية أفكار في اللاوعي مدمرة، تستهدف ذاتك وحافزك بواسطة ترديد عبارات تحفيزية على عقلك.

4. قراءة كتب النجاح، فهي تمد الناس بخلاصة تجارب وقواعد مهمة يمكن الاستنارة منها وتطبيقها.

5. مخالطة المتفائلين والبعد عن المتشائمين أمر مهم لأن المشاعر معدية. فالأصدقاء ذوو المشاعر الإيجابية يعيشونك في حقل من الطاقة الإيجابية التي تؤدي للارتياح والحماس، والعكس صحيح.

6. تبسيط الأمور بدلًا من تعقيدها، فعندما يرى الإنسان المواقف والمشكلات التي يمر بها أمورًا عاديةً يسهُل التعامل معها، سيتجنب صرف طاقاته في تكبير ما يواجهه، وبالتالي يتمكن من تجاوزه.

7.اقناع الإنسان نفسه بأنه قادر على تحقيق ما يريد -بعون الله- وهو كذلك بالفعل، فالله -عز وجل- زوده بعقل أعظم من أي شيء خارق، وفضّله على كثير مما خلق، ووهبه كنوز من الأفكار التي تفتح له آفاقًا واسعةً من الخيارات والإمكانات، التي من خلالها يتمكن من تحقيق أحلامه وطموحاته، وما ينشده في الحياة.

8. التغذية الجيدة ضرورية لتنمية الشعور الإيجابي، لأنها تمد الجسم بالقوة والصحة والنشاط التي تنعكس على الصحة النفسية وتساعد في تفتق الذهن.

إلى هنا أتممنا معًا 3 أعداد من الحديث عن صورة الذات، وكيفية بنائها، واكتساب وتنمية الشعور الإيجابي، وما كان ذلك إلا بفضل الله، فأشكرك حيث وصلت معي إلى هنا، فإن أعجبك العدد فلله الحمد، وإن رأيته مفيدًا فشاركه مع الآخرين كي نتقاسم الأجر.

وإن أحببت أن تشاركني أفكارًا أكتب عنها في تطوير الذات فتواصل معي أو اكتب في التعليقات، ولك الشكر مقدمًا.

ولاء عبد الرحمنعفاف الأحمد2 أعجبهم العدد
مشاركة
عـمـــــــــق

عـمـــــــــق

على سبيل الفضول والبحث والطموح كل اثنين ستشرق "عمــق" بها شيئًا من قناعاتي وقراءاتي وعاداتي كي نرتقي معًا

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من عـمـــــــــق