علَّمونا كيف نبدأ.. لكنهم لم يخبرونا كيف تكون النهايات! |
14 يوليو 2025 • بواسطة مريم الهاجري • #العدد 71 • عرض في المتصفح |
اللهم أدخلني مدخل صدقٍ، وأخرجني مخرج صدق
|
|
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته |
لماذا يتميز بعض الناس بالتركيز والإنجاز، في حين يُخفقُ آخرون مع أنهم يبذلون نفس الجهد وربما أكثر إلا أنه يبطئ بهم المسير؟ ومن أي الصنفين ترى نفسك؟ |
إن كنتَ من الصنف الأول فهنيئًا لك، وإن كنتَ من الصنف الثاني فهذا العدد لك. |
دعنا بادئ ذي بدء نُفكك المشكلة، لماذا تبذُل جهدًا مضاعفًا مدروسًا ومُخططًا له، ولا تحصل على نتائج تليق به أو تُكافئه! لا بُد أن عواملَ أسهمت في هذه النتائج، عوامل لم تخضع للتخطيط والدراسة التي أخضعتَ لها عملك أو مشروعك.. عوامل نفسية أو بيئية، وفي هذا العدد سأتحدث معك عن عاملين لهما أثر كبير في حياتنا، بدءًا من تفكيرنا وقراراتنا، مرورًا بيومياتنا، وصولًا للنتائج التي نحصل عليها. |
![]() صورة معدّلة بالذكاء الاصطناعي من بنترست في إشارة للفوضى والتشتت |
الأول: الملفات المفتوحة: |
تسهم كثرة الملفات المفتوحة في إبطاء عمليات التفكير والتركيز والإنجاز، أيًّا كانت هذه الملفات؛ عملية دراسية، صحية، اجتماعية، أُسرية، نفسية، شخصية... إلخ. وللتوضيح أكثر، تخيل أنك تقف أمام مكتب عليه عشر ملفات كلها مفتوحة، كلها تحتوي أعمالًا تتطلب أن تُنهيها، أنت لست ملزمًا بوقتٍ محدد، ولكن يجب عليك أن تُنهي بعضها خلال شهر، وبعضها في شهرين، وبعضها ترى أنه لا بأس أن تستغرق وقتًا أكثر. |
في هذه الأثناء، يُقدّم لك ملفٌ جديد لتُنهيه، فأردتَ أن تضعه على المكتب لتفتحه وتطّلع على ما فيه، إلا أن سطح المكتب مليء بالملفات المفتوحة قبله، ولا مكان لفتح الملف والعمل عليه إلا واقفًا.. فكيف سيكون تركيزك وإنجازك؟! |
وكذا عقلك.. فمساحة عقلك لا تتسع لكل الملفات المفتوحة فيه والجديدة! لذلك، بين فينةٍ وأخرى، لا بُد أن تُراجع الملفات المفتوحة وتعمل على إغلاقها: أعمال واجتماعات، علاقات اجتماعية وزيارات، ملفات للصحة والأسرة، مواعيد مستشفى وعلاجات.. إلخ. ربما لا تشعر بأهمية وتأثير هذه الملفات لبساطتها أو تفاهتها -في نظرك- ولكنها تحتل مساحة لا بأس بها من عقلك، وبالتالي تمنعه من التركيز وجودة التفكير بقدر ما تشْغل منه، فهذه الملفات المفتوحة هي بؤرة للتشتت الذهني الذي يُعاني منه الكثير دون أن يدركوا السبب! |
الثاني: (النهايات اللائقة) CLOSURE: |
تتفاوت الحاجة لإغلاق الملفات المفتوحة بحسب تأثيرها علينا، ومن هذه الملفات المفتوحة، ملفات يجب أن تُغلق نهائيًا، ولكننا لأسباب عاطفية نُبقيها مفتوحة، وهو ما لا يجب أن يكون.. بل لا بُد أن تُغلق وتنتهي علاقتنا العاطفية بها نهاية لائقة، عليها من ثياب المهابة ما يسمح لنا بإغلاقها وتجاوزها تمامًا، وهو ما يقوم به العلاج النفسي فيما يُعرف بـ (النهايات اللائقة) CLOSURE ، ولأهميته وعظم تأثيره أفردته في الحديث عن العامل الأول. |
فمثلًا عند الوفاة، يحرص أحبة المتوفى والمقربون منه على رؤيته قبل الدفن "اللقاء الأخير.. وآخر نظرة كما يطلقون عليها" وهذا إغلاق صحي، ونهاية لائقة تكتسي بالمهابة، تسمح لنا بأن نتخلص من مشاعر الحزن العنيفة وآثارها طويلة الأمد بسبب التعلق بالمُتوفّى [وهو ما لم أفعله، بل رفضته رفضًا قاطعًا، ولذلك أقمتُ كثيرًا أنتظر مجيء خالتي، حتى إذا ما جاء التوقيت السنوي لمجيئها إلينا.. ولم يذكر أحدًا موعدًا لقدومها بكيت كثيرًا وكأنها للتو ماتت!] لقد كنتُ عالقةً في شباك الوهم التي أطبقت عليّ بذكراها. |
وكذا حين تنتهي علاقة بطريقة لا نُحبها، أو لم نكن نتوقعها، فإننا إن لم نحرص على إنهائها نهاية صحية ولائقة فإننا سنظل نرقب عودته معتذرًا، أو مجددًا للعهد، أو على الأقل ليقُل شيئًا، أو يخبرنا بسرٍ قبل أن يتركنا مُجددًا! |
مثل هذه التجارب التي تُبقينا عالقين في شباك الماضي، تقفز إلى وعينا بين حينٍ وآخر، مثيرةً لمشاعر مختلفة في دواخلنا، تتجاذب -هذه المشاعر- بين الحزن، والغضب، والحيرة وغيرها، مما يُضعف التركيز، ويُسْهم في إيجاد قاعٍ خصبة للتشتت، دون إدراكٍ منّا أن تلك النهايات [غير اللائقة] كانت سببًا في ذلك. |
والحل هو إغلاق كل الملفات المفتوحة قدر الإمكان، سواءً كانت عملية اجتماعية، أو عاطفية نفسية، مع الحزم في اتخاذ مثل هذا القرار، بشرط أن تغلق هذه الملفات إغلاقًا صحيًّا سليمًا. |
في الختام، أحيلك لـ (النهايات اللائقة) لـ أ. محمود أبو عادي، فقد وضع فيه النقاط على الحروف، وبيّن كيف اهتم الإسلام بهذه النهايات كما يهتم بالبدايات. |
نهايات لائقة وملفات مغلقة إغلاقًا صحيّا أرجوها لكم. |
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته |
هل تتساءل عن شيء في تنمية الذات وتبحث عن إجابة شافية.. تواصل معي ربما كان ذلك نواة لعددٍ يفيد الجميع. |
تجدني هُــنـــــــــــا |
لطلب الخدمات |
التعليقات